أسابيع بعد إتمام فرق خاصة للجيش الجزائري عملية توسيع الخندق الحدودي مع المغرب على طول مسافة تفوق 170 كلم وتتوغل في مقابل النجود العليا الشرقية للمملكة، تعددت الخطوات الجزائرية على مستوى الشريط الحدودي للمملكة و التي لا يمكن توصيفها إلا بأنها تندرج في إطار التصعيد مع المغرب واستفزازه و إستدراجه الى ردود فعل من شأنها تأجيج الأوضاع المتوترة أصلا بين البلدين الجارين. السلطات الجزائرية زعمت أن عملية توسيع الخندق الحدودي ليصل عرضه حاليا الى خمسة أمتار وعمقه حوالي 11 مترا تندرج ضمن مخطط يهدف الى وقف نشاط التهريب في الاتجاهين وعززتها بنشر مكثف للوحدات العسكرية الثقيلة و هو ما لا يمكن بأي شكل من الأشكال تبريره بأنه موجه لمكافحة المهربين الذين تزايد نشاطهم بشكل ملفت خلال الأسابيع الأخيرة حسب معطيات حصلت عليها العلم مما يبدد و يسفه المبررات التي دفعت بها الحكومة الجزائرية لتفسير الانزال العسكري الملفت على طول الشريط الحدودي المشترك مع المملكة غربا و جنوبا. قبل يومين فقط قام نائب وزير الدفاع الوطني الجزائري ورئيس أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح بمعاينة ميدانية للمنظومات الدفاعية وانتشار القوات بإقليم الناحية العسكرية الجزائرية الثالثة بهدف الإطلاع على مستوى جاهزية الوحدات والمعاينة الميدانية للمنظومات الدفاعية الجوية بالمنطقة. وإذا أخدنا بعين الاعتبار أن المنظومة الدفاعية المعنية بالزيارة تقع بمنطقة بشار الموجودة على مسافة تقل عن 50 كلم من الشريط الحدودي الشرقي للمملكة وأن هذه الوحدات الدفاعية الجاهزة عملياتيا للقتال والتدخل تقع مباشرة على بعد بضعة كلمترات جنوب غرب مدينة فجيج المغربية بفعل تعرج الخط الحدودي غير المرسم بين البلدين بهذه الجهة و توغله بشكل غير منطقي لمسافات طويلة في عمق التراب المغربي فإن من حق الرباط الطبيعي أن تتوجس من مسلسل التحركات العسكرية الجزائرية المريبة خاصة على مستوى الجنوب الشرقي إنطلاقا من منطقة عين بني مطهر باقليم جرادة الى ثخوم منطقة المحبس شمال شرق الأقاليم الجنوبية المسترجعة وجنوب عمالة أسا الزاك. إن المتتبع لمسلسل الخطوات الاستفزازية الجزائرية المتتالية و خاصة التي تتخذ طابع التصعيد أو الاستعراض العسكري سيخلص الى فهم حقيقة منطق حكام الجارة الجزائر الذي يندرج ضمن مسعى التغطية على الانتصارات الدبلوماسية المغربية المحققة في أكثر من واجهة وهو سلوك متهور ومجاني يهدف أيضا إلى الالتفاف حول نداءات المجتمع الإقليمي والدولي الداعية الى فتح الحدود المغلقة وتحقيق التقارب والاندماج المغاربي الذي ستستفيد منه شعوب المنطقة كلها لولا أن أجندة حكام الجارة لا تتقاطع حتما مع مطلب الشعوب ومنطق العقل بقدر ما تخدم مصالح توسعية لأقلية من مراكز القرار الساعية الى التقوقع والهيمنة في زمن العولمة والتكتلات.