صدر حديثا للكاتب محمد أديب السلاوي كتاب جديد بعنوان "المشهد التشكيلي بالمغرب..البحث عن مدرسة بصرية حداثية"، وذلك عن مؤسسة محمد أديب السلاوي للدراسات والأبحاث. وفي مقدمة الكتاب، الذي صدر ضمن إصدارات أمنية للإبداع الفني والتواصل الأدبي (السلسلة النقدية 38)، يقول المدير المسؤول لدار النشر الدكتور ندير عبد اللطيف: إن خاصية هذا الكتاب أنه "استطاع أن يراكم في فهرسته ثلاثة عشرة لوحة، كل لوحة تختلف عن الأخرى من حيث المعالجة والمناولة والتحديد، ليكون ذا فائدة لكل من يرغب في معرفة خبايا وأسرار مشهدنا الفني الصباغي ومنجزنا التشكيلي، لأنه يتضمن إضافات كثيرة، ويفي بالإفادة والاكتشاف". ويضيف الدكتور ندير، في المقدمة المعنونة ب "المدرسة النقدية للتشكيل عند محمد أديب السلاوي"، أن المؤلف "تناول بالدراسة والتحليل مجموعة من القضايا والمواضيع المختلفة في النقد والإبداع والمنهج، ورصد بدقة بعض التجارب التشكيلية التي بصمت حضورها بأعمال رائدة، وتصورات دقيقة، وخصوصيات ثابتة"، وذلك "دون أن يغفل امتدادات المنجز التشكيلي المغربي في مبتدئه وامتداداته المتعددة والمتنوعة، ليرسم آفاقه، ويحلل ويؤول رموزه التراثية انطلاقا من تجذره في كيان مجتمعنا المغربي". وفي فاتحة الكتاب، يقول محمد أديب السلاوي "في هذا الكراس محاولة لتقريب الوضعية التشكيلية المغربية إلى تاريخنا الإبداعي بإضاءات تنير مسارات الأجيال التشكيلية المتلاحقة"، موضحا أنها "إضاءات لا تركز فقط على التمازج الثقافي الذي ألحت عليه الإبداعات المترابطة، ولكنها تذهب أبعد من ذلك، إلى ما قامت به هذه المسارات من أجل إحداث التوازنات الضرورية بين كل المفاهيم التشكيلية الكونية المختلفة على الساحة الإبداعية المغربية". ويضيف المؤلف أن "هذه الإضاءات لا تحاول فقط متابعة مسار الحركة التشكيلية المغربية، من خلال تموجاتها الإبداعية والثقافية، ولكن تحاول أيضا من خلال أسئلتها على الركح الثقافي بالمغرب الراهن، تفكيك المشهد التشكيلي بالمغرب لإعادة تركيبه وفق علاقاته بالحركات الفكرية الداعية إلى الحداثة". ويتضمن الكتاب ثلاثة عشرة لوحة أولها حول "الموقف التشكيلي بالمغرب" الذي يخلص المؤلف من خلاله إلى أنه "يرتكز على التراث، باعتباره النبع الوارد لأصالتنا الفنية والحضارية"، والذي من خلاله "استطاع العديد من الفنانين التزام الموقف الاجتماعي والسياسي والثقافي وتأكيد الحضور الوطني كمبدعين أولا، ثم كفنانين ثانيا وأخيرا". وتتمحور اللوحة الثانية في الكتاب حول "التشكيل المغربي..ملامح النشوء والارتقاء"، خاصة مع انخراط التشكيل المغربي في موجة التشكيل العالمي بعد إنشاء مدرسة الفنون الجميلة بتطوان (أربعينيات القرن الماضي). واستعرض المؤلف في لوحته الثالثة المعنونة ب"انطلاقة وآفاق الفن التشكيلي بالمغرب" تطور هذا الفن انطلاقا من الحضارات القديمة والفنون الإسلامية، والمدارس الفنية ما بين 1930 و1960، فلوحات الرسام محمد بن علي الرباطي بطنجة وتأسيس مدرسة للفن التشكيلي الحديث بتطوان (المعهد الوطني للفنون الجميلة) وإعداد ماجوريل في مراكش لجيل الفطريين وصولا إلى التطور المتصاعد الذي عرفه الفن التشكيلي بالمغرب بعد استقلال المغرب. أما اللوحات الأخرى التي تضمنها الكتاب فهي موسومة، على التوالي، ب"الحركة التشكيلية المغربية..البداية والامتداد"، و"التشكيل المغربي من فوضى الإبداع ...إلى متاهة النقد"، و"النقد والحركة التشكيلية...أية علاقة"، و"مناهج التربية التشكيلية وأسئلتها المحرجة"، و"الرموز التراثية في التشكيل المغربي بين الإبداع والحرفية"، و"التشكيل المغربي بين الهوية والمنهج"، و"الانفجار التشكيلي بالمغرب...أي علاقة بالهوية الثقافية"، و"الأجيال التشكيلية المغربية المتعاقبة من الفطرية إلى ما بعد الحداثة". وخصص محمد أديب السلاوي اللوحتين الأخيرتين من الكتاب (12 و13) على التوالي لفنانين تشكيليين موهوبين هما حسن بوهيا "الذي تعبر أعماله (...) عن بحث دائم عن التجدد داخل التعبير البصري" (ص 123)، وحسين موهوب الذي "يعزف تشكيليا أغاني وسامفونيات صاخبة" (ص 127). صدر لمحمد أديب السلاوي، على مدى خمسين سنة المنصرمة، حوالي خمسين كتابا في العديد من المجالات الفكرية والفنية والإنسانية من أدب وفن ومسرح وتشكيل وعلم اجتماع وسياسة، من بينها "ديوان المعداوي" بالاشتراك مع أحمد المجاطي وإبراهيم الجمل (الدارالبيضاء - 1965)، و"المسرح المغربي من أين وإلى أين" (دمشق - 1975)، و"أعلام المسرح المغربي الحديث" (بيروت - 1985)، ، و"تضاريس الزمن الإبداعي" (القنيطرة- 1996)، و"الأحزاب السياسية المغربية (1934-2014)" (الرباط 2015). رسم الفنان التشكيلي حسن بوهيا لوحة غلاف كتاب "المشهد التشكيلي بالمغرب...البحث عن مدرسة بصرية حداثية" الذي يعد ثالث كتاب للمؤلف ضمن إصدارات أمنية للإبداع الفني والتواصل الأدبي بعد كتابي "التشكيل بصيغة المؤنث" و"محمد أديب السلاوي..الكاتب والقضية".