بعد احد عشر عاما على وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، تسعى الاطراف الفلسطينية الى جعل منزله القريب من شاطئ غزة رمزا لوحدة الفلسطينيين الذين قسمتهم الصراعات على السلطة وخذلتهم اتفاقات السلام مع اسرائيل وابتعاد حلم نشوء الدولة. وسلمت حركة حماس يوم الثلاثاء الماضي المنزل الذي يعج بالذكريات والصور والكتب والملفات الى منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتزم تحويله الى متحف، لتكون الحقبة التاريخية التي قاد خلالها عرفات الفلسطينيين حاملا "سلاح الثائر" ثم "غصن الزيتون"، بحسب تعبيره، في متناول كل الزوار في المستقبل. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير زكريا الآغا خلال عملية التسليم والتسلم "هذا هو بيت الامة وبيت الشعب والمكان الذي كان يعيش فيه عرفات رمز الشعب"، مضيفا "نأمل ان تلي هذه الخطوة التي قامت بها حماس خطوات اخرى كثيرة لانهاء الانقسام، لان ابو عمار كان رمز الوحدة الوطنية ويتفق عليه الجميع". ففي خزانة مطلية باللون الاسود، تتكدس عشرات الملفات والكتب باللغات الانكليزية والفرنسية والعربية، وقد غطاها الغبار. وبين الكتب المترجمة الى اللغة العربية كتابا "مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب"، و"الاسلام الدولة والمجتمع". ومن الكتب العربية "اديان العرب قبل الاسلام" للاب جرجس داوود، و"حرية الفكر والاعتقاد في الدين الاسلامي" لجمال البنا. قبالة الخزانة، مكتب عرفات الخشبي وكرسيه الجلدي، حيث كان عرفات يمضي ساعات طويلة يعمل قبل ان ينصرف الى غرفة نومه في الطابق الاول من المنزل المكون من طبقتين. وانشغل عدد من قادة الفصائل والزوار الذين حضروا المناسبة في تصفح البومات صور وضعت على طاولة في وسط الصالة الرئيسية في المنزل، وتضمنت اكثر من مئتي صورة للراحل اثناء استقبالاته قادة وزعماء من العالم وبينهم الرئيسان السابقان الاميركي بيل كلينتون والفرنسي جاك شيراك. بين الصور، واحدة لعرفات وهو يقدم كوب ماء الى مؤسس حماس الشيخ احمد ياسين الذي اغتالته اسرائيل عام 2004 واخرى وهو يقبل يد طفل فلسطيني مصاب يرقد في مستشفى بغزة. واخرج أحد حراس عرفات السابقين بزة عسكرية وسترة واقية من الرصاص من خزانة الزعيم الراحل الخاصة، وقام القيادي البارز في حركة فتح ابراهيم ابو النجا بتقبيل الملابس دون ان يتمكن من حبس دموعه. كما نظّمت مؤسسة بيت الصحافة معرض صور أُطلق عليه اسم "حصار الختيار أبو عمار"، يوثق الحصار الذي تعرض له في مقره بمدينة رام الله، قبيل وفاته. ويقع منزل عرفات حيث اقام مع اسرته منذ عودته الى الاراضي الفلسطينية عام 1994، في محيط مجمع "انصار" الذي كان يضم مقار الاجهزة الامنية التابعة للسلطة والذي دمرته اسرائيل، وقرب مرفأ الصيادين غرب مدينة غزة. وسلم القيادي في حماس غازي حمد بندقية عرفات الخاصة الى الاغا قائلا "هذا هو سلاح الرئيس الراحل ابو عمار". وقبل الاغا السلاح، وبدا التأثر على جميع الحاضرين. وقال المتحدث باسم فتح فايز ابو عيطة "كان ابو عمار رمزا، وبيته يختصر مرحلة تاريخية هي الاهم في كفاحه وحفاظه على الثوابت الوطنية وحقوق الشعبه"، مشددا على ان عرفات "لم يهب العدو". وفي مدينة غزة، حمل معرض صور عنوان "عرفات والثورة"، وضم اكثر من مئة صورة ولوحة خشبية توثق مراحل حياة الزعيم الراحل. وبينها لوحة زيتية للرسام ناجي نصر تمثل عرفات مع الرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر والعراقي صدام حسين. وتوفي عرفات في 11 نوفمبر 2004، عن عمر يناهز 75 عامًا، في مستشفى عسكري في ضواحي باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصاره من قبل الجيش الإسرائيلي في مقر المقاطعة برام الله، وسط الضفة الغربية، لعدة أشهر.