أكد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة خلال القمة التي جمعته أخيرا برئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي أن المغرب يجمد في الوقت الراهن مطالبته بسبتة ومليلية المحتلتين. وهو نفس التصريح الذي أدلى به أخيرا في البرلمان، مما يعطي لهذا التصريح أبعادا أخرى تختلف عن التصريحات الفردية التي يمكن أن يدلي بها هنا وهناك. وذكرت وسائل إعلام متطابقة أن بنكيران نفى عن نفسه دائما مسؤولية تجميد المطالبة بالمدينتين، مما يعني أن هذا الملف يتجاوزه. وقد خلفت تصريحات بنكيران ارتياحا في الأوساط السياسية الإسبانية بعدما كانت في وقت سابق قد أخذت تستعد لمواجهة المغرب في الأممالمتحدة حول موضوع المدينتين المحتلتين. وأكدت إسبانيا على لسان راخوي أن المهم الآن هو تقوية العلاقات بين البلدين وأن موضوع سبتة ومليلية هو من المواضيع التي سيتم تأجيلها. من جهته عبر خوسي امبرودا حاكم مليلية أن ما يجمع المغرب وإسبانيا أكثر مما يفرقهما خصوصا مطالبة المغرب باسترجاع المدينتين المحتلتين، مبديا ارتياحه لإعلان رئيس الحكومة المغربي عن تأجيل النظر في هذا الملف. وكان المغرب قبيل هذه التصريحات بوقت قصير قد أكد أنه سينقل ملف سبتة ومليلية المحتلتين إلى الأممالمتحدة، وهو ما أثار حفيظة إسبانيا التي أخذت هذه التصريحات على محمل الجد وبدأت تعد العدة لمواجهة الموقف المغربي في الأممالمتحدة بالاستعانة بخبراء في الدبلوماسية وفي القانون الدولي وفي الشؤون المغربية. وكانت آخر مرة وضع فيها المغرب هذا الملف لدى الأممالمتحدة سنة 1975، ومنذ ذلك التاريخ لا يتم التعرض لهذا الملف إلا لماما. وأثير هذا الملف بجدية أيام حكومة عباس الفاسي الذي أكد في البرلمان أن المغرب لن يتخلى عن سبتة ومليلية، وأنه سيمضي في المطالبة بهما، باعتبار الأمر مطلبا شعبيا لا يمكن التخلي عنه. وقد جاءت تصريحات عباس الفاسي إذاك ردا على الاستفزازات التي قام بها بعض المسؤولين السياسيين الإسبان، من خلال زياراتهم إلى المدينتين المحتلتين، في إشارة إلى تأييد احتلالهما واستفزاز شعور المغاربة. وخلفت تصريحات عباس الفاسي في تلك الآونة ردود فعل قوية في إسبانيا، كما خلفت أزمة دبلوماسية انتهت بإعلان الطرفين خاصة الإسباني النظر إلى العلاقات المغربية الإسبانية، في إيجابياتها من خلال ما يوحدها وتجنب كل ما من شأنه أن يثير عواطف هذا الطرف أو ذاك. وتبدو خطوة بنكيران في هذه الظروف بالذات مثيرة للتساؤلات، خصوصا وأن المغرب صرح قبيل هذا الإعلان عن عزمه وضع ملف سبتة ومليلية لدى الأممالمتحدة، قبل أن يتراجع عن هذا القرار خلال لقاء بنكيران مع راخوي. وكانت التصريحات المغربية بنقل موضوع سبتة ومليلية إلى الأممالمتحدة قد جاءت بعد بعض التسخينات والتصريحات الدبلوماسية الإسبانية التي لا تسير في اتجاه مصلحة المغرب في قضية الصحراء المغربية، وذلك من خلال توجيه انتقادات إلى مسؤولين سياسيين إسبان زاروا الأقاليم الجنوبية ومنهم ثباتيرو رئيس الحكومة الأسبق الذي حضر للقاء «كراس مونتانا» بالداخلة وكذلك مهرجان طانطان الثقافي. وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي توجد فيه إسبانيا ضمن الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، وهو الوضع الذي يجعلها في موقع التأثير سلبا أو إيجابا عن مصالح المغرب الحيوية خاصة في ملف الصحراء.