يترقب المغرب ومعه الجزائر وجبهة البوليساريو، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة والذي سيقدمه أمام مجلس الأمن الدولي، تأجيل تقديم التقرير من طرف مجلس الأمن، يؤشر على الأزمة الكبيرة التي تواجهها قضية الصحراء المغربية في دهاليز الأممالمتحدة، فالتوتر الحالي غير مسبوق ويؤشر على مخاوف جدية بخصوص هذا الملف الذي عمر طويلا في منظمة الأممالمتحدة. تأجيل الإستماع لتقرير الأمين العام، يضعنا أمام إحتمالات متعددة منها: أولا: أن عددا من الدول، وخاصة فرنسا تسعى إلى التخفيف من حدة التقرير، الذي يأتي هذه السنة على خلفية المواجهة المفتوحة بين المغرب وبان كي مون على خلفية زيارة الأخيرة للمخيمات وبئر لحلو، والتصريحات التي أدلى بها خلال تلك الزيارة، علما أن المتحدث الرسمي باسم كي مون، كشف بأن المغرب لن يطلع مسبقا -كما جرت العادة- على التقرير قبل تقديمه لمجلس الأمن، لهذا يمكن أن تلعب فرنسا دورا أساسيا في عدم، إنعكاس التوتر الأخير على تقرير الأمين العام، وبصفة خاصة، تضمينه مقترحات جديدة، أو العودة إلى تنشيط مسارات الإستفتاء وإسقاط الحل المغربي المتمثل في الحكم الذاتي. ثانيا: قد ينطوي التأجيل على رغبة أعضاء مجلس الأمن في عدم تحويل المواجهة بين المغرب وبان كي مون، إلى مواجهة مع مجلس الأمن، خاصة أن هذا الأخير مطالب في نهاية الشهر الجاري -كموعد سنوي- تحديد مصير (المينورسو)، حيث كان مجلس الأمن يجدد بصفة الية ولاية البعثة الأممية. هنا بالضبط يقع خط التماس بين المغرب ومجلس الأمن، فالقرارات التي إتخذها المغرب على خلفية المواجهة مع كي مون، كان من أبرزها، تقليص المكون المدني في بعثة (المينورسو)، علما أن هذا المكون هو ما يشكل جوهر مهمة بعثة (MINURSO) والتي ليست سوى (Mission des Nations Unies pour l'organisation d'un référendum au sahara occidental )، أي ( بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية)، ويعتبر المكون المدني هو المسؤول عن كل الجوانب المرتبطة بتنظيم الإستفتاء وفق قرار مجلس الأمن رقم 690 المؤرخ في أبريل 1991، وفقا لمقترحات التسوية التي قبلتها الأطراف في 30 غشت 1988، حيث تؤكد البعثة في موقعها على الانترنت على ما يلي : (نصت خطة التنفيذ التي طرحها الأمين العام واعتمدها مجلس الأمن، على فترة انتقالية يكون للممثل الخاص للأمين العام فيها المسؤولية المنفردة والخالصة على كل المسائل المتعلقة بالاستفتاء، والذي سيختار فيه شعب الصحراء الغربية بين الاستقلال والاندماج مع المغرب. ويساعد الممثل الخاص في مهامه نائب الممثل الخاص ومجموعة متكاملة من موظفي الأممالمتحدة المدنيين والعسكريين والشرطة المدنية وتعرف باسم مهمة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية...وفي حين أن تنظيم الاستفتاء لم يكن ممكنا حتى الآن، جرت متابعة المتطلبات الأخرى في أثناء الولاية بنجاح. وتواصل البعثة لأداء المهام التالية: مراقبة وقف إطلاق النار؛الحد من خطر الألغام والذخائر غير المنفجرة؛دعم تدابير بناء الثقة). هنا تطرح صعوبة الموقف المغربي، فرغم أن المغرب أكد استعداده للتعاون بعد الطلب الذي تقدم به مجلس الأمن في صيغة بلاغ إخباري، و ما عبر عنه أيضا عدد من أعضاء مجلس الأمن، من رغبة في إستئناف بعثة الأممالمتحدة لمهامها كاملة، بما في ذلك عودة المكون المدني. المغرب عندما خص المكون المدني بقرارات قوية، كان يسعى إلى التأكيد على امرين رئيسيين، الأول: هو رفضه المطلق العودة إلى خطة التسوية القائمة على الاستفتاء، والثاني: هو الاعتراض الكلي على تعديل مهام البعثة الأممية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، كما تطالب بذلك جبهة البوليساريو والجزائروالولاياتالمتحدة، وهو ما يشكل في الواقع قناعة لدى الأمين العام للأمم المتحدة، فهل يصمد المغرب في مواجهة الضغط الذي يواجهه في مجلس الأمن؟ في إعتقادي أن المغرب، نجح إلى حد ما في عزل بأن كي مون، وهو ما سينعكس على تعاطي مجلس الأمن مع تقريره، ولعل تأخير الإستماع للتقرير، هو في أحد جوانبه، إقرار من مجلس الأمن أن تقرير هذه السنة مختل وغير متوازن، لأنه كتب على خلفية توتر معلن بين كي مون والمغرب، لهذا تنشط اللقاءات الثنائية في كواليس الأممالمتحدة، للتعامل مع وضعية غير مسبوقة، لكن رغم ذلك فإن المغرب مطالب بتراجع تكتيكي حتى لا يحول المواجهة بينه وبين الأمين العام إلى مواجهة مع مجلس الأمن، بشكل يضعف جهود فرنسا بصفة خاصة، لهذا أتوقع أن يقدم المغرب على تراجع جزئي فيما يخص موقفه من المكون المدني لبعثة الأممالمتحدة، في مقابل دعم إسقاط مشروع الحكم الذاتي كأرضية جيدة وذات مصداقية للتفاوض، وعدم بعث الروح في مخطط الإستفتاء وبالطبع عدم توسيع مهام البعثة الأممية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. هناك حديث عن مقترحات جديدة تتعلق بالكونفدرالية أو الفيدرالية، في إطار ما يسمى (بالارتباط الحر) بين المغرب والصحراء، وهو توجه تميل له بريطانياوالولاياتالمتحدةالامريكية، في إستنساخ لتجارب الكومنولت و تجربة بورتو ريكو مع الولاياتالمتحدةالامريكية..شخصيا أعتبر الامر مستبعدا أن يكون ضمن قرار مجلس الأمن، علما أنه من الممكن ان يأتي في تقرير الأمين العام، ببساطة لأنه من الصعب في ظل الأجواء الحالية تقديم مقترحات جديدة، وبصفة خاصة في نهاية ولاية الأمين العام الحالي.