فيما يبدو مباركة لما تقترفه أسلحة الدمار الشامل الاسرائيلية في أرض غزة خصوصا من طرف المنتظم الأممي والدول العظمى واصلت الآليات الحربية الاسرائيلية عدوانها على الشعب الفلسطيني، حيث أمطرت غزة بمآت القنابل مخلفة شهداء وجرحى ومعطوبين ودمار. فلقد ساوى مجلس الأمن بين المعتدي والضحية وتبنى عقب اجتماعه الطارئ إعلانا غير ملزم طالب فيه «بالوقف الفوري لأعمال العنف» ودعا دون أدنى خجل «أطراف النزاع إلى الوقف الفوري لكل أنشطتهم العسكرية». وواضح أن إعلان مجلس الأمن يخاطب الطرف الفلسطيني وكأنه بدوره يرسل مآت أحدث الطائرات من أباشي وإف 16 لتقتيل مئات المواطنين المدنيين، بعد أن أكد الارهابي أولمرت أنها حرب بلا هوادة، ولم تزغ مواقف الدول العظمى بداية من اليابان ونهاية بفرنسا عن هذا التوجه الذي أعاد بان كي مون التأكيد عليه، إذ ساوت بدورها بين المجرم الحقيقي والضحية، بيد أن أوباما تحاشى الحديث عن المجزرة واكتفى أحد مستشاريه بالتأكيد على العلاقة الخاصة لأوباما مع إسرائيل. هذا ما مثل الضوء الأخضر للكيان الصهيوني الذي واصل إغراق غزة بالقنابل والتي طالت المساجد وقتلت أطفالا كانوا يوجدون بالقرب منها، والتي طالت أيضا الجامعة الإسلامية في غزة والتي حولت بعض روادها إلى أشلاء، وهذا كفيل وحده بتنفيذ الإدعاء الاسرائيلي بالقول بأن الغارات تقتصر على المنشآت الأمنية. في ضوء كل ذلك ارتفعت حصيلة الشهداء إلى أكثر من 320 شهيد، وتجاوز عدد الجرحى 1500 ، كثير منهم إصاباتهم بليغة جدا، واكتفت بعض الدول العربية بإرسال مواد دعم طبية وغذائية لم يسمح لغالبيتها إلى حدود صباح أمس بالدخول. وفي المقابل عمت مظاهر الغضب جميع أرجاء الوطن العربي حيث اجتاحت الجماهير الغاضبة شوارع المدن الكبيرة والصغيرة مطالبة بالتصدي للعدوان بما يجب من حسم وحزم، كما أن مسيرات ووقفات احتجاجية اجتاحت عدة عواصم أوربية وأسيوية. وإلى حدود زوال أمس واصل العدوان الاسرائيلي الهمجي نشاطه بكل ثقة في النفس، مطمئنا لردود فعل المجتمع الدولي التي كانت في عمقها مباركة ومساندة.