( بريتوريا ومع) ستظل السنة الماضية (2008) , في ذاكرة جنوب إفريقيا ، بلا منازع ، سنة الرجات الكبرى التي انطلقت, منذ مطلع العام الجاري, بأزمة طاقية غير مسبوقة ، وتواصلت بتشنجات عرقية داخلية، وهجمات معادية للأجانب، قبل أن تتمخض عن اضطرابات سياسية متسارعة, سرعان ما عجلت بإحداث شرخ عميق في تماسك الحزب الحاكم بعد الرحيل المبكر للرئيس السابق طابو مبيكي. وعاشت ""أمة قوس قزح"" , منذ مطلع العام الفائت , أولى هذه الرجات , في سياق ما بدأت تكابده الشركة الوطنية لإنتاج وتوزيع الكهرباء (إسكوم) من قطع الكهرباء ، لمدة ساعات طوال, على مدن بأكملها أغرقت في الظلام تفاديا لوقوع انهيار شامل في شبكة الربط, بالرغم من أن الشركة فرضت , تحت الضغط, زيادة في الأسعار تجاوزت12 في المائة. وبالرغم من الإنجازات التي تم تحقيقها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية ، منذ سقوط نظام الميز العنصري سنة1994 , مازالت البلاد حبلى بكل عناصر التوتر، لاسيما وأنها تجر وراءها نسبة بطالة تتجاوز23 في المائة, و40 في المائة كنسبة للسكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر, فيما يخلف الإجرام مصرع أزيد من 50 قتيلا كمعدل يومي و يقاوم من أجل البقاء5 ,5 مليون شخص من المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا), من أصل ساكنة إجمالية تعدادها48 ,7 مليون نسمة. وكانت الأرضية مؤهلة لتنطلق شرارة عنف, في ماي الماضي, بتجمع ""ألكسندرا"" الشهير بضواحي العاصمة الاقتصادية ، جوهانسبورغ ، لكي تمتد أعمال العنف مثلما تنتشر النار في الهشيم إلى مواقع أخرى أكثر فقرا بالبلاد. وهكذا, سجلت جنوب إفريقيا الديمقراطية أحد أسوأ لحظاتها ، سنة، 2008 بعد انطلاق موجة غير مسبوقة من الهجمات المعادية للأجانب خلفت مصرع62 شخصا, بعضهم تم إحراقه حيا, ناهيك عن ترحيل وتهجير الآلاف . وكان على شعب جنوب إفريقيا أن يعيش أزيد من أسبوعين من العنف الأعمى ، وعمليات الحرق والاغتيالالتي استهدف مواطنين أفارقة . ويبدو أن التطورات السياسية ، التي تشهدها جنوب إفريقيا ما بعد الأبارتيد ، آخذة في التسارع مع اقتراب استحقاقات2009 , التي ستكون بالتأكيد من أشد وأشرس الانتخابات في جنوب إفريقيا , لاسيما وأن حزب ""مؤتمر الشعب"" المنشق عن الحزب الحاكم لا يخفي رغبته في التحالف مع أحزاب أخرى من المعارضة,التي ظلت تشكل, بحكم تجزئها, أقلية غير ذات وزن في المشهد السياسي أمام هيمنة الحزب الحاكم على أزيد من 70 في المائة من مقاعد البرلمان. أما على المستوى الدولي, وبصرف النظر عن اتفاق تقاسم السلطة، الذي مازال يراوح مكانه بشأن تقاسم الحكم مع المعارضة في زيمبابوي, فإن جنوب إفريقيا أنهت مهمتها, نهاية دجنبر الماضي, لمدة عامين في موقع عضو غير دائم العضوية بمجلس الأمن الدولي , وهو الموقع الذي جر على البلد وابلا من الانتقادات بسبب مواقفه المتضاربة أحيانا ، وانحيازه لأطروحات وأنظمة معينة.