مع بداية سنة 2016 زادت كمية الأخبار التي تتحدث عن قرب قيام تحالف غربي من ضمن أعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" بتكرار تدخله العسكري في ليبيا، مشابه لذلك الذي تم سنة 2001 لإسقاط نظام العقيد معمر القذافي. هذه المرة يقدم تبرير مختلف لهذا التدخل المحتمل وهو أنه ضروري لمواجهة تنظيم داعش الذي أخذ يتمدد في وسط ليبيا ويسعى للسيطرة على منطقة ما يسمى بالهلال النفطي، ويشكل في نفس الوقت وحسب فقهاء حلف "الناتو" تهديدا أمنيا لدول غرب أوروبا وإستقرار المنطقة. بجانب هذا التبرير تصدر من الحين والآخر وعبر وسائل الإعلام الدولية التي تسيطر على غالبيتها مؤسسات تعكس وجهات نظر حكوماتها أخبار وتصريحات تستبعد هذا التدخل العسكري في الوقت القريب أو تؤكد ضرورة الحصول على تفويض أممي يصبغه بالشرعية إلى غير ذلك، وهو ما يعتبره بعض المحللين عمليات تمويه. نفس وسائل الإعلام السابق ذكرها تشير إلى أن الحصول على تفويض من مجلس الأمن الدولي للتدخل العسكري في ليبيا قد يكون صعب المنال في الوقت الحاضر لأن موسكو والصين لن تسمحا بتكرار خديعة سنة 2011 والتي أتاحت للناتو التدخل، ولهذا فإن لدى واشنطن ولندن طريقا ثانية إحتياطية، وهي العمل على إجبار رئيس ما يسمى حكومة الوفاق فايز السراج على طلب تدخل خارجي حتى وإن لم يكن قد تسلم بعد منصبه بشكل رسمي وكون حكومته أو أصبحت له سلطة على أجهزة الدولة. معارضة إقليمية إذا كان أعضاء في حلف الناتو يسعون للتدخل عسكريا في ليبيا ويحاولون إنتزاع تأييد دولي وإقليمي لمشروعهم، فإن غالبية مصادر الرصد وخاصة الألمانية تشير إلى أن هناك معارضة إقليمية قوية لأية مغامرة عسكرية غربية جديدة في في هذا البلد الذي تفوق مساحته مساحة فرنسا بثلاث مرات، خاصة على ضوء الفوضى التي أفرزها التدخل سنة 2011 والتي لم تجلب المآسي للشعب الليبي وحده بل ولدت ديناميكية تخريب وشرذمة تهدد كل الشمال الأفريقي ومنطقة الساحل. محللون غربيون أشاروا إلى أن حديث واشنطن ولندن خاصة عن التدخل العسكري يكشف عن مغالطة لا يمكن تقبلها، لأنه لو كانت هذه العواصم تريد عودة الإستقرار إلى ليبيا لكانت قد مكنت الليبيين من الأدوات لتحقيق ذلك وكانت قد رفعت حظر تسليح الجيش الليبي الذي شكل تحت إشراف الحكومة الليبية الشرعية في طبرق حسب قرارت الأممالمتحدة وما يسمى بالشرعية الدولية ولتم الإفراج عن الأموال الليبية التي تعود لصندوق الإستثمار السيادي للبلاد، ولتم الضغط على الحكومة الموازية في طرابلس لإنهاء فوضى تعدد السلطات، كما كان من المفروض أن تمنع هذه القوى المتشدقة بجمل الديمقراطية والإستقرار ومحاربة الإرهاب، أجهزتها السرية وحلفاءها من مد المليشيات المختلفة في ليبيا بما فيهم داعش والقاعدة بالسلاح والمرتزقة. مخططات القوى الإستعمارية في ليبيا ظهرت واضحة منذ وقت طويل خاصة مع إصرار واشنطن ولندن على أن تظل البلاد تحت رحمة الفصل السابع مما جعلها محرومة من أموالها المجمدة في الخارج، ومحرم عليها الحصول على المساندة العسكرية في مواجهة داعش لتحرير أراضيها. محللون سياسيون ربطوا بين المعلومات المتداولة عن قرب التدخل العسكري في ليبيا بالفشل