التوضيح الذي بادر المدير العام للشركة الوطنية لتسويق البذور "سوناكوس" بنشره عبر وكالة أنباء أجنبية في شأن إلغاء عقد إشهار مع يومية "أخبار اليوم" يمثل سابقة في تاريخ الممارسة الإعلامية في بلادنا بالنظر إلى علاقة هذا القرار بحرية التعبير في بلادنا. يبدو أن علاقة الشركة بالجريدة اليومية كانت سمنا على عسل في مضى من أيام، إلى إن تجرأت هذه اليومية على إقحام نفسها في خلاف جوهري داخل الحكومة كان وزير الفلاحة أحد أطرافه، وما وزير الفلاحة في نهاية المطاف غير الرئيس المباشر للمدير العام لشركة "سوناكوس" وهنا تتجلى الخطورة البالغة التي اكتساها قرار توقيف الإعلانات عن الجريدة والذي أخذ صفة الإجراء العقابي ضد جريدة مارست واجبها المهني في الإخبار والتعليق. المؤكد أن شركة "سوناكوس" ليست ملكا خاصا للسيد وزير الفلاحة والصيد البحري، ولذلك لا حق له ولا لمديره في عليها لاستعمالها سوطا يجلد به مخالفيه في الرأي، والسيد وزير الفلاحة والصيد البحري شخصية عمومية من الشخصيات التي قبلت طواعية بأن تدبر الشأن العام وأن تكون خاضعة للمراقبة العامة والخاصة الممارسة من قبل البرلمان ووسائل الإعلام والقضاء والمجتمع المدني وبالتالي لا يقبل أن ينزعج من التعبير عن رأي مخالف ولا من انتقاد، وحتى إذا اعتبر أن الأمر يتجاوز حدود النقد فإن حقه في أن يلتجئ إلى القضاء لتصحيح الأمور وإنصافه يبقى مضمونا. إن قرار المدير العام لشركة "سوناكوس" أساء إلى السيد وزير الفلاحة والصيد البحري قبل أن يسيء ليومية "أخبار اليوم" ولا إلى المشهد الإعلامي، لأن القرار أظهر الوزير في صورة المسؤول المتعنت الذي لا يقبل بالرأي الآخر، وبالمسؤول السلطوي الذي يحرص على أن يقتص لنفسه بالوسائل التي يراها مناسبة لذلك. ثم إن القرار يسيء إلى سمعة وصورة البلد، فعيب أن يقال على مغرب يعاند من أجل تحسين صورته الخارجية إن أحد وزرائه انتقم من جريدة خالفته الرأي بأن أوقف عليها الإشهار العمومي، ناهيك أن هذا القرار يظهر للعالم أن توزيع كعكة الإشهار في المغرب يخضع لحسابات سياسية صرفة، وهذا ما لا يمكن للسيد وزير الفلاحة والصيد البحري نفسه قبوله. آمل أن يبادر السيد وزير الفلاحة والصيد البحري إلى تدارك الأمر بإعطاء تعليماته المباشرة لمديره في "سوناكوس" لإلغاء القرار الزجري التعسفي فورا وبالإعتذار لمن قد يكون القرار أساء إليهم.