سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
آثار إيداع مشروع مرسوم بإعلان المنفعة العامة في قضايا نزع الملكية لدى المحافظة العقارية.. التعسف قائما حينما يتم رفض الاستجابة إلى طلب السلطة نازعة الملكية.. بقلم // د. العربي محمد مياد
نص الفصل 12 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت رقم 7.81 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف بتاريخ 6 ماي 1982 على أنه يودع مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة العقارية على الأملاك العقارية التابع لها موقع العقارات موضوع نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، مقابل شهادة تثبت تقييد هذا المقرر إما في الرسوم العقارية المعنية أو في سجل التعرضات متى كانت العقارات المعنية موضوع مطلب للتحفيظ، علما أنه يقصد بمقرر التخلي هنا مشروع مرسوم. والتساؤل المطروح هو: ما ذا لو توقفت مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، إما بسبب تراجع نازع الملكية عن متابعة باقي الإجراءات القانونيةن أو في الحالة التي يلغي القضاء مشروع مرسوم بإعلان المنفعة العامة؟ مناسبة هذا التساؤل هو أن أحد الأشخاص أراد أن يتصرف في عقار محفظ يملكه عن طريق التفويت، وعند اطلاعه على السجل العقاري وجد أن العقار المذكور خاضع لمسطرة نزع الملكية منذ الخمسينيات من القرن الماضي من أجل إنجاز تجزئة سكنية . وبعد اتصاله بمصالح الوزارة المكلفة بالسكنى أكدت له بأنها رفعت يدها عن العقار منذ مدة ولا يدخل ضمن مشاريعها المستقبلية إنجاز هذا المشروع، وبعد معاودة المحافظة العقارية من أجل التشطيب على مشروع المرسوم طلبت منه ربط الاتصال بمصالح مديرية أملاك الدولة الإقليمية من أجل مكاتبتها في الموضوع على اعتبار أن هذه المديرية هي المخولة قانونا إجراء نزع الملكية لأجل المنفعة كلما تعلق الأمر بالملك الخاص للدولة. وبالفعل كاتبت هذه الأخيرة المحافظ على الأملاك العقارية المختص وطلبت منه التشطيب على مشروع المرسوم بعلة أن الدولة تراجعت عن إنجاز المشروع، غير أن المحافظ رفض تنفيذ هذا الطلب بعلة أن الفصل 43 من قانون نزع الملكية ينص على أنه إذا تراجع نازع الملكية لأي سبب من الأسباب عن متابعة إجراءات نزع الملكية يكون ملزما باستصدار مشروع مرسوم معدل لمشروع المرسوم القاضي بإعلان المنفعة العامة. والتساؤل المطروح هنا هو: إلى أي حد يمكن للمحافظ العقاري التشبث بهذه المقتضيات من أجل التشطيب على التحملات العقارية المترتبة على نزع ملكية الغير ؟ ثم ألا يفتح هذا باب التعويض عن الضرر لفائدة المنزوعة ملكيته بمناسبة حرمانه من استعمال واستغلال ملكه، في ظل دستور 2011، الذي من أهم مميزاته حماية حق الملكية والمبادرة الحرة؟ بداية لا بد من الإشارة أن مسطرة التشطيب على كل ما ضمن من تقييدات أو بيانات بالرسم العقاري تنظمها مقتضيات قانون التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12 غشت 1913، كما وقع تغييره وتتميمه، وخاصة بمقتضى القانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 بتاريخ 22 نونبر 2011 ، ولا سيما منه الفصل 91 وما يليه . وبدراسة هذه المسطرة نستنبط أن التشطيب على كل ما ضمن في السجلات العقارية لا يتم تلقائيا وإن بناء على اتفاق أو حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به يثبت انعدام جدوى الإبقاء على التقييد . وبناء عليه يمكن لطالب نزع الملكية أن يتقدم أمام المحافظ على الأملاك العقارية بطلب مؤرخ وموقع من طرفه يطلب منه التشطيب على تقييد مشروع مرسوم نزع الملكية، شريطة أن يتضمن هذا الطلب المعطيات التالية : - العقار الذي يعنيه التشطيب مع بيان رقم رسمه العقاري. - التقييد المطلوب التشطيب علبه. - سبب التشطيب. وقد يقول قائل كيف للمحافظ أن يشطب على مشروع مرسوم بناء على طلب عادي ؟ والحال أنه طبقا لتوازي الأشكال لا يسقط مرسوم إلا بمرسوم يوازيه في التراتبية ؟ بداية لا بد من الاشارة إلى أن الهدف من تقييد مشروع مرسوم نزع الملكية، ليس إثبات حق أو منفعة وإنما وحصريا إشهار مسطرة نزع الملكية بدليل أن الفصل 12 الذي نص على إيداع مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة العقارية التابع لها موقع العقار موضوع نزع الملكية جاء معطوفا على الفصل 8 الذي يشير إلى مسطرة الإشهار وهو بصفة عامة يكون لمقتضيات الفصل 13 الذي نص على أنه تتخذ بشأن مقرر التخلي نفس تدابير الاشهار المقررة في الفصل 8 بالنسبة للمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة . والجدير بالذكر أن مشروع المرسوم المذكور لا يودع بالمحافظة إلا في حالتين، الأولى عندما يكون العقار المعني محفظا، حيث يتم إعمال مقتضيات الفصل 85 من قانون التحفيظ العقاري، والثانية عندما يكون العقار في طور التحفيظ، حيث يتم تسجيل مشروع المرسوم في سجل التعرضات، عملا بمقتضيات الفصل 84 من نفس القانون . وقد نص هذا الفصل على أنه: "إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أّأمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك، ويقيد الايداع بسجل التعرضات ." أما في الحالة التي يكون فيها العقار ليس محفظا وليس في طور التحفيظ، فإن تسجيل مشروع مرسوم نزع الملكية يقيد في السجل الخاص الممسوك من طرف كتابة ضبط المحكمة الإدارية المختصة . والحاصل إذن أن عملية التقييد لا تعدو أن تكون مسطرة قانونية بهدف إشهار مسطرة نزع الملكية حتى يكون، بداية المالك المحتمل وكل شخص حسن النية، على دراية وتبصير بهذا الإجراء القانوني. بل إن المشرع اعتبر هذا الإجراء اختياريا في الحالة التي يكون مشروع المرسوم القاضي بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة يتعلق بعمليات أو بأشغال تهم الدفاع الوطني . ومن هنا يكون المحافظ على الأملاك العقارية مطالب بالاستجابة لطلب السلطة نازعة الملكية بالتشطيب على التقييد في السجل العقاري لمشروع المرسوم متى كان العدول عن متابعة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة قائما، إما بسبب التراجع عن المسطرة، أو بسبب إلغاء المرسوم النهائي لعدم جدية مسوغات نزع الملكية، أو لأن قاضي المستعجلات رفض الاستجابة لطلب نقل الحيازة بسبب بطلان المسطرة . وفي جميع الأحوال فإن طلب التشطيب على التقييد في السجل العقاري، لا يعني إلغاء مشروع المرسوم أو اقباره، بل يبقى موجودا من الناحية القانونية إلى حين استصدار مرسوم جديد يلغيه. وهذا ما أكد عليه الفصل 43 من قانون نزع الملكية لأجل المنفعة العامة الذي نص على أنه: " إذا تراجع نازع الملكية لأي سبب من الأسباب خلال أية مرحلة من مراحل المسطرة الإدارية أو القضائية قبل الحكم بنقل الملكية عن نزع ملكية عقار كلا أو بعضا أو كان العقار المذكور واقعا في المنطقة المطلوب نزع ملكيتها أو معينا في مقر التخلي