في إطار غضبِ النّقابات المُستمر، تنسيقٌ إسراتيجي ضمن جبهة نقابيّة، رأى النور بين كلٍّ من مركزيات الاتحاد العام للشّغالين بالمَغرب والفِيدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل. الإعلان عن التحالف جاء في ندوة تحت شعار "وحدة نقابية ضد السياسة الحكومية اللاّشعبيّة"، ضمّت صباحَ أمس الأربعاء بالرباط، كلاًّ من محمد كافي الشراط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، عبد الحميد الفاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، وفاطْنة أفيد، عن المنظمة الديمقراطية للشغل. المركزياتُ الثّلاث، شدّد من خلال زعمائِها، على أنّ تحالفَها استراتيجي وليس ظرفياً، أملته المصلحة العليا للوطن وللطبقة الشغيلة التي أرهقتها حكومة عبد الإله بنكيران، موضحةً أن التنسيق جارٍ بينها للخروج في مسيراتٍ عُمّاليّة في كل فاس والقنيطرة وتطوان والدارالبيضاء، يوم 19 أبريل الجاري، وتدارس كلِّ الخطوات النضالية المزمعِ اتخاذها في المرحلة المقبلة، والإعداد للتخليد لفاتح ماي بشكل مشترك. كما لوّحت كل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل، بإضراب عام نهايةَ الشهر الجاري، للتصدي للأوضاع الاجتماعية الحالية. في هذا السياق، قال محمد كافي الشراط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن النّدوة التي عقدت بمقر الاتحاد، تأتي لتنوير الرأي العام الوطني حول الأسباب التي دعت هذه المركزيات الثلاث لتنظيم مسيرات عمالية احتجاجية بأربع جهات، هي فاس وتطوان والقنيطرة والدار البيضاء. مشيراً لكونها احتجاج يضاف إلى سلسلةِ الاحتجاجات السابقة، التي تمثلت في النداءات، والوقفات الاحتجاجية عبر التراب الوطني، والمذكرات المرفوعة إلى الحكومة، وفي الإضرابات القطاعية والإضراب الوطني والإضراب العام.. وأكّد أنّ هذه الخطوات كلها كانت بُغيةَ الوصول إلى حوار مفضي إلى نتائج، بَيْدَ أنّ اللقاءات الأخيرة التي "جمعتنا بالحكومة سواء على المستوى المركزي، أو المستويات القطاعية، لم تفضِ إلى نتائج لأنها كانت عبارة عن جلسات استماع واستئناس، في وقت كانت فيه المركزيات جميعها تنتظر الجواب الرسمي على المطالب العادلة للشغيلة لمغربية التي توجد على طاولتها منذُ مدّة". كما سجّل الشّراط "بكلِّ امتعاضٍ وغضب"، كونَ الحكومة لم تستجب وتصر على عدم الاستجابة للمطالب النّقابية، مُتجاهلة حركةَ هذه الأخيرة، وأنها قوّةٌ أساسية لا يُمكن تجاوزُها، ومتناسية بالأساس الدور الاجتماعي والسياسي الذي تلعبه هذه القوى الديمقراطية، المتمثلة في النقابات الجادّة، كَسِياجٍ أمنيّ يُريد أن تكون هناك أسبابٌ لاستتباب الأمن، "ومازالتِ الحكومةُ ترفض ونحن نحتجّ"، يقول ذات المتحدث. من جهته، اعتبر عبد الحميد الفاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أنّ المركزيات النقابية الثلاث، تريد أن توجه رسالة إلى الرّأيِ العامّ الوطني وإلى كلّ الجهات المُتأصِّلة، مفادُها "أننّا وصلنا اليوم إلى الباب المسدود في الحوار الاجتماعي، وكل الجلسات التي عقدناها لم تنتج أي قرار مشترك، مما جعلنا نُوقن أن هذه الجلسات كانت مطية لربْحِ الوقت وإيصالنا إلى نهاية الموسم الاجتماعي". وشدد الفاتحي، في تصريح ل"العلم" على أنّ هذا الوضع جعل النقابات المذكورة تقرر استئناف مسارها النضالي، من خلال تنظيم مسيرات