المخطط مسبقا للوساطة الأممية في تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وبعجز قوات الجيش عن تطويق الجماعات المتطرفة ودحرها، في ظل حظر السلاح المفروض عليها، مؤكدين أنه من الواضح أن مساندة الجيش الليبيي ضد داعش ليست محل بحث في العواصم الغربية، لتقتصر معركة واشنطن والأطلسي المعلنة والسرية على إمكانية نشر جنود لتحقيق أهداف تلك الدول، حيث لا تبقى أمام الليبيين سوى مخرج وحيد وهو أن يواجهوا الإرهاب والإستعمار الجديد بأنفسهم. تدمير وشرذمة المخطط الإستعماري المتجدد يذهب بعيدا فيما يخص تدمير وشرذمة ليبيا. التقارير الإعلامية تتحدث عن وصول قوة جوية خاصة بريطانية إلى قواعد في قبرص وجنوب إيطاليا، لوضع نقاط الإنطلاق الأساسية لتدخل القوات الغربية المتحالفة، وتطبيق الخطة الميدانية التي وضعها قائد أفريكوم، دافيد رودريغاز، والقائد العام لقوات المارينز الأمريكية، جوزيف فرانسيس دانفورد. وتشمل القوة حوالي 1000 جندي من سلاح المشاة البريطاني، كما تشير التقارير إلى أن إجمالي حجم القوة المشاركة قد يصل إلى 6000 جندي من مشاة البحرية الأمريكية وقوات من دول أوروبية تقودها إيطاليا وبدعم من فرنسا وربما من إسبانيا أيضا. ووفقا وسائل الإعلام نفسها فإن القوات البريطانية والفرنسية والأمريكية ستنتشر على الأراضي الليبية للتمهيد لعملية عسكرية وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات. وستتحرك مفارز من هذه القوات غربا نحو طرابلس للسيطرة عليها وتسليمها للحكومة الجديدة التي يريد المخططون الأمريكيون أن تكون كلمة الفصل فيها لتنظيمات الإسلام السياسي وفي المقدمة وحدات فجر ليبيا. أما قوات الناتو الأخرى فستتحرك إلى الشرق للسيطرة على مدينة بنغازي لنزع كل شرعية عن برلمان ليبيا في طبرق وحكومة الثني وتدمير الجيش الليبي الجديد تحت تبرير رفضه الإنصياع للسلطات الجديدة وأوامر قوات تحالف الناتو. وبحسب مراقبين، فإن الحرب في ليبيا ستشهد تغييرا نسبيا في التكتيك الأمريكي وسياستها في الشرق الأوسط، حيث ستتولى واشنطن مهمة رأس الحربة في هذه الحملة العسكرية بعد أن كانت قد أحجمت عن فعل ذلك لأسباب شتى منها عدم تكبد خسائر بشرية. ويقدر العسكريون الأمريكيون أن أخطار الساحة الليبية على جنودهم أقل كثيرا من تلك الموجودة في سوريا أو العراق. مصادر رصد أفادت أن التدخل العسكري المخطط له لا يعني أن الغربيين حريصون على الإبقاء على وحدة الأراضي الليبية، حيث أنه وبعد تحقيق الأهداف الأولية، سيشرع في تطبيق تكتيك مشابه لذلك الذي نفذ في العراق بعد احتلاله سنة 2003، أي صنع صدامات وإغتيالات وتوسيع نطاق خلافات ثم تنظيم لقاءات ومفاوضات بين مختلف الأطراف في ليبيا تحت شعارات ديمقراطية وعبرها يتم تشجيع وتغذية النزعات الإنفصالية وتسعير أي خلافات قبلية موجودة أو خلق جديدة وبهذا تتم العودة سواء إلى مشروع الدولة الفدرالية أو التقسيم إلى ثلاثة دويلات أو أكثر. تهديدات لكل الشمال الأفريقي جاء في تقرير نشر في لندن في الإيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2015: ارتفع منسوب تحذير الخبراء المغاربيين الأمنيين والعسكريين والمتخصصون