إستراتيجيتنا في المغرب تتركز في ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات بما يتيح الارتقاء بانتقالها الديموقراطي إلى أعلى المستويات شارك السيد محمد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في الندوة الدولية حول حقوق الإنسان التي نظمتها المؤسسة الإسبانية «الرسالة المتوسطية» برعاية من الحكومة الإسبانية والحكومة المستقلة للأندلس ومجلس مدينة قرطبة أيام 12-13-14 دجنبر الجاري بقصر المؤتمرات والمعارض بمدينة قرطبة في إطار الاحتفال بالذكرى الستينية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد شارك في أشغال هذه الندوة عدد من المسؤولين الإسبان يتقدمهم وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد ميغيل أنخيل موراتينوس، كما حضرها بعض الضيوف من خارج إسبانيا كان من بينهم السيد محمد سعد العلمي الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان. وهكذا فقد استعرض السيد محمد سعد العلمي في العرض الذي قدمه حول حقوق الإنسان بالمغرب التطورات الأساسية التي شهدتها بلادنا في ميدان حقوق الإنسان، حيث أبرز في البداية بعض المنعطفات الهامة في هذا المجال، متوقفا على الخصوص عند إنشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وما أعقبه من انفراج عام. بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورجوع المغتربين إلى وطنهم، وتوسيع فضاء الحريات، بما مهد لانخراط البلاد في مرحلة جديدة من الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية، والتي هيأت للشروع في إرساء قواعد بناء مغرب جديد ؛ وليستفيض في الحديث بعد ذلك عن وضعية حقوق الإنسان خلال العقد الأخير، بعد اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، حيث عرفت هذه الفترة دينامية متنامية في مجال ترسيخ حقوق الإنسان وحمايتها وحفظ كرامة المواطنين. وفي هذا الإطار ركز السيد سعد العلمي تدخله على محطات بعينها طبعت مسار المغرب في هذا المجال وشكلت نماذج أثارت الاهتمام والتقدير من قبل مختلف الأوساط الحقوقية في العالم. ويعتبر إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة بقرار من الملك محمد السادس، محطة بارزة شكلت إحدى التجارب الناجحة التي يعتد بها في مجال العدالة الانتقالية، حيث تكلفت هذه الهيئة بكشف الحقيقة بخصوص الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي، وبالنظر في جبر الأضرار الفردية والجماعية التي تعرض لها الضحايا، كما سعت إلى تحقيق المصالحة عبر نقاش عمومي حول مختلف جوانب تلك الانتهاكات، وانتهت بالإضافة إلى ذلك إلى إصدار توصيات من أجل ضمان عدم تكرار ما حدث والحيلولة دون الإفلات من المساءلة. وتعتبر قضية المساواة بين الرجل والمرأة من بين أهم مشاغل السلطات العامة والمجتمع المدني على حد سواء. وقد شكل إقرار مدونة الأسرة محطة مضيئة أخرى كانت بمثابة ثورة مجتمعية هادئة، حيث سعت إلى ضمان التكافؤ بين الرجل والمرأة وحفظ كرامتهما وصون حقوق الأطفال وحماية الأسرة. وبالإضافة إلى ذلك فقد اتخذت عدة تدابير من أجل تعزيز تبوإ المرأة مراكز القرار وتقلد المسؤولية على جميع الأصعدة، وفقا للحقوق التي يضمنها لها الدستور، مقدما في هذا الصدد أمثلة عن المكاسب التي نالتها المرأة المغربية في الميدان السياسي من خلال حضورها الوازن في الحكومة أو من خلال تمثيليتها في البرلمان، ومستقبلا على صعيد الجماعات المحلية بعد التعديلات التي أدخلت أخيرا على مدونة الانتخابات. وإلى جانب ما أولاه المغرب من اهتمام بالحقوق المدنية والسياسية، فإنه يولي عناية متزايدة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهكذا، وفي سياق تعزيز وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ترمي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 18 ماي 2005 إلى تدارك التأخر في مجال تنفيذ أهداف التنمية البشرية الذي أظهره تقرير خمسين سنة من التنمية البشرية. وفي إطار صيانة الحقوق الثقافية يندرج مجال تدخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي أنشئ سنة 2001 كإطار للعمل على حفظ والنهوض بالثقافة الأمازيغية في كل تعبيراتها. ويعمل المغرب بجد ومثابرة، وفي نطاق الإصلاحات الرامية إلى ترسيخ حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا حسب نص الدستور، على ملاءمة قوانينه الوطنية مع الاتفاقيات الدولية استكمالا لانخراطه التام في المنظومة الحقوقية الدولية. وفيما يتعلق بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، فإن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يتخذ من تعليم حقوق الإنسان أحد المبادئ الأساسية لإصلاح التعليم. ومن جهة أخرى، فقد تم إيلاء عناية خاصة بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان في برامج تدريب أعوان إنفاذ القانون. واختتم السيد محمد سعد العلمي تدخله بالتأكيد على أن استراتيجية المغرب في مجال حقوق الإنسان تتركز في تحصين الديموقراطية في مفهومها الشامل، وتوسيع إطارها باستمرار في أفق استكمال ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات، بما يتيح لبلادنا، دولة ومجتمعا، أن تراكم المزيد من المكتسبات التي تؤهلها للسمو بانتقالها الديموقراطي إلى أعلى المستويات. وقد عرفت هذه الاحتفالية على مدى ثلاثة أيام تنظيم ثلاث موائد مستديرة بمشاركة مجموعة من الخبراء والفاعلين الحقوقيين، الذين قدموا وجهات نظرهم حول مختلف المواضيع المرتبطة بأوضاع حقوق الإنسان وما تتطلبه من تكاثف الجهود لصد كل أشكال الانتهاكات والقضاء عليها، وللعمل على ضمان حماية هذه الحقوق وتعزيزها وتوسيعها. وقد اختتمت أشغال هذه الفعالية التي تنوعت أنشطتها بين العروض الفنية والمعارض التوثيقية بقراءات شعرية تحت عنوان «ويحذونا الأمل» بمشاركة عدد هام من الشعراء الإسبان