التأم ثلة من النّقّاد ومهنيي السينما في يومين دراسيين طبعتهما النقاشات الجادة والرصينة حول موضوع "النقد السينمائي اليوم "، نظمته الجمعية المغربية لنقاد السينما بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيسها ، و أبانوا على المستوى الرفيع الذي وصله النقد السينمائي بالمغرب، وذلك بشهادة واحد من أعمدة النقد السينمائي في العالم العربي الدكتور سيد سعيد . اعتبر الناقد محمد شويكة في مداخلته حول " إشكالية النقد ، المفهوم ، الوظيفة ، المرجعية " أنه لم يعد للناقد اليوم الكثير من الهامش ، ولم تعد له تلك الهالة كما كانت من قبل ، بل أصبح الناقد السينمائي اليوم في وضع حرج لأن الفن أصبح معقدا ، و الفن لم يعد خاضعا لتلك التصورات الصناعية المضبوطة ، بل أصبح بالفعل موَجها .و أضاف في المداخلة الأولى من اليوم الثاني " ما بقي اليوم للناقد السينمائي هو ذاته وقدرته على العودة إلى ذاته لكي يتفاعل مع ما يشاهده ، ويجب عليه أن ينهل من المعجم السينمائي الذي يحيل على النظريات والتيارات والمدارس السينمائية و يسعى إلى تبيئتها بشكل يتوافق والمجال الدلالي الذي ينتج فيه خطابه بغية تسهيل استيعابها من طرف المتلقي الذي يتعامل معه " . فيما تعرض الناقد "عبد العالي معزوز" في مداخلته إلى مفهومه للنقد انطلاقا من المشروع الكنطي مرورا بمدرسة فرانكفوت ، إلى أن أصبح النقد يتعامل مع السينما على أساس أنها صناعة استهلاكية أكثر مما هي عمل فني ، بينما انطلق الناقد "عبد اللطيف محفوظ " من الأدب ليبرز علاقته بالنقد السينمائي . و انطلق الناقد " محمد البوعيادي " في المداخلة الثانية الموسومة ب " النقد السينمائي والتحليل الفيلمي " من مسلمة أن المشهد النقدي المغربي الآن يتشكل من مسألة التعدد ، و اعتبر أن هناك أكثر من خطاب نقدي و أكثر من مرجعية محددة لهذه الخطاب ، وهذه الخطابات الآن المتشكلة في المشهد النقدي المغربي أسردها على الشكل التالي : هناك نقد صحافي والنقد التاريخي والنقد التأويلي . هذا التعدد يعكس واقع التعدد الذي تعرفة الممارسة الإبداعية المغربية ، على اعتبار أن لدينا مجموعة من الأساليب الابداعية على مستوى إنتاج الأفلام ، ولدينا مجموعة من الإيجابيات ومجموعة من وجهات النظر التي ينفرد بها كل مُخْرج يختلف عن الآخر ، التعدد على مستوى الابداع أو على مستوى النقدهو استجابة للمتلقي بصيغة الجمع ، و أعتقد بوعيادي أن المتلقي ليس فردا ، يعني لدينا أكثر من متلقي ، ومسألة التعدد سواء نقديا أو فنيا تستجيب لتطلعات وانتظارات كل متلقي على حدة .وأبرز أننا في حاجة إلى أن يتعزز بالكتابة التأويلية ، وطرح سؤالا هل النقد التأويلي يمكن اسقاطه على جميع أنواع الابداع ؟ واعتبر أنه لا يمكن تناول جميع الصور السينمائية في الكتابة التأويلية ، وترتبط النقد أساسا بالصورة الكثيفة ، والتي فيها نوع من التعقيد والتي تتيح إمكانية المحاورة وتضمر استعارات ورموزا و خطابا ضمنيا ، وهذا النوع من النقد هو في إطار فسيفساء المشهد المغربي المتعدد يمكن أن يُعْنى بما يمكن تسميته ما بعد التحليل الفيلمي . باستحضار ينية الفيلم الداخلية أو الشروط التاريخية والثقافية المرتبطة بصيرورة الفعل الابداعي . فيما اعتبر الناقد "رشيد المانيرة " ا أن التحليل الفيلمي يتميز بخاصيتين الأولى : الكشف عن محتوى الفيلم وثانيا التطرق للمشاكل، و أبرز أن التحليل الفيلمي رهين بالمستوى الثقافي