نظمت النقابة المستقلة لموظفات وموظفي مجلس النواب لقاء دراسيا صباح الخميس الماضي تحت عنوان »أي دور للتقاعد التكميلي في إصلاح منظومة التقاعد؟« عرف مشاركة عدد من ممثلي المركزيات النقابية. وباسم النقابة المستقلة أكد محمد البكاري في مستهل هذا اللقاء أن سؤالا إشكاليا يطرح حول التقاعد التكميلي في توجهات الإصلاح الذي تستهدفه الحكومة والذي لايزال متعثرا ولا يحظى بارتياح الفرقاء، مشيرا إلى أن التقاعد التكميلي لا يجب أن يكون إجباريا أو على حساب سن وتعويضات ومعاشات المعنيين، وفي ضوء هذا الملف ارتأت النقابة المستقلة توجيه الدعوة لكل الأطراف في الجسم النقابي على اعتبار أن قبة البرلمان مؤسسة محتضنة للاختيار الديموقراطي تتداول في قضايا تهم حاضر ومستقبل الشرائح المغربية. وتدخلت نجاة السيمو عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي مؤكدة أن ملف التقاعد يحظى بانشغال كل المغاربة لكون الملف يعني سنوات الاجتهاد والعطاء للموظفين والموظفات، تكون بموجبها انتظاراتهم كبيرة على مستوى تغطية الحاجيات والعيش الكريم في مرحلة عمرية متقدمة تتزامن معها مشاكل صحية. وأشارت إلى أن الحكومة أحالت على المجلس الاقتصادي والاجتماعي مشروعين لإبداء الرأي فيهما حول المعاشات واتصفت الإحالة بالاستعجالية ومباشرة الإصلاحات سريعا لتأخير العجز المالي في الصندوق المغربي للتقاعد المرجح، أن يبدأ في 2020، وفي ضوء هذا نعتت وصفة الحكومة بالمثلث الملعون والمتمثلة في رفع سن التقاعد وخفض قيمة المعاش باحتساب 2 في المائة ورفع نسبة الاشتراك إلى 28 في المائة. وأوضحت أن التدابير الاستعجالية تهم البنية المقياسية للمعاشات المدنية وتستثني الأنظمة الأخرى وهو ما يضرب عرض الحائط عمل اللجنتين التقنية والوطنية، كما أن رفع السن دفعة واحدة واعتماد تساوي الاقتطاع بين المشغل والعامل مفاجئ كذلك ولا يسير وفق مبدأ التضامن. وفي سياق هذا قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي رأيه المبني على مرجع الدستور والحقوق في الميثاق الجماعي آخذا في الاعتبار ديمومة المنظومة من جهة وهشاشة المسنين والإنصاف بين الأجيال والإنصاف داخل الجيل الواحد. وخلصت إلى القول بأن المقاربة التجزيئية لا تقدم إجابة مستدامة للاختلالات المالية للتقاعد، والذي يعرف محدودية المستفيدين بمعدل 37 في المائة من الساكنة النشيطين. ونبهت إلى أن تأخر الإصلاح يعني مضاعفة حجم الجهود المطلوبة لاستعادة التوازن، داعية إلى ضرورة إدراج النجاعة الاقتصادية والتفاوض الاجتماعي في العملية الإصلاحية واعتماد وتيرة تاريخية في رفع سن التقاعد خاصة بالنسبة للمشرفين عليه. من جهته أوضح حسن المرضي عضو المجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد أن الملف آني لا يهم الأغلبية أو المعارضة، كما أنه سياسي تتحمله كل الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي يحيل إلى أهمية المقاربة التشاركية والتشاور بشأنه. ودعا إلى عدم تهويل ملف الصندوق المغربي للتقاعد، منوها في الوقت ذاته بتوحد مواقف المركزيات النقابية رغم التباين في تصورها للإصلاح. وفي سياق حديثه عن الحد الأدنى للمعاشات أبرز أهمية تحديد حد أقصى للمعاشات كذلك مقترحا 25 ألف درهم كسقف. أما بالنسبة للنظام التكميلي فأشار إلى دوره كذلك على اعتبار الولوج المتأخر للوظيفة في 35 سنة أو أكثر، وبالتالي فإنه يتيح الفرصة لرفع قيمة المعاش خلال مرحلة التقاعد وتغطية الاحتياجات المتصلة بتلك المرحلة العمرية. وأكد أن المغاربة مستعدون للإصلاح بشرط ألا يكون على حسابهم أو بتغليب التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية، وشدد في هذا الإطار على الدور الذي يمكن أن يلعبه المعطلون في التوازنات المالية لصناديق التقاعد. وانطلق عبد الله خمريش الكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بالصندوق المغربي للتقاعد في مداخلته من اعتبار التقاعد التكميلي أحد الحلول الاختيارية لسد الخلل في التقاعد، لكن النظام في تقديره لم يلق الدعاية المطلوبة حيث يصل عدد المستفيدين منه 1600 وذلك رغم مزاياه في تحسين المعاش، منبها الى عدم أخذه كقاعدة أو أساس أو مطية لحجب الإشكاليات المطروحة. وقال إن السيناريوهات التي تتداولها الحكومة ستعمل على خفض المعاش ب 20 في المائة. وعلى مستوى المعطيات فإن عدد المنخرطين في المعاشات المدنية يصل 668 ألف و 415 منخرط تصل اقتطاعاتهم إلى 15 مليون و 535 الف درهم. أما عدد المتقاعدين المدنيين فيصل 288 الف و 451 ألف منهم 52 ألف و 993 أرملة يتقاضين أقل من ألف درهم بنسبة 18 في المائة و25 ألف و435 أرملة ينحصر معاشهن بين ألف و3 آلاف درهم بنسبة 8 في المائة، بينما هناك 157 ألف متقاعد لايتعدى معاشهم 3 آلاف درهم بنسبة 84 في المائة، في الوقت الذي يتحدث فيه تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن سخاء المنظومة، والحال أن المتقاعد في المغرب حسب تعبيره يظل يعول الأسرة حتى في هذه المرحلة وقد تتكون من 5 و6 أفراد، ناهيك عن الديون والأمراض. وعزا أسباب الإشكاليات المطروحة إلى استثمار الاحتياطي في قطاعات أو شركات غير مربحة وعدم أداء الاقتطاعات في وقتها وسد باب التوظيف في أسلاك الوظيفة العمومية وتحويل عدة منخرطين ومؤسسات إلى صندوق النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على غرار المحافظة العقارية والفلاحة واتصالات المغرب والإذاعة. ومن هذا المنطلق أكد أن الحكومة مطالبة في تدابير الإصلاح بمعالجة المسببات الحقيقية عبر إعادة المتقاعدين إلى الصندوق الأصلي وتوظيف المعطلين واستثمار الاحتياطي في قطاعات مربحة.