في علم الإستراتيجيات من مخاطر نوايا تقسيم جديد لخارطة منطقة بلدان شمال إفريقيا ومن تداعياتها المحتملة في "إعادة رسم حدود البلدان العربية"، مشددين على أن مكافحة الظاهرة الجهادية التي استفحلت في المنطقة تستوجب تحالفا إقليميا أمنيا وعسكريا. ويقول حاتم بن سالم رئيس المعهد الإستراتيجي التونسي إن النظام العربي كان ينتهج سياسات خارجية مبنية على مبادئ دبلوماسية ومواقف بشأن القضايا الوطنية والعربية والإقليمية والدولية" ويحظى ب"مكانة أوروبية وأممية" قبل ما يسمى بالربيع العربي. ويشدد الخبير في علم الإستراتيجيات على أن انهيار عدد من أن أنظمة البلدان العربية مثل تونس وليبيا ومصر والعراق، قاد إلى "استعمال الدين إيديولوجيا وسياسيا" وإلى تغذية مخاطر عرقية ومذهبية في مسعى إلى "خلق أوضاع لا يمكن التراجع عنها" باتت تهدد كيان الأنظمة العربية ومستقبلها وتسعى إلى تقسيمها. ويرجع بن سالم تزايد مخاطر الجهاديين في عدد من البلدان المغاربية إلى استفادتهم من الأوضاع الجديدة في المنطقة العربية عامة، وهي أوضاع هشة من أبرز ملامحها "عالم عربي مشتت وضعيف ويفتقد إلى مشروع وآفاق تفتح الآمال أمام الشباب" إضافة إلى غياب آليات إقليمية ودولية كفيلة بمواجهتهم. وتأتي التحذيرات في وقت تقول فيه تقارير أمنية وعسكرية ان بلدان شمال إفريقيا باتت تواجه ست جماعات جهادية تعد من أخطر الجماعات في العالم وهي تنظيم "القاعدة في المغرب العربي الإسلامي" و"تنظيم الدولة الإسلامية" و"المرابطون" وتنظيم "أنصار الشريعة" وتنظيم "أنصار الدين في مالي" وتنظيم "بوكوحرام" في منطقة إفريقيا الوسطى. ويرى مصطفى الصايج أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ان تلك الجماعات الجهادية استفادت من الانتقال الديمقراطي من خلال تغذية الهويات الدينية واستغلال الفراغ السياسي والأمني. وفي ظل تعدد الجماعات الجهادية في منطقة شمال إفريقيا، لا يستبعد الخبراء أن تتحول المنطقة إلى "ساحة حرب" بين تلك الجماعات وخاصة بين تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وتنظيم الدولة الاسلامية وهما من أشرس التنظيمات التي تجاهد من أجل بسط سيطرتها عليها. ويستدل الخبراء على ذلك بإعلان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يقوده الجزائري عبد المالك دروكدال في بداية شهر ديسمبر 2015 انضمام كتيبة "المرابطون" التي يقودها الجزائري مختار بلمختار وهما تنظيمان يعتبران تمدد جهاديي تنظيم الدولة خطرا يهدد سطوتهما على منطقة يعتبرانها معقلا تقليديا لهما. ويتوجس تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من تمدد تنظيم الدولة الاسلامية حتى أنه بات يصنفه عدوا تجب مكافحته وقطع الطريق أمام سعي جهادييه إلى السيطرة وبسط نفوذهم على المنطقة، خاصة بعد أن اخترقوا فضاءه الجغرافي وزرعوا في كل من تونس والجزائر العشرات من الخلايا إضافة إلى أنهم أنشأوا أول تنظيم مهيكل تابع لهم في ليبيا. غير أن مختصين في الجماعات الجهادية لا يرون في تنافس تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة على بسط سيطرتهما في عدد من البلدان المغاربية سوى نوع من تقاسم