و مرتبط ببناء بالتماسك ، ولا يمكن أن نحلل الفيلم فقط ، ولكن هناك شيء داخل الفيلم ، تتوقف عنده ، شيء مميز ومتفرد داخله ، وفي الأخير يبن أن النقد السينمائي و التحليل الفيلمي مبني على الكلمة والصورة ويعتمد التحليل على ثلاث نقط هي الرؤية والعقدة والتفاصيل . و تناول الناقد " حمادي كيروم " في مداخلته أن التحليل الفيلمي تستعمل فيه أدوات ويعتمد على النظرية وعلى الدر اسة والتحليل ، للوصول من النص النقلي إلى مجموعة من التقنيات وسماها ب ( اللعيبات ) ، الذي تشتغل فيه على ما يسمى ب " خارج المجال أو الحقل " وعرفه ب" الهلام " ،و حضوره مقلق خارج المكان وخارج الزمان ، ويدخل الديمومة داخل هذا النسق ، ويدخل عبر الفضاء وعبر الروح ، ويجعل النص غير مغلقا ، خارج الحقل ما معناه " أنه نعتبر أن كل ما يحكيه الناقد في كل ما نراه ترترة أو هو استعمال السينما لشيء آخر غير النقد ، ولكن النقد بهذا المفهوم " خارج الحقل " هو شيء آخر ، هو أن لا تعطي ما شاهده الناس ، إذ على الناقد أن يضيف شيئا ، و عبر عنه على لسان ( جورج ديدي هيبيغمان ) الذي أعطى مفهوما وكان مستعملا وجدده هو ( اللامرئي ) ضد ( المرئي ) الذي نشاهده في الصورة ، وهو اللاشعور المبدع ، العالم الواقعي الذي دخل عبر كاميرا المبدع و إلى لا شعوره وبالخصوص في متخبله ثم إلى أسلوبه ، فخرج بما سماه ( اللامرئي ) . و النقد في رأي " خليل الدامون " له ثلاثة وظائف أساسية : الإخبار – التقييم – الترويج ، و و اعتبر أن الإخبار والترويج دائما مرتبط بالصحافة ، لأن الصحافة كان لها ارتباط بالأفلام منذ بدايات السينما ، وكان دورها هو الإخبار والترويج في اليوميات والأسبوعيات ، وفي الإذاعة والتلفزة ، ولكن التقييم يكون نقدا متخصصا و مرتبطا بالمجلات الشهرية ( دفاتر السينما مثلا )، والنقد السينمائي كان تاريخيا دائما مرتبط بالصحافة ، ولحد اليوم هناك مشاكل موجودة في المغرب و أوربا لا نفرق كثيرا بين الصحافي والناقد . و أبرز النافد " نور الدين محقق " في موضوع النقد السينمائي بين النظرية و التطبيق ، أن النظرية أساسية ، وقبل أن ينتقل الناقد إلى عملية التطبيق هناك خلفية ثقافية تتحكم في العملية الابداعية النقدية التي يقوم بها ،وطرح سؤالا ، لماذا النظرية أساسية ؟ لأن الناقد اليوم لا ينطلق من فراغ ، رغم ما يقال حول النظريات يجب أن تنسى، إلا أنها تتسرب سواء أراد ذلك أو لم يرد إلى العملية التي يقوم بها ، و عندما أقول النظرية أساسية فإني أقول كذلك ضمنيا أن هناك منهج يتبع مبني على المعاني الكبرى لهذه العملية وفق مفاهيم يجب أن تكون محددة ، واعتمد في نفس الموضوع " مولاي ادريس الجعايدي " على أهم المفاهيم والتقنيات حول تحليل الفيلم ، و اعتبر أن الكتاب يشتغلون التطبيق السينمائي و إشكالية ولادة النظرية كل واحد على حدة من جهة تخصصه ، بينما انطلق الناقد السمار من علاقة النقد بالتحولات التكنولوجية والتي أصبحت تفرض نفسها ، و أخذت تسائل النقاد وكذلك المراجع والمفاهيم والنظريات ، لأن هذا التحول بدأ يفرض على ضرورة مراجعة هذه المرجعيات كمقاربة جديدة ،مع تصاعد فورة الثورة التكنولوجية التي لها تأثير كبير على الواقع وعلى وسائل التعبير والتلقي . كما اعتبر في نفس السياق الناقد رشيد نعيم أن النقد " يتشكل من ثلاث مراحل : التحليل والتقييم والإيصال " وخاض فيها بالتفصيل مبرزا تغيرات الذوق كذلك من جيل إلى جيل .