هل ستتمكن ليبيا من الخروج من متاهة مسلسل الدمار والقتل والتشرذم الذي بدأ قبل حوالي أربع سنوات عندما تدخلت الولاياتالمتحدة الأمريكية سنة 2011 عبر حلف شمال الأطلسي للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي؟. وهل سيكون المخرج عن طريق إتفاق سياسي أم عبر حسم عسكري؟. وهل ستتمكن بعض القوى الليبية بالتعاون مع أطراف العربية وأجنبية في منع تحول ليبيا إلى قاعدة لتصدير العنف وعدم الإستقرار والفوضى الخلاقة إلى بقية دول كل الشمال الأفريقي ودول الساحل؟. هذه أسئلة تطرح بشكل أكثر إلحاحا منذ بداية سنة 2015 خاصة بعد أن صرحت فدريكا موغريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنها اتفقت مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على دعم المحاولة الدبلوماسية الأخيرة في ليبيا خلال اتصال هاتفي بينهما استمر 20 دقيقة يوم الخميس 26 فبراير 2015، وأضافت موغريني للصحفيين "اتفقنا على إتاحة فرصة لهذه المحاولة الدبلوماسية الأخيرة. المسجل أن البيت الأبيض تجاهل هذا الإتفاق بشكل كامل بل أن الناطقين بإسم الخارجية الأمريكية عارضوا بشكل أو بآخر تحديد أية آجال لإتمام التسوية السياسية. تفاؤل يوم السبت 7 مارس ذكرت الأممالمتحدة إن المحادثات مع الأطراف الليبية المتناحرة حققت تقدما وإن أعضاء الوفود سيعودون إلى المغرب خلال أيام لإجراء مزيد من المفاوضات بعد التشاور في ليبيا بشأن تشكيل حكومة وحدة. وتستهدف المحادثات في المغرب تشكيل حكومة وحدة والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكن الجانبين يواجهان انقسامات داخلية بشأن المفاوضات مع استمرار القتال. واجتمع ممثلو الجانبين معا في المغرب للمرة الأولى. وفي جولات المحادثات السابقة كان الجانبان يلتقيان مع مندوبي الأممالمتحدة بشكل منفصل. مبعوث الأممالمتحدة برناردينو ليون صرح بعد الاجتماعات"عقد اجتماع بين الطرفين كان رمزيا ولم يكن جزءا من المحادثات ولكنه يعد رمزيا وكان مهما". وقال شريف الوافي وهو مندوب مستقل يشارك في المحادثات لرويترز إن كلا من الجانبين سيناقش قائمة مقترحة للزعماء المحتملين لرئاسة حكومة وحدة. من جهته، توقع عبد الرحيم عيب، النائب الأول لرئيس البرلمان في ليبيا، صدور "وثيقة شاملة لكافة وجهات النظر"، تعبر عن كل المشاركين في الحوار الليبي في المغرب، وكشف أن نقاش اليوم الثاني ركز في الصباح، على "التدابير الأمنية"، أي "التدابير الواجب القيام بها، والتي ستمكن الجماعات المسلحة من مغادرة المطارات والمدن" أي سحب الميليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس وباقي مدن البلاد. وأضاف ناقشت الأطراف الليبية، "معايير الحكومة" هل هي "حكومة تكنوقراط أم حكومة سياسية أم هي حكومة مصغرة أم كبيرة وما جدول أعمالها؟"، معترفا بأن "المفاوضات تجري في غرف مفصولة"، ومشددا على أن "الأهم هو التقدم في الحوار". وتعمل حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني المعترف بها دوليا والبرلمان المنتخب من شرق البلاد منذ أن سيطر فريق مسلح منافس يسمى فجر ليبيا على طرابلس في صيف 2014 وشكل حكومته الخاصة وبرلمانه. مفترق طرق في مدينة البيضاء حذر رئيس الحكومة الليبية عبدالله الثني من تسارع انتشار متطرفي داعش في عدة مدن ليبية، داعيا المتحاورين في المغرب إلى استغلال الفرصة. وأضاف الثني في لقاء مع التلفزيون الرسمي الليبي يوم الجمعة 6 مارس "إن البلاد تقف على مفترق طرق خطير قد يعصف بأمنها وأمن