الأدوار بين تنظيمين تجمعهما نفس المرجعية العقائدية ونفس الهدف الإستراتيجي. ويشدد هؤلاء على أن مختلف الجماعات الجهادية تغذت، تنظيميا وعسكريا، من تداعيات ما يسمى بالربيع العربي وهم يرجعون تزايد مخاطرها إلى ارتباطاتها بأجندات خارجية تقف وراءها قوى إقليمية ودولية تسعى إلى إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة بناء على إعادة ترتيب أولويات مصالحها الإستراتيجية. تسويق مبررات لتدخل "الناتو" مع نهاية سنة 2015 أكد اللواء علاء عز الدين، المدير الأسبق لمركز المخابرات الاستراتيجية بالقوات المسلحة المصرية، أن حديث بريطانيا وإعلامها عن اقتراب التدخل العسكري في ليبيا، يأتي ضمن محاولات تسويق مبررات للتدخل في ليبيا بواسطة حلف الناتو، وهذا يعكس الإصرار الغربي على عدم حل المشكلة وفق رغبات ورؤى الشعب الليبي وممثليه. وأضاف "عز الدين": إصرار الغرب على أن تظل ليبيا منطقة توتر يظهر بوضوح من فرض حظر التسليح على الجيش الليبي، السماح بشكل أو بآخر بمرور الإمدادات للجماعات الإرهابية هناك، والسماح لهم بتهريب البترول والاستفادة بعوائده، بالإضافة إلى توفير دعم مادي خفي لهذه الجماعات المتطرفة. وأوضح أن الغرب يسعى لفرض سيطرته على ليبيا بحجة محاربة الإرهاب، وهذا واضح من توزيع الأدوار، فأمريكا تصر على الحل السلمي وتطرح حلولا لا تتوافق مع الرؤى القومية الليبية وتفرضها عليهم، وبريطانيا تصر على العمل العسكري، وفرنسا ترجح التدخل العسكري ثم تعود لتقف إلى جانب الحل السلمي، اتفاق الدول الغربية على اعتبار ليبيا بؤرة للإرهاب، والأممالمتحدة تفرض حلولا بعيدة عن تطلعات الشعب الليبي وقادته. وأضاف المدير الأسبق لمركز المخابرات الاستراتيجية، أن الحل الحقيقي للأزمة الليبية يكمن في ضرورة تدخل شرعي عربي، عن طريق قوة عسكرية لفرض السلام هناك، وذلك بما يتيح ميثاق الأممالمتحدة للمؤسسات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي بالتدخل في الدول الموجودة في نطاقها للقضاء على أي نزاعات أو نشاطات مسلحة ضد الحكومة الشرعية. داعيا إلى تحقيق هذا الأمر في أقرب وقت ممكن حتى لا نستيقظ على وجود غربي فعلي في ليبيا يكون خنجر إستنزاف وتخريب في ظهر مصر ودول المغرب العربي التي توجد خطط لتقسيمها على أسس عرقية وقبائلية ومناطقية. قاعدة الفوضى الخلاقة مصادر رصد في غرب أوروبا وفي روسيا أشارت منذ نهاية سنة 2013 إلى أن تهديدات نشر ما يسمى بالفوضى إنطلاقا من ليبيا موجهة في مرحلة أولى بشكل أساسي نحو تونس ومصر، وأنها ستتحول لاحقا وبناء على ما تحققه من نجاح إلى بقية دول المغرب العربي. يوم الجمعة 27 نوفمبر 2015 وبعد أيام من هجوم انتحاري تبناه تنظيم "داعش" واستهدف يوم الثلاثاء 24 نوفمبر حافلة للأمن الرئاسي مما خلف مقتل 12 عنصرا وإصابة 20 آخرين، أعلن رفيق الشلي، كاتب الدولة المكلف بالأمن أن "كل" الهجمات الدامية التي حصلت في تونس عام 2015 تم التخطيط لها في ليبيا. وأكد رفيق الشلي في تصريح لإذاعة "موزاييك إف إم" الخاصة "كل شيء (..) يتم التحضير له في ليبيا، وقيادات المجموعات الإرهابية التونسية موجودة في ليبيا". وأوضح أن منفذي هجومين داميين