بنفس أجواء الترقب التي يعيشها التلاميذ وأسرهم، وتعيشها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني مركزيا وجهويا وإقليميا، تنطلق في التاسع من يونيو الجاري الدورة الأولى العادية لامتحان شهادة الباكالوريا التي تدشن أولى الامتحانات الإشهادية للموسم الدراسي 2014 /2015. وتمتد أيام الامتحان إلى الحادي عشر من يونيو الجاري، لتنطلق بعد ذلك عملية التصحيح التي ستمتد هذه السنة، وكما وعد بذلك المسؤول عن مديرية التقويم بوزارة بلمختار، لعشرة أيام. على ألا يتجاوز عدد الأوراق المصححة 60 ورقة تحرير في اليوم الواحد. وتشكل ظاهرة الغش الرهان الأكبر الذي يقض مضجع وزارة السيد بلمختار، التي أطلقت في الأسابيع الماضية حملة تحسيسية وسط التلاميذ وأسرهم، وبإشراك لأطر الوزارة. وهي الحملة التي كان الكثيرون يتمنون لو أن الوزير أوفى بكل وعوده بشأنها من أجل محاربة الظاهرة بوضع آليات التشويش في كل مركز امتحان. العملية التي بررت الوزارة صعوبتها بسبب كلفتها المالية المرتفعة، ودخول جهات أخرى على الخط أهمها الفاعلون في مجال الاتصال. لذلك ستكتفي أطر المراقبة باستعمال آليات لضبط مستعملي الهواتف الذكية والحواسيب وكل الأدوات الحديثة التي أضحت تستعمل في الغش. إلى جانب تكتيف المراقبة بداخل قاعات الامتحان، وذلك بالرفع من عدد الحراس من ثلاثة إلى خمسة حراس، تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص الذي أصبح شعارا يجب أن تدافع عنه المدرسة المغربية. تقول وزارة التربية الوطنية إنها أعدت أكثر من 1500 مركز امتحان، تضم حوالي 24 ألف قاعة، لاستقبال نصف مليون مترشح. أما بالإضافة لآلات الشويش المتنقلة، فقد وفرت الوزارة أكثر من 50 ألف إطارللحراسة. كما سيسهر على تصحيح أوراق الامتحان، والتي تقدر بأكثر من 3 مليون ورقة تحرير، 40 ألف أستاذ. هذا وكانت 31 لجنة هي التي قامت بالإعداد لمواضيع امتحان شهادة الباكالوريا. والتي تضم 184 عضوا اشتغلوا لمدة 92 يوما لصياغة 165 موضوع امتحان، ومثلها من شبكات التصحيح. تعترف وزارة التربية الوطنية أن معركتها لكسب رهان باكالوريا بأقل الأضرار، لا تزال متواصلة. فبالإضافة إلى حرب الغش في قاعات الامتحان، خصوصا بواسطة وسائل الإتصال الحديثة، تطفو خلال أيام الامتحانات قضية التسريبات، ودخول صفحات الفيسبوك على الخط. تلك التي تقدم الأجوبة جاهزة للممتحنين. وقد عشنا على عهد الوزير السابق معركة حقيقية لمحاربة هذه الصفحات لدرجة أن الوزير أعطى للمصححين تعليمات بمنح صفر نقطة لكل ورقة تحرير تضمنت أجوبة من الفيسبوك. وهي العملية التي كشفت بعض الغشاشين. لكنها أضاعت على بعض المتفوقين فرصة الحصول على نقط عالية. لقد عادت صفحات الفيسبوك إلى الواجهة في الأيام التي تسبق موعد الامتحان، متوعدة بلمختار بحرب أكثر شراسة من تلك التي خاضتها ضد الوزير الوفا، والذي لا يملك أية طريقة فعالة لمحاربة صفحات الفيسبوك، التي تقدم الأجورة جاهزة للممتحنين، غير تفعيل إجراءات الشويش لمنع توفير خدمة الإنترنيت في كل مراكز الامتحان. هذا بالإضافة إلى بقية الإجراءات التقليدية والمتمثلة في منع حيازة الهاتف النقال، أو أية وسيلة إلكترونية أخرى قد تستعمل في الغش. كان لا بد أن يدخل مجلس النواب على الخط بعد أن أضحى الغش في بعض مراكز الامتحان قاعدة، وأصبح يرى فيه البعض حقا يجب أن ينتزع. لذلك وضعت الحكومة مشروع قانون جديد شرعت لجنة التعليم والثقافة والإعلام بمجلس النواب، في مناقشته. المشروع الذي يقر عددا من العقوبات ضد التلاميذ والطلبة ممارسي الغش في الامتحانات المدرسية والجامعية، ومحددا الحالات الموجبة للعقاب. وينص مشروع القانون على حالات الغش، والتي من ضمنها تبادل المعلومات كتابيا، أو شفويا، بين المرشحين داخل فضاء الامتحان، أو حيازة أي مخطوط أو وثيقة لها ارتباط بموضوع الامتحان، أو استعمال آلات أو وثائق غير مرخص بها داخل فضاء الامتحان، أو حيازة واستعمال الوسائل الإلكترونية الحديثة كيفا كان شكلها، سواء كانت مشغلة أم لا. وتهم العقوبات التأديبية، التي تطبق في حق كل المرشحين الذين ضبطوا في حالة غش، في الامتحان أثناء إجرائه، الإنذار من طرف المكلفين بالحراسة كمرحلة أولى، ثم سحب ورقة الامتحان، وتحرير محضر بذلك، كما تتخذ اللجنة التأديبية العقوبات المقررة . كما ينص المشروع على حماية المكلفين بالحراسة داخل فضاء الامتحان، أو خارجه ضد أعمال العنف أو التهديد بارتكاب جناية، وفي حالة ضبط السلطات العمومية لشبكة تتولى تسريب مواضيع الامتحان، أو المساعدة في الإجابة عليها أو المشاركة في أية عملية من عمليات الغش أو المساهمة فيها، تقوم هذه الأخيرة بعرض الملف على السلطة القضائية. وتنص المسودة، على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف درهم، كل من ارتكب غشا في إطار جماعي، لتسريب مواضيع الامتحان أو المباراة، أو إعداد الأجوبة ونقلها للمترشح. حرب الباكالوريا كما سماها الكثيرون، تنطلق اليوم في الأجواء نفسها حيث التلاميذ وأسرهم في وضع نفسي صعب. أما وزارة التربية الوطنية فتعتبر هذه المحطة مقياسا لاختبار قدرتها على ضمان نزاهة وشفافية عملية التقويم التي تحتفظ لهذه الشهادة بقيمتها العلمية. يذكر أن امتحان شهادة الباكالوريا ينطلق في دورته العادية، يوم التاسع من يونيوه ليمتد إلى 11 من الشهر نفسه. أما امتحانات الباكالوريا للمترشحين الأحرار، والامتحان الجهوي للسنة الأولى باكالوريا، فتنطلق يومي 15 و16 يونيو. في حين أن الدورة الاستدراكية تجرى يومي 1 و2 يوليوز. في حين سيكون الإعلان عن نتائج الباكالوريا في دورتها العادية، في24 من يونيو. أما نتائج الدورة الاستدراكية، فبتاريخ 18 يوليوز 2015.