اشتعلت منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي تحديدا بالقمم الاقليمية والعربية والدولية في وقت وجيز جدا، إذ بعد انعقاد القمة الخليجية ذات الطبيعة الاقليمية وقمة الدوحة العربية وقمة شرم الشيخ ذات التوجه الدولي، ينتظر أن تعقد القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية أشغالها صباح أمس بالعاصمة الكويتية. وتزامنت القمم وتزاحمت بعد ما بقي الجميع ولفترة طويلة امتدت إلى ثلاثة أسابيع يتفرج على ما كانت آلة الدمار الشامل تمارسه من محارق ومجازر في حق الشعب الفلسطيني في غزة. وبدا باستثناء قمة الكويت أن الموضوع تحول إلى ما يشبه تنافسا حادا بين أطراف اقليمية في الشرق الأوسط لقيادة القرار العربي. وفيما يتعلق بقمة الكويت التي تنطلق اليوم فإنها تخرج عن هذا السياق من حيث الشكل وإن كانت تلتقي مع ما سبق في الجوهر. ذلك أن قرار عقد القمة لم يكن مرتبطا بمجزرة غزة الرهيبة، لأن قرار انعقادها اتخذ قبل سنتين في العاصمة السعودية الرياض، واستغرق التحضير لها طيلة سنة كاملة، لكن من حيث الجوهر فإن القمة كان مقرر لها أن تبتعد قليلا عن السياسة وتركز بشكل شبه كامل في البحث عن معالجات للاشكاليات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية في الوطن العربي، إلا أن تزامن انعقادها مع مجزرة غزة ألقى بهذه التطورات عليها واحتلت الأوضاع في غزة صدارة اهتمام القادة العرب في هذه القمة. هي قمة قال عنها الشيخ صباح الخالد الصباح وزير الإعلام الكويتي في لقاء صحفي عقده صباح أمس «إنها غير مسبوقة في تاريخ القمم العربية»، وهي كذلك فعلا إذ يهتدي القادة العرب لأول مرة إلى عقد قمة تهتم بقضايا المواطن العربي في شتى مناحي الحياة. ولهذا الغرض تكثفت الندوات طيلة الأربعة أيام الماضية والتي أطرها خبراء عرب وأجانب وبحثت في قضايا كثيرة جدا تهم مجالات التعليم ومحاربة الفقر والصحة والهجرة والشباب والبيئة وغيرها كثير. وإلى ذلك علم أمس في الكويت أن 17 من القادة العرب أعلنوا عن حضورهم الشخصي لهذه القمة بيد أن الخمس دول عربية أخرى سيرأس وفودها شخصيات رسمية بارزة جدا، وقد مهد وزراء الخارجية العرب لهذه القمة باجتماع تحضيري تم الاتفاق خلاله ودون عناء يذكر على مشروع البيان الختامي والتوصيات، وعلمت «العلم» من مصادر وثيقة الإطلاع أن القمة ستعلن عن تخصيص ملياري دولار أمريكي لإعادة إعمار ما دمرته الآلة العسكرية الصهيونية الوحشية في غزة، وأن المشاورات كانت إلى حدود أمس لاتزال جارية حول كيفية صرف هذا المبلغ وقد تكون صيغة إنشاء صندوق عربي لدعم غزة أفضل آلية لذلك. نشير من جهة أخرى إلى أن الندوات التي سبقت القمة شارك فيها مسؤولون عرب خصوصا من الوزراء في القطاعات المرتبطة بالتنمية والنهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصاد والمالية، وخبراء ورجال أعمال ومستثمرون ومؤسسات مالية واقتصادية عربية، كل هؤلاء بحثوا خلال أيام سبل تحقيق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية كما تدارسوا تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاديات العربية. وقد توجه الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي أمس إلى الكويت على رأس وفد مغربي لتمثيل المغرب في القمة العربية الاقتصادية بالكويت.