دول الجوار، وربما ينتقل إلى بقية دول المتوسط. وطلب الثني من جميع الأطراف الليبية تقديم تنازلات للخروج من الأزمة. كما طالب الثني المجتمع الدولي بضرورة رفع حظر السلاح عن ليبيا حتى يتمكن الجيش الليبي من استعادة السيطرة على المدن التي تحتلها الميليشيات وخاصة العاصمة طرابلس. وقال الثني إن على الجميع وقف القتال بشكل حقيقي وإفساح المجال أمام أطراف الأزمة لإيجاد بيئة مناسبة للحوار وانتشال البلاد من الفوضى التي عصفت بها منذ أربع سنوات. وأضاف أن الليبيين أمام امتحان حقيقي الآن، فوحدة البلاد مهددة وأن الفرصة الحقيقية المتاحة من خلال الحوار، هي الوحيدة التي ستخرج البلاد إلى بر الأمان. يوم السبت 7 مارس دعا أعيان ومشايخ وحكماء قبائل برقة إلى رفض الحوار المنعقد في المغرب ورفض نتائجه. وشددوا خلال اجتماعهم في منطقة الوسيطة بالقرب من مدينة البيضاء على ضرورة أن يكون الحوار ليبي دون أية تدخلات خارجية. وأكد المجتمعون أن حل مشاكل الشعب الليبي تقع على بعضهم البعض دون التدخل الدولي الذي يسعى لتمزيق ليبيا، وطالبوا بضرورة دعم حرس المنشآت النفطية بأسرع وقت ممكن، موضحين أن الخطر يهدد برقة خاصة وليبيا عامة. ويقول ملاحظون أن موقف قادة برقة المتشكك في دور الأممالمتحدة يقوم على التناقضات التي تظهر من تحركات أجهزتها، وعملها على مساواة السلطة الشرعية بالتنظيمات المسلحة والأطراف التي خسرت في ألإنتخابات التشريعية لشهر يوليو 2014 حيث سجلت خسارة فادحة للإخوان ومن يدور في فلكهم من تنظيمات الإسلام السياسي، فلم يحصدوا سوى 23 مقعدا من أصل 200 مقعد. وتوزعت المقاعد المتبقية بين التيارات المدنية الليبرالية والفيدراليين والمستقلين. ويؤكد المنتقدون لما يسمى بالدور الدولي، أنه من الصعب جدا أن يقتنع مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار دولي يسمح بالتدخل العسكري في ليبيا ضد الجماعات الإرهابية والمليشيات الأخرى إذا لم تنجح المفاوضات، لا سيما أن هناك تباينات بين أطرافه الرئيسة. فالولاياتالمتحدة الأمريكية التي غزت عسكريا العراق، هي من زرعت "الفوضى الخلاقة" في ذلك البلد العربي، وعممتها في باقي البلدان العربية، وما يهم واشنطن في المنطقة العربية هي حرية تدفق النفط، وأمن الكيان الصهيوني، وتفتيت البلدان العربية الكبيرة، على أسس طائفية وعرقية، ومادامت الجماعات الإرهابية تقوم بهذا الوظيفة على أحسن وجه، فلماذا تدخل الولاياتالمتحدة في استراتيجية دولية جديدة لمحاربة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية في كل من العراق، وسوريا، وليبيا، وغيرها من البلدان العربية. ويشير المعارضون أن هناك صمتا أمريكيا بريطانيا حول خطر الجماعات المسلحة وهذه ليست هذه المرة الأولى التي يرتبط فيها المقاتلون في ليبيا بما يسمى "داعش" حيث سبق لتنظيم "أنصار الشريعة" في ليبيا الذي صنفته الولاياتالمتحدة تنظيما إرهابيا، إضافة إلى تنظيم جديد يسمى "مجلس شورى شباب الإسلام" في درنة أن بايعا "داعش".. ليذهب بعض الباحثين الغربيين إلى حد توصيف درنة بأنها "ولاية إسلامية" تابعة ل"داعش"، إضافة إلى ولاية "سرت" الإسلامية الحديثة جدا. توافق مطلوب على الجانب الآخر في الصراع الليبي قال عبد الحكيم بلحاج، الزعيم المحسوب على حركة الإخوان والمؤيد للحكومة الليبية غير المعترف بها دوليا والتي تمردت على نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت صيف سنة 2014، إن محادثات الأممالمتحدة هي السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في البلاد، لكنه أشار إلى أن الاتفاق صعب في ظل وجود "حكومة أخرى تعمل مع حليف سابق لمعمر القذافي". وتظهر تصريحات بلحاج إلى أي مدى يتعرض دعم المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة إلى تعقيدات بسبب الانقسامات داخل تحالفين فضفاضين يتنافسان على السلطة. وقال بلحاج، في مقابلة مع وكالة "رويترز": "الأزمة السياسية التي تعيشها ليبيا الآن، أو بالأحرى الانشقاق بين جسمين تشريعيين وحكومتين وكذلك جيشين للأسف، لا شك أنها أزمة سياسية.. لا سبيل لإنهاء هذه الأزمة السياسية إلا بتوافق. وطريق التوافق هو الحوار الجاد. وإذا كانت هناك نوايا صادقة وتجرد من المصالح، سنكون قادرين على تجاوز هذه الأزمة". وعن الفريق خليفة حفتر، ادعى بلحاج أن "حفتر من الأسباب الرئيسية في إشعال نار الفتنة بخروجه بحجة مكافحة الإرهاب.. لو لم يكن حفتر، لما كانت هذه الأعمال الآن". وبسؤاله عن ظهور تنظيم "داعش" في ليبيا، ردد بلحاج موقف الآخرين المؤيدين للحكومة غير المعترف بها دوليا في طرابلس، قائلا: "داعش هناك ظاهرة نعم.. وهناك عوامل ومؤثرات صراع ومنها حفتر والمنظومة السابقة". وبلحاج الآن زعيم "حزب الوطن" المحافظ. وقد حارب في أفغانستان إلى جانب القوات التي دعمتها الولاياتالمتحدة لإخراج القوات السوفيتية وسعى للإطاحة بالقذافي في التسعينيات. الفصل السابع في المعسكر المساند لحركة الإخوان قال صالح المخزوم، رئيس وفد المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته ولكن الذي عاود الانعقاد، إن مقترح المؤتمر للخروج من الأزمة الليبية "يقضي بتسمية مجلس رئاسي مكون من 6 اعضاء، بواقع 3 أعضاء عن المؤتمر الوطني العام و3 عن مجلس النواب في طبرق يتولى الصلاحيات السيادية والرئاسية ومراقبة عمل الحكومة". وأضاف المخزوم في تصريحات له يوم السبت 7 مارس إن مقترح المؤتمر الذي قدمه للمبعوث الأممي برناردينو ليون، "ينص على أن السلطة التشريعية تتكون من غرفتين المؤتمر والنواب تتولى الصلاحيات التشريعية والدستورية بالكيفية التي سيتم النص عليها لاحقا ضمن التعديل الدستوري والذي يشمل أيضا المجلس الرئاسي". وذكر أن المقترح "يضم أيضا الحكومة حيث يقوم الطرفان بمناقشة التفاصيل المتعلقة بشروط ومعايير اختيار الرئيس وأعضاء ومدة الحكومة وآلية اتخاذ قراراتها وبرنامجها ومراقبتها واقالتها". ومضى قائلا إن "المؤتمر ينتظر رد الأطراف الأخرى على مقترحه"، مع ضمان صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يعتمد وثيقة الحل السياسي التي ستضمن في الإعلان الدستوري ومعاقبة من يخرج عنها طبقا لما ينص عليه الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة". سياسيون في ليبيا ذكروا أن مجموعة طرابلس تريد الحصول على شرعية دولية تتخطى بها نتائج الإنتخابات التشريعية، وترغب مع من يحالفها في استخدام الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة لتبرير إستخدام القوة والتدخل العسكري الأجنبي ضد خصومها. الدكتور محمد الهلالي، الخبير في الشؤون الليبية صرح، إن الأطراف الليبية عادت إلى قياداتها سواء للتشاور، لافتا إلى أن الإتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية يعد تقدما كبيرا. وأضاف أن الأطراف الليبية متفقة على ضرورة تشكيل هذه الحكومة لتقديم الخدمات الملحة إلى الليبيين، ومنها تحسين الأوضاع الأمنية، وسحب الأسلحة من الميليشيات. ولفت إلى أن هناك