على اعتبار أن المدرسة شأن مجتمعي ، وعلى أن إصلاح التعليم مسألة تهم الجميع وعلى الكل الانخراط فيها، حاولنا في هذا الملحق التنويه بالإنجازات المحققة، والتنبيه وإثارة عدد من المنزلقات ، وهو ما جر علينا «غضب»الوزارة في أحيان كثيرة تتهمنا بالتشكيك فيما تم إنجازه وبالسوداوية، كثير مما سبق وتناولناه، عرضه التقرير الذي قدمه المجلس الأعلى للتعليم، قبل أيام، في قراءة لما أنجز خلال عشرية الميثاق، وفي انتظار التقرير الاستراتيجي لا بد من التذكير ببعض ما وقف عليه التقرير الوحيد واليتيم لحد اليوم والصادر سنة2008، والذي لو تم التعامل معه بما يلزم لحققنا الكثير، وجاء مضمون التقرير الأخير أكثر إيجابية لو تم تصحيح المنزلقات وتثمين الإيجابيات، غير أن الأمور أريد لها أن تسير عكس التيار، بل وتتدحرج إلى الأسوأ . التقرير السابق أشار إلى استمرار الهدر المدرسي بنسب متزايدة: قرابة 390000 تلميذ يغادرون المدرسة كل سنة، أكثر من نصفهم في التعليم الابتدائي، لأسباب غير الطرد والفشل الدراسي، بحيث تقدر تكلفة الانقطاع الدراسي وعدم التمدرس ب 2 % من الناتج الداخلي الخام وفي التقرير الأخير ارتفعت إلى قرابة 10% من ميزانية وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. نسب تكرار مرتفعة: 17% منذ السنة الأولى من الابتدائي، و30% في الثالثة من الثانوي الإعدادي والثانية من البكالوريا: من أصل 100 تلميذ مسجل بالسنة الأولى ابتدائي 13 فقط منهم يحصلون على البكالوريا، مع ضعف التحكم في المعارف والكفايات الأساسية (القراءة والكتابة والحساب) حسب آراء مختلفة، ولاسيما في اللغات . النسبة بعد 5سنوات قاربت % 77 ممن لا يعرفون القراءة! صعوبات في تحقيق الوظيفة التربوية للمدرسة: محدودية ترسيخ قيم الحقوق والمواطنة واحترام الآخر؛ وبروز بعض مظاهر السلوكات اللامدنية: العنف، الغش في الامتحانات، الإضرار بالملك العام وعدم احترام الأدوار...ثم ضعف المردودية الخارجية للمنظومة: بطالة خريجي بعض المسالك الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح، وندرة الكفاءات في بعض القطاعات.أما في باب التكوين والتأطير فتحدث التقرير عن كون نسبة مهمة من المدرسين يعتبرون أن التكوين الأساس لا يستجيب في محتوياته ومناهجه لمستجدات الإصلاح، ولاسيما بالنسبة لمدرسي التعليم الابتدائي؛ مع نقص ملحوظ في التكوين المستمر يعوق تحسين كفايات المدرسين وقدرتهم على تطبيق التوجيهات البيداغوجية الجديدة، وضعف الميزانية المخصصة للتكوين؛وكذ النقص العددي في هيئة التفتيش، بوسائل عمل محدودة، وضعف مواكبتها للمدرسين وتأطيرهم وتوجيههم. والتقرير الجديد ذهب أبعد من ذلك واعتبر وحدة تكوين الأطر خارج التغطية! أما ظروف العمل فغالبا ما تكون صعبة وأقل حفزا لمزاولة المهنة. وضعية متدهورة أحيانا للبنيات المدرسية وتجهيزاتها، تسهم في ضعف انخراط المدرسين. صعوبة ظروف مزاولة المهنة داخل الفصل: نقص في الوسائل الديداكتيكية، الاكتظاظ، الأقسام متعددة المستويات؛ معاناة المدارس في الوسط القروي من عدة نقائص: سكن المدرسين، صعوبات التنقل، ثلاثة أرباع المدارس بهذا الوسط غير مرتبطة بشبكة الكهرباء، ولا تتوفر على مرافق صحية.. غياب تدبير للموارد البشرية مبني على النتائج والمساءلة، وعلى الحفز المستحق للمدرسين . هذه عناوين كبرى فقط مجالات كثيرة تم الاخفاق فيها ويضيق المجال لسردها ، نتمنى أن تتضافر الجهود للحد مما يتولد عنها من ظواهر سلبية مرتبطة بجميع المتدخلين والفاعلين وبجميع أفراد المجتمع المدرسي، نذكر بها لعل وعسى تستفيق الضمائر لتنقذ المدرسة العمومية من التدمير.