لن نتعب في البحث عن مبررات موضوعية لقرار الحكومة المغربية القاضي بالاعتذار عن استضافة القمة العربية التي كان مزمعا تنظيمها بعد أقل من شهرين من الآن، فهي كثيرة وواضحة وفي متناول أي تحليل موضوعي. من حيث الشكل فجميع القمم العربية التي انعقدت خلال السنوات القليلة الماضية لم تمثل غير فرصة سانحة لالتقاط صور تذكارية بين القادة العرب، بيد أنها خلت من أية قرارات تبرر انعقادها وتتجاوب مع انتظارات الشعوب العربية. لقد انتهى زمن القمم العربية التي كانت تخلص إلى قرارات هامة أعطت للعالم العربي موقعا متقدما في خريطة العلاقات الدولية، وجاء زمن القمم التي تنتهي قبل أن تنعقد ولم تعد تحظى بأي تقدير أو احترام من طرف الشعوب العربية قاطبة. من حيث المضمون فإن الأوضاع العربية الراهنة الجد متردية وغير المسبوقة في التاريخ العربي القديم والحديث وتباين مواقف الأنظمة العربية منها ينذر بأن تمثل القمة العربية التي كان منتظرا تنظيمها في مراكش الفرصة التي يتيحها الزمن السياسي العربي لتعميق الأزمة والزيادة في استفحالها، وقد يصل الأمر إلى تفجير أكثر خطورة. والمغرب غير مستعد أن يسجل التاريخ أنه كان السبب أو الساحة التي وقع فيها ما وقع ولا اللحظة السياسية التي أتاحت ما وقع. من منا لا يعلم بتفاصيل الوضع العربي الرديء؟ ومن منا يجهل التباينات الخطيرة بين الدول العربية في مثل هذه الظروف الدقيقة؟ هل نستدل بالموقف من الأزمات والحروب الطاحنة الدائرة في العديد من البلاد العربية، في سوريا كما في ليبيا كما في اليمن كما في العراق؟ هل نتحجج بالأزمات المشتعلة ما بين أقطار عربية كثيرة من المغرب والجزائر، إلى السعودية ولبنان، إلى السعودية واليمن، وغير ذلك كثير؟ طبعا فراغ القمم العربية من محتواها الحقيقي مبرره الضعف الكبير الذي أصبح عليه موقع العالم العربي في خريطة العلاقات الدولية الراهنة، بحيث أصبح الوضع العربي خاضعا وراضخا للمؤثرات الخارحجة، طيعا لها وأمامها، وفي ضوء ذلك يصعب التصديق بأن القادة العرب قادرين حاليا على التمرد على هذه الحقيقة الثابثة. والشعب المغربي لا يقبل أن يحتضن لحظة تجسيد هذا الخنوع. لذلك كله وغيره كثير فإن قرار الاعتذار عن استضافة القمة العربية كان قرارا صائبا.