استهدفا هذا العام متحف باردو في العاصمة تونس وفندقا في سوسة (وسط شرق) "ذهبوا إلى ليبيا وتكونوا في ليبيا ونحن نعرف أماكن ومراكز التدريب. لديهم تكوين عقائدي وتدريب عسكري". وتبنى تنظيم "داعش" هجومي باردو وسوسة على التوالي في 18 مارس و26 يونيو 2015، وتسببا في مقتل 59 سائحا أجنبيا وشرطي تونسي. وأفاد رفيق الشلي أن الجهاديين التونسيين يخرجون إلى ليبيا ثم يعودون إلى تونس "خلسة عن طريق المهربين" و"يوم تأتيهم التعليمات والسلاح يقومون بالعملية". وأشار إلى "أن هناك تحالفا بين المهربين والإرهاب" في تونس. وترتبط تونس وليبيا بحدود برية مشتركة بحوالي 500 كلم ينتشر على طولها تهريب الأسلحة والبضائع منذ سقوط نظام العقيد القذافي. بناء طوق الحصار الأمريكي تسرع واشنطن في تنفيذ مشروع التدخل في ليبيا له أبعاد أخرى. التحرك العسكري الروسي لدعم الجيش السوري بعثر مخططات الحرب المتعددة الأطراف التي يقودها البنتاغون في بلاد الشام وواشنطن التي لا ترغب في تحقيق موسكو مكاسب أخرى قررت الرد ولو في موقع آخر. مع مرور الأيام أصبح واضعوا سياسة البيت الأبيض مطاردين بهاجس أن يؤدى تحول التحالفات في المنطقة العربية إلى دعوة موسكو بالتعاون مع دول الجوار إلى تدخل عسكري سريع في ليبيا لإعادة الإستقرار وتصفية التنظيمات الإرهابية. تقارير سلمت إلى مكتب الرئيس الأمريكي أوباما شهر أكتوبر 2015 حذرت من تنامي السخط الشعبي في ليبيا وخاصة بالمناطق الغربية من الفوضى السائدة ودكتاتورية المليشيات، مما ينذر حسب التعبير الأمريكي بقلب التوازنات القائمة وترجيح كفة حكومة بنغازي وجيشها خاصة وأن مجالس القبائل الليبية وبفضل وساطات محلية وعربية تتجه للضغط على المليشيات المحلية غير المنتمية لتنظيمات الإسلام السياسي لتساند الجيش الليبي في معركته لفرض سلطته على مجموع أراضي البلاد. يوم 16 ديسمبر 2015 أعلن الفريق اول ركن خليفة حفتر قائد القوات الليبية ان قواته مستعدة للتعامل مع روسيا في مسالة محاربة الارهاب في ليبيا اذا تقدمت موسكو بطرح إقتراح حول هذه المسالة. وذكر حفتر في مؤتمر صحافي عقب لقائه رئيس بعثة الاممالمتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر في المرج يوم الاربعاء "الذي نراه بالنسبة للروس هو انهم يقومون بعمل جيد جدا ضد الارهاب ونحن مشكلتنا الأولى هي الارهاب". واضاف "من يستطيع ان يقدم دعما في هذا المجال فنحن معه، ونحن نرى ان لدى الروس اشارات تدل على انهم جادون في مقاومة الارهاب، وربما في الفترة القادمة يكون عندنا نظرة في هذا الموضوع". وتابع "اي دولة تتقدم، نحن مستعدون للتعامل معها وخاصة روسيا لاننا نرى فيها جدية". وأضاف حفتر عن اتفاق الاممالمتحدة "انا لست راض عن المسودة بالتاكيد، ولكن عدم الرضا لا يعني المقاطعة بل لدي 12 نقطة وجهناها للسيد ممثل الاممالمتحدة على اساس ان ينظر فيها". بموازاة مع عودة الثقل العسكري الروسي إلى شرق المتوسط سواء بفضل الأسطول أو القوات الجوية، شعر البنتاغون بضرورة الإسراع بإيجاد قاعدة عسكرية جديدة في القارة الأفريقية توزع اتصالاتها بين القاعدة الأم في شتوتغارت بألمانيا وبين قواعدها في جيبوتي وجنوب إيطاليا، لذا تسعى أمريكا منذ فترة إلى إنشاء قاعدة في شمال إفريقيا للربط بين قواعدها الأخرى في أوروبا، وعرضت واشنطن هذا الأمر على عدة دول إلا أن كلها رفض وغدت ليبيا بذلك إختيارا مفضلا. ويرى محللون أن ما يعرف بالاستدارة الأمريكية من الشرق الأوسط إلى آسيا وبحر الصين، ما زالت لديها فراغات تحتاج إلى استكمال، وتأمل إدارة باراك أوباما في الفترة المقبلة إلى تدارك هذه الفراغات وإنشاء مراكز جديدة "قواعد عسكرية ومراكز عسكرية تحت غطاء مكافحة للإرهاب". مسؤول رفيع بوزارة الدفاع الأمريكية، قال في تصريحات نهاية سنة 2014، إن هناك خطة جديدة تستعد الإدارة الأمريكية لتنفيذها، تتعلق بربط قواعدها العسكرية حول العالم واستخدامها كقواعد لمنع موسكو وبكين من تنفيذ مشاريعهما لتقليص النفوذ الأمريكي. موسكو هاجمت العقيدة الأمريكية الجديدة في توسيع قواعدها وربطها ببعض، ورأت أنها تهدف لَحصار روسيا، تحت غطاء محاربة الإرهاب. المتحدثة بإسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، ذكرت تعليقا على الاستراتيجة غير المعلنة لواشنطن في هذا الشأن: "نوايا الدفاع الأمريكي بتوسيع شبكة قواعدها العسكرية في جميع مناطق العالم تحت غطاء افتراضية مواجهة داعش وجماعات إرهابية أخرى، تثير قلق روسيا". ليبيا وآلام عام جديد كتبت الصحفية والكاتبة الليبية ياسمين الشيباني يوم 3 يناير 2016: حقيقة لا أريد أجترار ما حدث، ولكن دعوني كمواطنة ليبية أستقبل معكم العام الجديد بالواقع الليبي نستقبل العام الخامس الذي يأتي أيضا مع استمرار الدمار والأوجاع، والعراك، والموت واللادولة والغرب الطامع وبعض العرب الحاقدين يلعبون ويتلاعبوا بهذا الشعب الذي صدق كذبة وبات يدفع ثمنها، ليبيا تستقبل العام بثلاث حكومات الثني وبوسهمين والآن حكومة مستوردة. فقط دعوني أستقبل معكم هذا العام كعائلة ليبية جلبت لها فبراير الحرية ولكن أية حرية. حرية كانت سببا في سرقة الأمن والأمان فالأب يركض بين المصارف للحصول علي رواتبه دون طائل فهو لأكثر من 6 شهور لم ير الدينار الليبي الذي اصبح لا قيمة له. فهو يخرج من عمله للمصرف بشكل يومي، ليعود للبيت وهو يجر اذيال الخيبة، الأولاد منهم يذهب إلى المدرسة مع فوضى المناهج وتشويه الحقائق فيها. والحقيقة الآخرى والمرة أنه لا يوجد عدد كافي من المدرسين، اما من هم في الجامعة لا يغادرون البيت بسبب أن الكثير من الكليات حرقت وتم سلب معاملها وأجهزتها. عام رحل وحمل معه فقد وألم آخر يضاف إلي أربع سنين فبرايرية عجاف وأحلام لكثيرين ممن لازالوا ينتظرون خير فبراير "الخير القادم". لن تتحقق الأحلام ببساطة لأن ليبيا لم تعد تلك الدولة القوية ذات السيادة، منذ نكبة فبراير واستعانتهم بالغرب. ليبيا تستقبل العام الجديد وقوات تتسرب لأراضيها بذرائع عدة والرعاع ممن جلبوا الناتو يتناحرون علي السلطة والنفط.. ليبيا تستقبل العام 2016 ولازال المهجرين مهجرين بالداخل والخارج، ومن في السجون لازالوا يعذبون في ظلمة السجن وهمجية السجان. ليبيا تحتفل بالعام الجديد وداعش تتمدد برعاية خفية وتستولي علي مدن كاملة تعيث فيها إجراما وفسادا تذبح وتصلب. ليبيا تستقبل عام 2016 