خرج ملف الصراع بين مؤسسة الرئاسة وجهاز المخابرات الجزائرية للعلن في المشهد السياسي، مثرا للجدل من جديد بعد تصريحات لرئيس الوزراء عبد المالك الجزائري عبد الملك سلال الأخيرة، نفى فيها وجود انقسام داخل الحكومة بين موالين للرئيس بوتفليقة وموالين للجنرال توفيق قائد جهاز المخابرات العسكرية، الرجل القوي في المؤسسة العسكرية. وشدّد سلال، في تصريحات صحفية إثر زيارة قادته إلى مدينة قسنطينة شرقي البلاد بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمجاهد، حسب ما نقلت صحيفة العرب اللندينية، على وحدة الحكومة وتناسقها "تحت سلطة واحدة هي سلطة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة". وكانت تقارير إعلامية أشارت إلى وجود خلافات بين أعضاء في الحكومة التي يقودها عبد المالك سلال، حيث توقعت بعض التحاليل بقرب حدوث تغيير حكومي قد يطيح وجاء نفي المسؤول الجزائري لوجود انقسامات في حكومته، بعد ورود أخبار حول تجدد الصراع بين بوتفليقة وقائد جهاز المخابرات محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق بسبب سلسلة التغييرات في الجهاز الأمني بمعية مؤسسة الرئاسة والتي قضت بإبعاد قيادات محسوبة على توفيق. يشار إلى أن الفريق أحمد قايد صالح، قائد أركان الجيش الجزائري، ونائب وزير الدفاع أعد منذ عدة أشهر قائمة تضم أسماء 74 من كبار الضباط في الجيش تمهيدا لإحالتهم على التقاعد، في فصل جديد من صراعه مع قائد المخابرات. وضمت قائمة العسكريين المرشحين للإحالة على التقاعد كبار الضباط بينهم لواءات وعمداء وعقداء، عدد كبير منهم ينتمي إلى جهاز المخابرات. في هذا الصدد، يرى مراقبون أن إحالة العديد من كبار الضباط خاصة المنتمين للمخابرات، تهدف إلى إضعاف قائدها من خلال حرمانه من أقرب مساعديه، ومعاقبة هذا الجهاز الذي فتح التحقيقات الكبرى حول الفساد التي طالت الفريق الرئاسي. واعترف الجنرال، حسين بن حديد، مستشار وزير الدفاع الجزائري ليامين زروال سابقا، في تصريحات صحفية سابقة، بوجود صراع بين مؤسسة الرئاسة والمخابرات التي هي جزء من الجيش، وقال إن "الرئيس وأمام عجزه وظف عمار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، للتلاعب بمصير الجزائر والعمل على إضعاف جهاز المخابرات". واعتبر بن حديد أن "حاشية الرئيس تحاول أن تحمي نفسها من الملاحقة لأنها متورطة في الفساد وتسعى بكل الطرق إلى تجنب المحاسبة". وقال "الرئيس يحاول أن يضعف جهاز الأمن العسكري، ولن يتمكن من تنفيذ مخططه، لأنه يخاف من المحاسبة، ولأنه يعلم أن ملفات فساد ثقيلة ضده موجودة في هذا الجهاز، ملفات تتحدث عن نهب 37 مليار دولار من المال العام وقضايا أخرى كثيرة". وفي المقابل، شن عمار سعداني، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، هجوما عنيفا غير مسبوق في تاريخ الممارسة السياسية في البلاد، على مدير جهاز المخابرات، قائلا "مديرية الأمن الداخلي التابعة لجهاز المخابرات تتدخل باستمرار في الشأن السياسي وفي شؤون الأحزاب ووسائل الإعلام والعدالة". وقال سعداني إن جهاز المخابرات، فشل في مهامه، مثل حماية الرئيس الجزائري الأسبق، محمد بوضياف من الاغتيال، كما فشل في حماية زعيم نقابة العمال بداية تسعينات القرن الماضي، عبد القادر بن حمودة ، وفي حماية المنشآت البترولية في الجنوب، كما أنه لم يعرف كيف يحمي الرئيس بوتفليقة في باتنة أين كان هدفا لمحاولة اغتيال".