ترتب على هذا التراجع، بشرط مراعاة أحكام الفصل 23، استصدار نازع الملكية لمقرر معدل لمقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة أو لمقرر التخلي. وتتخذ بشأن هذا المقرر المعدل تدابير الإشهار المنصوص عليها في الفصل 8 ويترتب على نشره في الجريدة الرسمية بحكم القانون، حسب الحالة، رفع الارتفاقات المنصوص عليها في الفصول 15و16و17، وسحب الدعوى من المحكمة الإدارية وإعادة الحيازة للملاك المعنيين بالأمر فيما يخص العقار أو جزء العقار المسقط من نزع الملكية ." وفي هذا الإطار قضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بأنه: " لا يمكن الاستجابة لطلب نازع الملكية الرامي إلى الإشهاد على تنازله عن دعوى نقل الملكية المقدمة في إطار الفصل 18 من القانون رقم 81.7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، إلا أدلى بما يثبت استصداره لمقرر يعدل المقرر المعلن للمنفعة العامة التي قدمت تلك الدعوى استنادا إليه، فضلا عن وجوب تقديم هذا التنازل قبل الحكم بنقل الملكية طبقا للفصل 43 من القانون المشار إليه أعلاه ."(قرار عدد 696 بتاريخ 10 أكتوبر 2007 في الملف رقم113/07/11، منشور على موقع وزارة العدل والحريات) . لذلك نرى بأن المحافظ على الأملاك العقارية يكون متعسفا عندما يرفض الاستجابة إلى طلب السلطة نازعة الملكية الرامي إلى التشطيب على مشروع المرسوم بإعلان المنفعة العامة من السجلات العقارية، وكذلك الشأن بالنسبة لرئيس كتابة الضبط لدى المحكمة الإدارية في الحالة التي يكون العقار موضوع نزع الملكية غير محفظ، وبالتالي يعتبر موقفهما حسب الاختصاص قرارا إداريا قابلا للطعن أمام القضاء الإداري المختص محليا من أجل إلغائه وترتيب الآثار القانونية . هكذا تنتهك أبسط حقوق القضاة ذ. ياسين مخلي ° استمعت المفتشية العامة التابعة لوزارة العدل أخيرا للقاضية أمال حماني، على خلفية تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي، انتقدت فيها المادة 97 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة، و هو ما اعتبرته العديد من المنابر الإعلامية إجهازا على حرية التعبير المكفولة دستوريا للقضاة، فيما اعتبرته المفتشية العامة في بلاغ غير مسبوق لها أنه جاء في إطار شكاية تقدم بها بعض البرلمانيين بكون التدوينة موضوع البحث شكلت تهديدا لهم. وعليه هل الاستماع الذي باشرته المفتشية العامة تم في إطار القانون و مقتضيات الدستور ؟ و ماهي الخروقات التي تم رصدها خلال هذه المرحلة ؟ و ماهي السبل الكفيلة لمعالجتها و تجاوزها؟ ... منح المشرع لوزير العدل - قبل إقرار النصوص التنظيمية - تعيين قاضيا أو عدة قضاة من محكمة النقض، أو ممن يزاولون عملهم بالإدارة المركزية بالوزارة للقيام بتفتيش المحاكم غير محكمة النقض، كما منحهم سلطة عامة للتحري و البحث و استدعاء القضاة للبحث في وقائع محددة. إن السلطة العامة التي منحها القانون للمفتشين للتحري و البحث ليست في نظري سلطة مطلقة غير مقيدة بضوابط حقوقية، بل على العكس من ذلك فهي مشروطة بضرورة احترام الحقوق الأساسية للقضاة بمقضى الدستور أو الاعلانات الدولية، لكن الملاحظ أن الأبحاث التي تولت المفتشية العامة إنجازها بخصوص وقائع محددة بناء على أمر وزير العدل، كما هو الأمر بالنسبة للاستماع الذي خضعت له القاضية أمال حماني عرف عدة خروقات سبق لنادي قضاة المغرب أن رصدها في قضايا سابقة و المتمثلة فيما يلي : 1) عدم استدعاء القضاة بشكل كتابي رسمي يتضمن موضوع الاستماع، إذ يتم الاقتصار على إشعار شفوي من طرف المسؤول القضائي . 