بإنهيار للقيم والمنظومة الأخلاقية والاجتماعية. ليبيا تستقبل عاما آخر من أعوام فبراير المشؤومة التي جلبت الخراب والعار لشعب كان عزيزا مهابا بقيادة حكيمة وهذه حقيقة لم ولن ينكرها حتي اعداء تلك الخيمة. ليبيا تستقبل عام 2016 وحالها من سيء للاسوأ ولم يكن تنجيم تلك العرافة إلا وهم يتلحف به النائمون والواهمون لوطن يضيع كل يوم. ولم تكن توقعاتها مدفوعة الثمن تلك إلا للضحك علي البسطاء ولعبة قذرة يلعبها الواهمون الحاقدون. تكرار تجربة العراق والصومال اعتبر السياسي الليبي أحمد قذاف الدم في تصريح له يوم 20 ديسمبر 2015 ان بلاده مقبلة على سيناريوهات شبيهة بما جرى في العراق وأفغانستان والصومال، إذا لم تتوافق الأطراف المتنازعة على "حكومة محايدة" لا توافقية. واعرب قذاف الدم، المسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبية، والمنسق السابق للعلاقات الليبية المصرية، في حوار موسع أجرته معه في القاهرة صحيفة العرب الصادرة في لندن، عن عدم تفاؤله بنجاح اتفاق الصخيرات في جلب الأمن والاستقرار إلى ليبيا. وربط قذاف الدم مستقبل بلاده بثلاثة سيناريوهات، أولها السيناريو العراقي، ويقوم على تشكيل حكومة تقطن منطقة خضراء آمنة تدار منها الدولة، وقد تكون في طرابلس أو سرت. أما السيناريو الثاني فأسماه بالأفغاني أو الصومالي، حيث يقوم تنظيم الدولة الاسلامية بالسيطرة على طرابلس، وتحتدم المعارك خلال الفترة المقبلة لتحقيق هذا الهدف. واضاف ان السيناريو هو "يجتمع كل الفرقاء الليبيين ويتوحد هدفهم حول إنقاذ الوطن، ثم عليهم أن يشكلوا حكومة محايدة تدير الوطن، ويصدر عنها عفو عام، ويخرج عشرات المعتقلين من السجون، وتتخذ خطوات فعلية لجمع السلاح وعودة النازحين". وعن المظلة الإقليمية والدولية لهذا السيناريو، قال "طرحت هذه الفكرة على مجلس الأمن ومؤتمر روما الأخير وتشاورت مع إخواني في ليبيا، وقدمت هذه المبادرة باسم جبهة النضال الوطني التي أمثل الجناح السياسي فيها، فقد عقدنا العزم على إخراج ليبيا من هذه الكارثة، وسوف ننتصر في النهاية، سياسيا وعسكريا واجتماعيا". وشدد قذاف الدم على أن هناك "حاجة كبيرة لحوار حقيقي يضم جميع الأطياف السياسية، وفي مقدمتها أنصار ثورة الفاتح من سبتمبر الذين لا يمكن تجاهلهم إذا أراد المجتمع الدولي سلاما راسخا، أما إذا كان مصرا على تهميش هذا التيار، وإبعاده عن المشهد السياسي، ستكون هناك صعوبات في التئام اللحمة الوطنية في البلد المنهك، والذي بلغ البؤس فيه مدى بعيدا وخطيرا". وقال إن الملامح الحالية تشير إلى أن الدول الغربية الراعية للمفاوضات أرادت أن تفرض على الليبيين حلا سريعا، لأنها شعرت بالمخاطر التي ترتبت على تدخل قوات الناتو، بعد أن أسقطوا نظام العقيد معمر القذّافي. وقد أخذت التداعيات السلبية لهذا التصرف تلحق أذى بعدد كبير من الدول الغربية ودول الجوار، جراء انتشار التطرف والتشدد، والهجرة غير الشرعية، والروافد السيئة التي أنتجتها حالة الفوضى في ليبيا. واعتبر ان الغرض الأساسي من اتفاق الصخيرات "فرض حكومة تكون موالية للغرب، لكي تقوم باستدعاء حلف الأطلسي مرة أخرى، وإعادة إنتاج سيناريو العراق"، بإنشاء منطقة خضراء آمنة تدار منها الأمور ويكون هناك شكل لدولة، لكنها لن تتمتع بالأمن والاستقرار، فالأمور أصبحت عصية على التحكم فيها بهذه الصورة، وبالتالي سوف تنعكس آثارها السيئة على الغرب نفسه، فتواجد قوات أجنبية على الأراضي الليبية غير مقبول، ويستدعي الكثير من المتطرفين للقدوم إلى ليبيا بذريعة قتال الغرب الاستعماري. وأشار إلى أن الاعتراض الظاهر من قبل قيادات ليبية مثل عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب) ونوري بوسهمين (رئيس المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته) على اتفاق الصخيرات، لم يتم الالتفات له لأن كليهما لا يملك سلطة والوضع برمته مرهون بالخارج سواء بالنسبة إلى العناصر المتطرفة التي تتدفق على البلاد أو القوى السياسية التي تدعي قيادتها للمفاوضات، ولم يعد هناك احترام للمسميات المعلنة. وأوضح قذاف الدم أن الأسماء التي طرحت لتشكيل الحكومة والمجلس الرئاسي، وفقا لاتفاق الصخيرات، ليست لديها خبرة سياسية كبيرة ولا تملك حضورا في المشهد الليبي و"بعضها يستحق أن يكون ماثلا أمام المحكمة الجنائية الدولية، وليس شريكا في الحكومة". وأضاف قائلا "لقد عاشت ليبيا حوالي أربع سنوات عجاف، شهدت فيها الكثير من الدمار والتخريب والنهب والتهجير والاستباحة الكاملة للوطن والتآمر عليه ولا أعتقد أن الليبيين على استعداد لتكرار المشهد ثانية ويعيشون سنوات أخرى بهذا الشكل". وعن الحل أو المخرج من هذا المأزق، قال "نحن في جبهة النضال الوطني نطرح حلا في مواجهة الحل الذي تمخض عنه اتفاق الصخيرات، يقوم على جمع شمل جميع القوى السياسية الليبية، دون استثناء، هم يقولون حكومة توافقية، ونحن نقول حكومة محايدة، هم يريدون حكومة فقط من جماعة فبراير (بعض القوى التي برزت عقب سقوط نظام معمر القذّافي)، وإبعاد جميع القوى الليبية الأخرى، ونحن نريد حكومة من أنصار فبراير وأنصار سبتمبر وليست تابعة لأحد، وتعمل لمصلحة الوطن ويقبل بها كل الليبيين". وحول إمكانية أن يعترف المجتمع الدولي بأهمية مجموعة سبتمبر، قال "بدأت معنا اتصالات غير رسمية، رغم أنه جرى إبعادنا عن جميع الحوارات والمفاوضات السياسية، في الصخيرات وجنيف، والمفروض أن تكون هناك قيادات ممثلة لثورة الفاتح من سبتمبر الذين لديهم الخبرة السياسية وأقدر على تقييم الموقف والواقع وخلق واقع جديد للاستقرار". وأكد أن أنصار سبتمبر لديهم تنظيمات متعددة، على رأسها جبهة النضال الوطني والحركة الشعبية وعدد من المنظمات الشبابية والقيادات الاجتماعية ومؤتمر القبائل. وحدد ثلاثة محاور تسير عليها هذه التنظيمات، الأول اجتماعي وممثل في القبائل التي تصر على جمع شمل الليبيين دون إبعاد لأي طرف، و"قد نجح هذا الدور إلى حد بعيد، والثاني عسكري ويبدو ضعيفا ومنقسما بسبب عدم توفير الدعم اللازم للقوات المسلحة، والثالث سياسي وتم إقصاؤه خلال الفترة الماضية لأسباب مختلفة بينها الرغبة في عدم الاعتراف بالخطأ، فكيف يمكن القبول بطرف انخرط المجتمع الدولي في إسقاط نظامه؟ فالقبول به ينطوي على إشارة للاعتراف بالخطأ السابق، فقط هم يريدون شرعنة الباطل على الأرض". عمر نجيب [email protected]