خلافا حول هل هذه الحكومة مستقلة أو أنها ستكون تحت رقابة مستقلة، وهل الرقابة ستكون من مجلس النواب أو المؤتمر الوطني، أو من خلال كليهما، مشيرا إلى أن الخلاف الأكثر تعقيدا سيكون حول صراع الشرعيات في ليبيا، ولاسيما بين المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته، والذي يسيطر على الأوضاع في طرابلس، ومجلس النواب الليبي المعترف به دوليا في طبرق. وتوقع أن يؤدي الخلاف حول هذه النقطة إلى تدهور شديد في الحوار، وربما انهياره. تمزق الجغرافيا وصراع السلطة جاء في تقرير نشرته محطة "أر تي" الروسية: بعد حوالي ثلاث سنوات مما سمي ربيع ليبيا وتفشي صراعاتها الجهوية والقبلية، ما افتتح حروبا أهلية هددت بانهيار الدولة ومؤسساتها ذهب الفرقاء الليبيون إلى المغرب لاقتفاء حل وأصابعهم لا تزال على الزناد. وتتواصل بموازاة طاولة الحوار المعارك ويتواصل القتل والصراعات على السلطة والنفط والأرض. المختصون بفن التفاوض يعرفون أن من يسيطر على الأرض أكثر، يمتلك أوراقا أقوى للتفاوض فأين هي الركيزة الجيوسياسية للمتحاورين الليبيين؟. يمكن تقسيم اللاعبين الأساسيين إلى مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا والقوة الضاربة له المتمثلة بقوات الجيش الوطني وقائده المعين مؤخرا اللواء خليفة حفتر وترقيته إلى رتبة فريق، ولطرف ثان متمثل بالمؤتمر الوطني الليبي العام وهو البرلمان المنتهية ولايته. يسيطر الفريق الأول على مساحات واسعة بسبب نفوذه السياسي ويتمثل ثقله بالبرلمان في طبرق ولواء الصواعق والقعقاع والمدني التابع لمدينة الزنتان. الفيدراليون ويتزعمهم قائد جيش برقة الجضران الذي يطالب بأن تكون برقة إقليما فيدراليا وقد قامت قواته بالسيطرة على حقول النفط وموانئ التصدير لإجبار المؤتمر الوطني على ما يقولون إنه التوزيع العادل للثروة والسيادة. وأنشأ محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي السابق للمجلس الانتقالي تحالف القوى الوطنية أثناء تدخل الناتو ويضم التحالف 58 حزبا. وقد أعلنت قبائل ورشفانة وترهونة والزنتان وورافلة وكذلك مدينة زليتن في الغرب الليبي دعمها الكامل لحفتر. أما الطرف الآخر فيضم طيفا متنوعا من القوى مثل المؤتمر الوطني العام والحكومة الانتقالية في طرابلس والكتائب المسلحة الإسلامية المعتدلة وكذلك جماعة الإخوان المسلمين ومدن جبل نفوسة خاصة المناطق الأمازيغية، بالإضافة إلى مدينة مصراتة وما تمتلكه من قدرة عسكرية ضخمة وكتائب كل من "راف الله السحاتى" و"السابع عشر من فبراير" و"عمر المختار" و"شهداء ليبيا الحرة" و "أنصار الشريعة". لفهم هذا المشهد المتشظي لا بد من العودة إلى تاريخ السابع عشر من مارس 2010 حين أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1973، القاضي بفرض عدة عقوبات على حكومة القذافي، أهمها إقامة حظر جوي فوق ليبيا وتنظيم هجمات مسلحة ضد قواته الجوية لإعاقة حركتها ومنعها من التحليق في أجوائها. هنا استكملت الكارثة ففتحت صفحة ليبيا والتي تلت صفحتي العراق وأفغانستان، فأغلب الظن أن الوعود بالديمقراطية تتلاشى مع أول غارة لمقاتلة أجنبية تخترق الأجواء السيادية للأوطان. الكيل بمكيالين يتهم معارضون لأي تدخل خارجي في مفاوضات الأطراف الليبية المتصارعة، الأممالمتحدة بالمناورة والكيل بمكيالين، فهي من جهة تريد إعادة الإعتبار لحكومة غير شرعية وتتحدث عن تسليم أسلحة لقوات الجيش الليبي معتبرة أن ذلك يشكل خرقا لقرارات الأممالمتحدة ولكنها لا