"... دخل أخي الهالك يوم الحادث في الساعة الرابعة صباحا إلى المنزل وهو يحمل جرحا أسفل عينه ولم يرغب في التوجه إلى المستشفى... وبعد يومين أكد لي أن ثلاثة أشخاص عرضوه للضرب والجرح بواسطة سلاح أبيض وضربه بحجرة على مستوى قفاه، وذلك على إثر خلاف حول قنينة مشروب غازي، فيما حاول اثنان منهم سرقة هاتفه النقال ومبلغ 80 درهما. وقد زارنا بالمنزل بعد هذه الواقعة كل من جواد وأحمد رفقة والدتهما من أجل الاعتذار عما بدر منهما، لكن شقيقتي لم تكن ترغب الخوض في الموضوع». كانت هذه تصريحات لأخ ضحية فارق الحياة بعد أن تدهورت حالته الصحية ونقل إلى مستشفى الأمير مولاي عبد الله بسلا، علما أن الطبيب المعالج، الذي فحصه لأول مرة أكد لوالده أن وضعه الصحي لا يدعو للقلق. وأشار هذا الأخير أن ابنه كان قد أخبره بأنه تعرض للسرقة من طرف المتهمين، وأصيب على مستوى عينه وعنقه وظهره، وأنه مكث بعد الحادث 12 يوما حيث كان يعمل معه في السوق، إلا أنه لا يعلم أنه يتعاطى القمار. وقد عاينت الشرطة القضائية بمفوضية العيايدة بسلا أن الهالك كان يحمل جرحا أسفل عينه اليمنى وجرحا بفمه، وكذا رضوض برقبته. وتوبع في هذه النازلة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط ثلاثة متهمين، عاطلين عن العمل، واحد منهم متزوج، أب لطفلة ، من مواليد 1988 و 1990 ، 1991 يقطنون بحي واد الذهب بسلا، حيث وجهت للمتهم الأول تهم الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، والسرقة الموصوفة، ومحاولة اختطاف قاصر بالعنف، والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض، وحمل السلاح الأبيض بدون غرض مشروع، في حين اتهم الآخران بجريمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، طبقا لمقتضيات الفصول 114، و 303، و 303 مكرر، و 401 ، و 403، و 436 ، و 509 من القانون الجنائي. وعند اعتقال المتهم الأول تبين أنه متورط في قضيتين أخريتين، الأولى تهم الضرب والجرح بالسلاح الأبيض المتبوعين بالسرقة، والثانية تتعلق بمحاولة اختطاف قاصر بالعنف والتهديد بالسلاح الأبيض، حيث تم الاستماع إلى الضحيتين القاصرين المعتدى عليهما. ونسب إلى الظنين الثالث أنه يوم الحادث كان بعض أبناء الحي يتعاطون للقمار ووقع خلاف بين الضحية والمتهم الأول حول مبلغ 20 درهما ترتبت عنه ملاسنات بدون عنف، وعند مواصلة اللعب تجدد الشنآن ووجه هذا الأخير قبضة «الزبارة» التي كان يتحوزها إلى أسفل عين الضحية ليصيبه بجرح دام، مضيفا أنه نتيجة حالة التخدير التي كان عليها الضحية عرَّض الجميع إلى السَّب والشتم فقام المتهم الأول والثاني بالتشابك معه وتعريضه لعدة ضربات بأسلحتهما البيضاء بمناطق مختلفة من جسمه... أما المتهم الأول فأنكر أمام قاضي التحقيق واقعة الاعتداء على الهالك الذي كان رفقة المتهمين الآخرين يلعبان القمار، وأن المتهم الثالث هو من عرض الضحية للضرب والجرح بواسطة أداة حادة على مستوى عينه اليمنى بعد حصول نزاع بينهما، مضيفا أنه لم يسبق أن قام باختطاف القاصر أو هتك عرضها، مُقراً بأنه سبق أن وجه ضربة لشخص بواسطة سكين. كما أكد المتهم الثاني أن الظنين الثالث هو من تبادل الضرب والجرح مع الضحية وأن دوره اقتصر على فض النزاع بينهما. وأكد دفاع المتهمين أن وفاة الهالك كانت طبيعية، حيث لا وجود للعلاقة السببية مع الفعل، حسب التقرير الطبي، الذي أكد أن الوفاة كانت نتيجة تعفن ترتب على ما تعرض له الهالك من إصابة، حيث اعتبرت المحكمة العلاقة قائمة، «مما تكون معه العناصر المكوِّنة لجناية الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه قد تحققت بخصوص التهم المنسوبة للمتهم الأول». وبعد مناقشة حيثيات الملف حكمت غرفة الجنايات الابتدائية بذات المحكمة على كل واحد من الأظناء بثماني سنوات سجنا نافذا ، وبعدم قبول المطالب المدنية، لكون الطرف المدني لم يدل بما يثبت صفته في الادعاء. وكانت هيئة الحكم مُشكلة من الأستاذ محمد كشتيل: رئيسا، وعضوية الأستاذين رشيد وظيفي، ومحمد بلاز، والأستاذ مراد جلال: ممثلا للنيابة العامة، والسيد البشير التاقي: كاتبا للضبط.