يتواصل تبادل الرسائل السياسية بين الرباطونواكشوط، في محاولة كل طرف منهما إلى جر الطرف الآخر إلى رقعة ملعبه. فبعد أن سادت مؤشرات كثيرة خلال الأشهر القليلة الماضية حول عودة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مجراها الطبيعي وموقعها العادي استجدت وقائع جديدة دفعت بهذه المؤشرات إلى الخلف، وعادت العلاقات الثنائية بينهما إلى مرحلة التجاذب. وإذا كانت الرباط تستخدم وجود معارضين كبار لنظام الرئيس الموريتاني في المغرب بهدف الضغط على نواكشوط فإن هذه الأخيرة تستغل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية في محاولة منها لامساك المغرب من الجهة التي تؤلمه كثيرا. نواكشوط لم تنتظر كثيرا هذه المرة في الرد على ما أثار غضب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا حينما حضر مسؤول مغربي أمني رفيع المستوى حفل زفاف نجل أحد أهم معارضي نظام الرئيس الموريتاني بمدينة مراكش، حيث عمد الرئيس الموريطاني إلى تخصيص استقبال رسمي لأحد قياديي جبهة البوليساريو الانفصالية المدعو محمد ولد السالك الذي يقال إنه يشغل منصب وزير خارجية البوليساريو، وتعمدت السلطات الموريتانية نقل وقائع هذا الاستقبال في وسائل إعلام المغرب، ولم تتوقف رغبة نواكشوط في استفزاز الرباط عند هذا الحد، بل زادت عن ذلك بأن نظمت للمسؤول القيادي في الجبهة الانفصالية سلسلة لقاءات مع مسؤولين سياسيين موريتانيين، استهلت باجتماع التقى فيه برئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وهو الرجل الثاني في هرم السلطة، وتواصلت بلقاءات جمعت المسؤول القيادي في الجبهة بكل من نائب رئيس حزب الوئام الموريطاني السيد أدومو ولد عبدي ولد الجيد وبرئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية الموريتاني السيد أحمد ولد دادة وبرئيس حزب التحالف الشعبي، التقدمي الموريتاني السيد مسعود ولد بلخير، وبدا واضحا أن نواكشوط تمسك بدمية البوليساريو تسخرها وتلعب بها بالشكل الذي تقدره مناسبا في تعاطيها مع التجاذب مع الرباط. والحقيقة يصعب على أي محلل أن يفهم الأسباب الحقيقية لسوء التفاهم الحاصل مابين بلدين يلتقيان في كل شيء، إلا فيما يخبئه المسؤولون عن إدارة هذه العلاقات.