تكشف عن داعمي المليشيات بالسلاح والمال وحتى بالمتطوعين الأجانب، ومن حين لآخر تقدم بعض التقارير الأممية التي تدين الجماعات المسلحة. مثلا كشف تقرير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة عن الأوضاع في ليبيا، عن ارتكاب ميليشيات أنصار الشريعة وفجر ليبيا، أعمالاً إجرامية، مثل السلب والنهب وتجارة البشر والمخدرات، لتمويل العمليات المسلحة. وقال التقرير الأممي: "الجماعات المسلحة تقوم بأنشطة إجرامية لتحقيق مكاسب شخصية في بعض الحالات. وتلقى فريق الخبراء العديد من الادعاءات بأنَ الميليشيات تشارك في عمليات اختطاف طلبا للفدية". وذكر شهود أنَ الفديات تراوحت بين 100 ألف دينار ليبي ومليون دينار، وتلقَى الفريق سردا تفصيليا عن ضحية احتجزها وسام بن حامد، قائد مجلس شورى ثوار بنغازي، رهينة لمقايضتها بمبلغ كبير من المال. وتابع التقرير: "هناك ادعاءات مقنعة مفادها أن الميليشيات كانت مسؤولة عن بعض حالات السطو المسلح الكثيرة التي استهدفت المصارف وعمليات نقل الأموال. كما اتهم التقرير الجماعات المسلحة بممارسة الاتجار في البشر والمخدرات، وقال: "أجرى الفريق مقابلات مع العديد من المهنيين العاملين في مسألة الهجرة غير المشروعة إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط. وذكر هؤلاء أنَ الشبكات العابرة للحدود الوطنية التي تنظم الاتجار بالبشر لها عناصر داخل الجماعات المسلحة التي تسيطر على الأراضي على طول طرق التهريب. وتؤمن الجماعات المسلحة طرق الوصول وتأمين تلك العمليات لقاء مبلغ من المال". وأضاف: "العمل في مجال الاتجار بالبشر يدر إيرادات كبيرة، ويفرض على المهاجرين، ومعظمهم من غرب أفريقيا والقرن الأفريقي، دفع مبالغ من المال للمتاجرين في مراحل مختلفة من رحلتهم". ولفت التقرير إلى أن "مهاجرين استجوبوا في إيطاليا، قالوا إن الثمن الذي دفعوه في المرحلة الأخيرة من الرحلة وحدها، أي "العبور" بالقوارب، تراوح بين 800 دولار و2000 دولار، حسب حال البحر ونوع السفينة وميناء المغادرة و"درجة السفر". وإذا كان كل مهاجر يدفع ما متوسطه 1200 دولار، فهذا يعني أن الجزء الأخير من سلسلة التهريب قد در زهاء 170 مليون دولار في عام 2014. ويغادر معظم المهاجرين غير الشرعيين من الشواطئ الغربية لليبيا". لعبة الكراسي المتحركة تقرير آخر نشرته مصادر أوروبية ذكر أنه توجد ثلاثة مواقع رئيسية لتمركز الجماعات المتطرفة في ليبيا، لكنها دأبت منذ أواخر سنة 2014 على تغيير أسمائها وتحركات مجاميعها، تفاديا لضربات الجيش الوطني الذي يقوده اللواء خليفة حفتر. وينفذ المتطرفون في هذا البلد عمليات بشعة راح ضحيتها آلاف القتلى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي. ويقود غالبية الميليشيات المسلحة زعماء من جماعة "الإخوان" ومن "الجماعة الليبية المقاتلة" المتصلة بتنظيم "القاعدة"، إضافة إلى جيل جديد من المتشددين مما يعرف بجماعة "أنصار الشريعة" التي أعلنت أخيرا موالاتها لتنظيم داعش. ومن خلال التسليح والعتاد الذي تملكه الميليشيات بدا أنها كانت تعزز من قدراتها العسكرية والقتالية منذ وقت مبكر. وحين هيمن "الإخوان" على حكم ليبيا في عامي 2012 و2013، أقروا لأعضاء الميليشيات حقا في حصولهم على رواتب من الدولة، مما أغرى قطاعات مختلفة للانخراط فيها، بغض النظر عن توجهات قادتها. ثم استحدثوا طرقا لتهريب السلاح والمتشددين من دول عربية وأجنبية. ووفقا للناشط الليبي أحمد القلعاوي، فإن هذه الجماعات تنتسب زورا إلى الإسلام، مشيرا إلى أن الليبيين يعانون من ارتكابها الكثير من الجرائم بحقهم. وأضاف أن هذه الجماعات لا تكتفي بسرقة النفط وبيعه بأبخس الأثمان لتمويل أفعالها، بل تخطف البشر، لاسيما من الأثرياء أو حتى الفقراء، مقابل الفدية. وشدد على أن الحل الوحيد من أجل القضاء على هذه الجماعات يكمن في تسليح الجيش الليبي ودعم إعادة بناء مؤسسات الدولة، لاسيما الجهاز الأمني. أسلحة من مصر والإمارات في نطاق ما تتهم به الأممالمتحدة بالإزدواجية ذكر تقرير للمنظمة أن مصر والامارات أرسلتا أسلحة إلى قوات الجيش الليبي، كما اتهم القوات التي يقودها اللواء خليفة حفتر، وقوات فجر ليبيا بتعقيد عملية الانتقال السياسي وزيادة المشكلات الأمنية في البلاد. وبخصوص انتهاكات حظر الأسلحة، قال الخبراء إن الإمارات صدرت أسلحة إلى ليبيا وإنهم تلقوا معلومات تفيد بأن أبو ظبي نقلت عتادا عسكريا إلى مدينة طبرق شرق البلاد أواخر عام 2014. كما أدخلت طائرات حربية تعود ملكيتها لمصر في سلاح الجو الليبي. وأكد التقرير أيضا تهريب السودان أسلحة إلى تنظيم فجر ليبيا في انتهاك لحظر توريد الأسلحة. كما تحدث التقرير عن مزاعم تتهم قطر بدعم الجماعات المتحالفة مع عملية فجر ليبيا، مشيرا إلى أن فريق الخبراء لا يزال يجري تحقيقا في تلك المزاعم، مع التذكير بدعم الدوحة لتدخل الناتو في ليبيا سنة 2011. يضاف إلى ذلك، ما قال الخبراء إنها معلومات تلقاها عن نقل عتاد عسكري من تركيا إلى طرابلس، فضلا عن أنهم يحققون في ادعاءات، تتعلق بتسليم عتاد عسكري من إيطاليا إلى مسلحين في بنغازي. واعتبر الخبراء أن إطلاق عملية فجر ليبيا جعل الحوار مستحيلا، وأن رد عملية الكرامة عليها، صعد الوضع. كما اتهم التقرير تنظيم أنصار الشريعة ومجلس شورى ثوار بنغازي، بارتكاب ممارسات قال إنها أشد ضررا لمستقبل ليبيا من عملية الكرامة. تمرد على إرادة واشنطن تقول مصادر رصد في برلين أن دولا أوروبية وفي مقدمتها إيطاليا وألمانيا أخذت تتحرك في إتجاه معاكس لما ترغب فيه واشنطن خاصة ما يتعلق بالوضع في ليبيا. فقد برز إدراك لدى العديد من الأوساط أن توسع تنظيم داعش في العراق وسوريا ثم ليبيا ودول أخرى يخدم المخططات الأمريكية وخاصة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف تقسيم دول المنطقة إلى ما بين 54 و 56 دولة على أسس عرقية وعقائدية وقبلية وأن ذلك قد لا يخدم مصالح الأوربيين. وهكذا جرى الحديث عن مد روما للجيش الليبي بأسلحة وذخائر وقيام البحرية الإيطالية بدوريات قرب السواحل الليبية للحد من عمليات تهريب السلاح للمليشيات والتنظيمات المسلحة المختلفة. يوم السبت 7 مارس قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الاتحاد يناقش مع الأممالمتحدة سبل تعزيز الأمن في ليبيا بما في ذلك الوجود البحري. ويقوم الاتحاد الأوروبي بدوريات في الوقت الحالي في مياه البحر المتوسط للمساعدة في إنقاذ مهاجرين يحاولون الفرار من ليبيا وغيرها من الدول. لكن موغيريني قالت إن هذا الانتشار يمكن أن يزيد. وأضافت في مؤتمر صحفي في ريغا عاصمة لاتفيا بعد محادثات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "ناقشنا خيارات مختلفة لوجود الاتحاد الأوروبي والسبل المختلفة التي يمكن للاتحاد من خلالها الدعم عن طريق إجراءات أمنية. وقد يعني هذا بعض الوجود البحري". وكانت وثيقة داخلية تابعة للاتحاد الأوروبي في يناير قد ناقشت إمكانية قيام حلف شمال الأطلسي بعمليات تفتيش للسفن في البحر المتوسط لتعزيز حظر الأسلحة. وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني إن الاتحاد يتطلع إلى تعزيز عمليته البحرية للمساعدة في إنقاذ المهاجرين من الأمواج المتلاطمة وتعزيز الأمن أيضا. وأضاف "هناك عمليات لمنع المخاطر الإرهابية وتقوم البحرية الإيطالية بعملها. وتأتي مناقشات الاتحاد الأوروبي بعد ضغط بعض الدول التي تقع جنوبه بقيادة فرنساوإيطاليا. وتريد هذه الدول أن يتحرك الاتحاد لمنع المتشددين من تعزيز مواقعهم في ليبيا ووقف تدفق المهاجرين الوافدين على أوروبا من ليبيا. وكانت ليبيا ومصر قد طلبتا من مجلس الأمن الدولي رفع حظر السلاح عن ليبيا وفرض حصار بحري على المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة والمساعدة في بناء الجيش الليبي للتصدي لتنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى. وقد تمردت باريس على التوجيهات الأمريكية وعقدت صفقة أسلحة ضخمة بأكثر من 5200 مليون يورو مع مصر. وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، وقبيل توجهه إلى القاهرة من أجل إبرام الصفقة شدد على أن طائرات "الرافال" ستساعد مصر على تأمين قناة السويس ومكافحة الإرهاب في سيناء والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي. وأضاف لودريان أن "الرئيس السيسي لديه ضرورة استراتيجية لتأمين قناة السويس التي يمر عبرها جزء كبير من التجارة العالمية"، وهذا هو السبب الأول للحاجة الملحة أن يكون لدى مصر وسائل حماية بحرية وجوية للاضطلاع بهذا الدور. موسكو من جانبها تستعد لدعم الحكومة الليبية المعترف بها دوليا إذا لم تفلح فرصة الحوار الأخيرة كما تم التفاهم على ذلك مع الإتحاد الأوروبي. الحكومة الفرنسية تشعر بأن خطر داعش يقترب من سواحلها المتوسطية ومن دول أفريقية صديقة خاصة في منطقة الساحل ولذلك تريد تحركا سريعا. يوم الأحد 8 مارس قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس خلال برنامج إعلامي إن نحو "10 آلاف أوروبي" قد ينضمون إلى المجموعات الجهادية بحلول نهاية 2015، مشيرا في رده على أسئلة صحافيين من "لوموند" وقناة "إي تيلي" وإذاعة "أوروبا 1" إلى أن "هناك اليوم ثلاثة آلاف أوروبي" في سوريا والعراق. وأوضح فالس أن "حوالى 90 فرنسيا قتلوا هناك وهم يحملون السلاح لمحاربة قيمنا". وبحسبه، فإنه مع عودة جهاديين إلى فرنسا أو خطر تنفيذ متطرفين شباب أعمالا عنيفة على أراضينا "نواجه تهديدا مرتفعا في فرنسا وأوروبا ودول أخرى". وختم قائلا: "إننا نحتاج إلى مستوى عال من اليقظة. وفي آن علينا تعبئة المجتمع والأسر وأيضا توجيه رسالة إلى هؤلاء الشباب، إلى أقلية ضئيلة مارقة من هؤلاء الشباب التي تسعى اليوم إلى القتل". يشار إلى أن حكومة باريس تلقت تقارير عن تزايد خطر استخدام الجماعات الجهادية وخاصة أنصار الشريعة وداعش للأسلحة الكيمياوية التي لا تزال موجودة ولم يكتمل تدميرها في هجمات سواء ضد خصومها المحليين أو دولا مجاورة مثل مصر وتونس وحتى ضد دول أوروبية. ووفقا لمصادر عسكرية، ترك القذافي قبل رحيله 3 مواقع على الأقل في أنحاء البلاد، كانت تضم أكثر من ألف طن من مواد تستخدم في صنع أسلحة كيماوية، ونحو 20 طنا من غاز الخردل الذي يتسبب بحروق شديدة للجلد تؤدي للوفاة، إضافة لعدة آلاف من القنابل المصممة للاستخدام مع خردل الكبريت. كان يفترض أن يدمر القذافي هذا المخزون بناء على اتفاقات دولية عام 2004، لكن عملية التخلص من هذه "المواد المعلومة" لم تصل إلا لنحو 60 في المئة. كما حصلت باريس على تسجيل مصور جرى رصده لواحدة من الميليشيات المسلحة في جنوب طرابلس وهي تقوم بتجريب أسلحة كيماوية استولت عليها من أحد المخازن.. ويقع هذا المخزن في منطقة تعرف باسم "مشروع اللوز" وهي موجودة في تجاويف جبلية تقع على الطريق بين منطقتي "بوجهيم" و"هون". قبل ذلك بأيام وفي تحرك قوبل بالإمتعاض في البيت الأبيض، صرح مسؤول رفيع المستوى في حلف شمال الأطلسي، يوم الأربعاء 4 مارس، أن التدخل العسكري للحلف في ليبيا كان خطأ فادحا ارتكبه المجتمع الدولي والليبيون، مستبعدا تدخلا جديدا في ليبيا. واشنطن لا تريد تكثيف الضربات بينما ترى برلين وروماوفرنسا ضرورة القضاء بسرعة على التهديدات الإرهابية، يسجل أن القيادات الأمريكية لا تشاطرها هذا الرأي. يوم الأحد 8 مارس قال قائد أركان الجيوش الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي، إنه من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للائتلاف الدولي على تنظيم "الدولة الإسلامية"، داعيا إلى اعتماد "الصبر الإستراتيجي" في المواجهة مع هذا التنظيم في العراق وسوريا. ودعا الجنرال ديمبسي خلال زيارة له إلى حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول التي تبحر في منطقة الخليج العربي "إلى التروي وأخذ الوقت اللازم" لجمع المعلومات الدقيقة حول المواقع التي يجب أن تستهدف بالقصف. وقال إن "إلقاء كميات كبيرة من القنابل على العراق ليس الحل"، مضيفا: "علينا أن نكون دقيقين جدا في استخدام قوتنا الجوية". كما أعلن أن وتيرة الضربات الجوية تبقى مرتبطة بقدرات الجيش العراقي على الأرض ورغبة الحكومة العراقية بالتصالح مع السكان العرب السنة الذين يتوجسون من القوات العراقية التي يعتبرون ان الشيعة يهيمنون عليها. وألقى الجنرال الأمريكي كلمته وهو يقف إلى جانب نظيره الفرنسي الجنرال بيار دي فيلييه، وأكد أنه من غير الضروري زيادة عدد العسكريين الأمريكيين الموجودين حاليا في العراق والذين يبلغ عددهم نحو 2600 جندي يقومون بتدريب الجيش العراقي. وتقوم حاملة الطائرات شارل ديغول بمهمة في مياه الخليج العربي تستغرق ثمانية أسابيع، ويفيد ضباط فرنسيون أن ما بين 10 و15 طائرة مقاتلة تقلع يوميا من حاملة الطائرات للقيام بمهمات عسكرية في العراق. جيش أوروبي موحد في تحرك آخر غير مرغوب به في واشنطن، دعا رئيس المفوضية الأوروبية "جان كلود يونكر" إلى تأسيس جيش موحد في أوروبا في ظل الاضطرابات الحالية. وأشار إلى أن امتلاك جيش أوروبي للسلاح لا يعنى استخدامه على الفور وإنما يمكن من خلاله إعطاء انطباع أننا جادون في الدفاع عن قيم الاتحاد الأوروبي". وأضاف رئيس المفوضية الأوروبية ان تشكيل مثل هذا الجيش سيؤدي إلي ترشيد الإنفاق علي المعدات العسكرية وتعزيز اندماج الدول ال 28 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي. ونقلت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية عن "يونكر" قوله: "يمكن أن يساعد مثل هذا الجيش في تشكيل سياسية أمنية وخارجية موحدة وتشكيل رؤية مشتركة لمسئولية أوروبا في العالم"، ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه ليس هناك ضرورة أن ينافس هذا الجيش حلف شمال الأطلسي الناتو. يشار إلى أن وزيرة الدفاع الألمانية "أورزولا فون دير لاين" دعت أيضا لتشكيل رؤية مستقبلية لتكوين جيش أوروبي موحد إلا أنها أكدت في فبراير 2015، أنه لا يمكن تحقيق ذلك على المدى القصير. عمر نجيب [email protected]