2) رفض حق المؤازرة من طرف أحد الزملاء أو المحامين رغم التمسك بذلك، بعلة عدم وجود نص يبيح ذلك ، 3) عدم تسليم نسخ محاضر الاستماع المنجز ة بعد التوقيع عليها . 4) الاستماع للقضاة بسبب نشاطاتهم الجمعوية . إن الاستماع الذي تباشره المفتشية العامة خلال هذه المرحلة يفتقر لكل الضمانات الدستورية، حتى تلك التي يتمتع بها الأجراء بمقتضى المادة 62 مدونة الشغل عند الاستماع إليهم من طرف المشغل بصدد المسطرة التأديبية و التي توجب أن يكون الاستماع خلال الثمانية أيام من تاريخ ارتكاب الفعل المنسوب للأجير ، و أن يتم بحضور الممثل النقابي، أو مندوب العمال الذي يتم باختيار الأجير ، وأن يسلم نسخة من محضر الاستماع للأجير . كما اعتبر القضاء أن عدم احترام الإجراءات المحددة في المسطرة التأديبية من طرف المشغل يغني المحكمة عن مناقشة الأخطاء المنسوبة للأجير في حالة تمسكه بها . ولا شك أن المجلس الأعلى للقضاء هو المؤسسة الدستورية التي تملك صلاحية وسلطة الرقابة على الأبحاث الإدارية القبلية التي تتولى المفتشية العامة إنجازها و تقدير مدى احترامها للتواجهية و حقوق الدفاع ، لأن ذلك لا يجب أن يقتصر على المحاكمة التأديبية أمامه، طبقا للفصل 61 من النظام الأساسي للقضاة ، بل يجب أن يمتد أيضا إلى جميع الإجراءات و الأبحاث السابقة لها، و هو التوجه الذي اعتمده المجلس الأعلى للقضاء بفرنسا في قراره الصادر بتاريخ 11 يوليوز 2013 و الذي جاء فيه: " أنه لتقييم مدى احترام حقوق الدفاع و مبدأ التواجهية لا يتعين الإستناد فقط على الحقوق الممنوحة للقاضي المتابع بعد الإحالة على المجلس الأعلى للقضاء و لكن أيضا – واعتبارا لدوره المحدد في جمع العناصر الواقعية الكفيلة بتبرير المتابعة التأديبية – الإستناد على الشروط التي تدير في إطارها المفتشية العامة للمصالح القضائية الاستماع إلى القاضي أثناء البحث الإداري الذي تباشره ". و رغم أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة نص على إمكانية المؤازرة أمام القضاة المقررين بمقتضى المادة 87 من مشروع القانون التنظيمي المنظم للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما صادق عليه مجلس النواب، الا أنه لم ينظم حقوق القضاة أمام المفتشية العامة للشؤون القضائية، و هو ما يجب تنظيمه، أو على الأقل تطويره في دليل التفتيش بالتشارك مع الجمعيات المهنية القضائية . إن دليل التفتيش القضائي، الذي سبق للمفتشية العامة التابعة لوزارة العدل إعداده سنة 2005، لم يعد يواكب المبادئ التي أسس عليها دستور 2011، إذ بالاطلاع عليه يظهر أنه لم يشر لأية ضمانات للقضاة باستثناء حق الاطلاع على القسم الأول من التقرير المنجز من طرف المفش العام و ابداء الملاحظات بشأنه (القاعدة 51) . و إذا كانت هذه الملاحظة تتعلق بالشكليات و الضمانات فان مناقشة موضوع الاستماع يتطلب هو الآخر في حالة الزميلة أمال حماني الكشف عن أسماء البرلمانيين المشتكين، و تسليم نسخة من الشكاية للقاضية المستمع لها، خاصة و أن انتقاد مقتضيات المادة 97 من مشروع القانون التنظيمي المعتبر بمثابة النظام الأساسي للقضاة ليس جريمة، بل واجب مهني. ° عضو بنادي قضاة المغرب والمرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية