يوجد ببلادنا فيلم أمريكي جديد يحمل عنوان "إكسبوزد" و هو ما يعني بالعربية "المُعرﱠض"، و يحمل بالفرنسية عنوان "سوسبيسيون" (شكوك) ، هو الفيلم الأول للمخرج دوكلان دالي الذي شارك في كتابة السيناريو أيضا ، و قد اقتسم دور البطولة فيه النجم الأمريكي كينو ريفس الذي ساهم كذلك في إنتاجه و شخص فيه دور مفتش الشرطة "سكوط" الأرمل ، و الممثلة الكوبية " آنا أرماس" في دور "إزابيل" المتزوجة بجندي أمريكي يحارب في الشرق الوسط ، و تربطها علاقة جيدة بشقيقه "روكي" و أسرته و بأمها المتزوجة برجل آخر ليس هو والدها. موازاة مع استعراض قصة هذه الشابة التي ستصبح فجأة في حالة غير عادية و حامل دون أن يعلم المشاهد من هو الشخص الذي تسبب لها في ذلك ، ستنطلق قصة ثانية تبدو في البداية غير مرتبطة بالقصة الأولى تتعلق باغتيال أحد مفتشي الشرطة الزميل و الصديق الحميم لزميله المفتش "سكوط" (كينو ريفس) الذي سيقوم رفقة إحدى زميلاته بالبحث عن المجرم الذي قتله. ستتطور قصة "إزابيل" و ستزداد محنتها حدة جراء حملها المفاجئ و الغامض، و جراء توصلها أيضا بخبر مقتل زوجها، و ستجد بعض المتنفس في طفلة صغيرة سترتبط بها بقوة و ستؤنسها طيلة النصف الثاني من الفيلم ، و هي طفلة سيكون لها دور مهم فيما سيحصل في النهاية. سيواصل المفتش "سكوط" بحثه في قضية مقتل زميله، و سيجري استنطاقات لبعض المتهمين من المواطنين السود المشكوك فيهم و الذين كانوا على علاقة بالقتيل و من بينهم شقيق زوج "إزابيل" ، و لكن رئيسه "غالبان" (الممثل كريستوفر ماك دونالد) سيحاول بإلحاح شديد أن يقنعه بالتخلي عن البحث في هذه القضية لأن زميله المقتول كان فاسدا أخلاقيا و على علاقة بمروجي المخدرات. أراد أصحاب هذا الفيلم أن يطعموا هذه القضية البوليسية بنوع من الإثارة فغيروا فجأة طبع أرملة المفتش المقتول "جانين" (الممثلة ميرا سورفينو) التي كانت تلح بشدة على إلقاء القبض على قاتل زوجها فأسقطوها بمبادرة منها بكيفية مبالغ فيها في غرام المفتش "سكوط " بمبادرة منها ، بل إنها أصبحت هي أيضا لا تحمسه على البحث في ذلك لأنها كانت تعلم بأن زوجها كان فاسدا جنسيا و أخلاقيا. لم ينقض هذا التطور الجديد من عزم المفتش "سكوط" على مواصلة البحث لمعرفة الحقيقة و للتعرف على القاتل ، و سيكتشف معطيات أخرى (من بينها خاتم ذهبي) ستوجه شكوكه لأول مرة نحو "إزابيل" ، و قبيل الاتصال بها و استنطاقها سيتعرف المشاهد على قاتل المفتش و قاتل زوج أم إزابيل أيضا، و هو نفس القاتل ، و سيتضح أن الدافع إلى القتل في القضيتين هو الاغتصاب ، اغتصاب إيزابيل في القضية الأولى و اغتصاب الطفلة الصغيرة في القضية الثانية، و سيتضح في القضيتين أن القاتل ضحية و أن القتيل مجرم. اكتشاف القاتل في النهاية يتطلب العودة إلى بداية الفيلم لإظهار لقطات تم حذفها عمدا (قطع) ، وهي لقطات تحدث في محطة "الميترو" و تفسر الوضعية النفسية المهتزة و بعض المضايقات التي كانت تعاني منها "إزابيل" طيلة مدة الفيلم دون إخبار أي أحد من أقاربها، و دون أن يفهمها المشاهد. الفيلم بوليسي و مأساوي، تستغرق مدة عرضه 102 دقيقة يتناول خلالها موضوع الانتقام من المغتصبين بطريقة سطحية و غير قانونية ، و هو عمل يشكو نقص على مستوى المعالجة و من الهشاشة على مستوى بناء الأحداث و الشخصيات ، إذ يمر مرور الكرام و بسطحية ملموسة على كل القضايا الموظفة فيه، و يقدم تفسيرات و تمويهات و حلول بسيطة وساذجة و مستهلكة سبق تناولها في أفلام أخرى أقوى و أجود منه . وطفت في هذه القصة توابل ساذجة و مستهلكة في محاولة خلق الإثارة و التشويق و في خلق الربط بين الأحداث الحبكة أيضا، كما أن السرد مشتت في الزمان و المكان بكيفية غير متقنة و غير محكمة ، مما يجعل الفيلم يتيه في مختلف الاتجاهات و التطورات الجانبية التمطيطية التي أثرت سلبا على إيقاعه و مصداقيته. تواجد الممثل المشهور كينو ريفس في هذا الفيلم الذي شارك في إنتاجه يهدف أساسا إلى استقطاب المشاهدين الذين يعشقونه، و لكن أداءه فيه كان باهتا و سطحيا و فاقد للكراريزما و للحرارة الدرامية ، و نفس الشيء بالنسبة للممثلة آنا أرماس التي كانت في أدائها سطحية و غير مقنعة و غير مؤثرة في المشاهد، ، و قد سبق لهما أن شاركا معا في فيلم آخر يحمل عنوان "كنوك كنوك" تم توزيعه خلال شهر شتنبر الماضي. فيلمهما الجديد يبدو كأنه يبحث عن أسلوب خاص به ، و لكنه لم يجده نظرا لسقوطه فيما هو مستهلك و كلاسيكي على مستوى الفكرة و المعالجة، و بالرغم من كل ما سلف ذكره من ملاحظات في حقه فإنه يمكنه أن يشد إليه انتباه المشاهد و جعله يبقى منتبها لمعرفة ما سيحصل فيه ، و لكنه ربما سيكتشف أن ما سيحصل فيه ليس في مستوى التوقعات لأن الشكوك و التمويهات و العقد و الحلول الموظفة فيه بسيطة و باردة دراميا من ناحية البناء والإخراج.