مشتركة احتجاجية يوم 19 أبريل الجاري بمجموعة من المدن ومراكز الجهات، مضيفاً أن المركزيات قررت الاحتفال بفاتح ماي بشكل مشترك لإعطاء مصداقية لخطابها المنادي بالوحدة وكذلك لوضع اللبنات الأولى لجبهة نقابية قادرة على أن تكون منفتحة على كل ذَوي النّياتِ الحسنة لتوسيع الجبهة من مواجهة التراجع الذي تشهده حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة. وأكّد نفسُ المتحدث، أن الولاية الحكوميّة الحالية لم تحقق أيِّ شيء على الإطلاق في مجال الحوار الاجتماعي، والأدهى من ذلك أنّه حتى الاتفاقات السابقة أصبحت في مهب الرّيح، مما يجعل من المطلوب منا كمركزيات نقابية أن نوحد صفوفَنا من أجل وقف هذا النزيف الذي لا يخدم لا المؤسّسات السياسية، ولا المضامين الدستورية، ولا مستقبل بلادِنا التي تسعى إلى بناء دولة تحقّقُ تراكمات جديدة في الديمقراطية. بدورها، وقالت فاطنة أَفيد، عن المنظّمة الديمقراطية للشغل، التي تلت البيان المشترك، إن القيادات النقابيّة الثلاث وبعد دراستها للوضعية الاجتماعية والاقتصادية للطبقة الشغيلة بالمغرب، وبعد استحضارها للوقفات الاستنكارية، والمسيرات الاحتجاجية، والإضرابات القطاعية منها والعامة، والتي عبرت من خلالها الطبقة العاملة عن سخطها وتذمرها من السياسة اللاّشعبية للحكومة، وتجاهلها لمعاناة الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي، مع الزيادات المسترسلة في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية والمواد الطاقية على الخصوص، مما أثر سلبا على الحياة الاجتماعية والقدرة الشرائية، فانقتل الطموح لدى الموظفين والمعطلين على حد سواء، وزاد من حدة الاحتقان الاجتماعي، مما يهدد الاستقرار والسلم الاجتماعيين كثوابت أساسية لكل تنمية. هذه العوامل، تؤكد أفيد، جعلت المركزيات الثلاث تحمل عواقب هذا السلوك اللاشعبي للحكومة وحدها، وقد شكل الاستخفاف والتسويف الذي نهجته وتنهجه الحكومة من خلال فبركتها لطريقة الحوار الاجتماعي، الذي بدا لأول وهلة مجرد لقاءات استطلاعية جوفاء، والتستر على عيوب الحكومة والتظاهر بطريقة مكشوفة وصبيانية أمام الرأي العام الوطني، بأنها تتجاوب مع المطالب النقابية، لتستمر في نهج سياسة البكاء والتشكي والمظلومية، ليبقى حال الاجراء والموظفين والمعطلين يزداد سوء، وبعد تجميد الأجور وكبح القدرات والكفاءات لعموم الموظفين، لينضاف إلى سلسلة الانتقامات والإجهاز على المكتسبات بما فيها السطو على أجور الموظفين وإقبار ملف المعطلين وقمع المحتجين حتى أصبح حق الإضراب في خبر كان، الشيء الذي جعل التعامل والتعايش مع هذه الحكومة شبيه بالتصديق على واقعية الخيال العلمي ليس إلا. وأضافت، المركزيات النقابية الثلاث، وبعد سلسة من اللقاءات والاجتماعات ازدادت قناعة والتزام بالأمانة النقابية المطوقة بها، جعلتها تصر على المزيد من تعبئة قواعدها والنضال المستميت تجاوبا مع هذه القواعد، ودفاعا عن مطامحها المشروعة، قرر تنظيم مسيرات عمالية مشتركة بكل من المدن التالية (فاس والقنيطرة وتطوان والدارالبيضاء، يوم 19 أبريل المقبل، لإسماع صوت المحرومين والمعذبين، كما قرر مواصلة تنفيذ شتى أنواع النضالات المشروعة المشتركة تصديا للهجمة الشرسة على الفعل النقابي، والمطالب العمالية بصفة عامة بما فيها تخليد ذكرى فاتح ماي كمحطة عالمية مشتركة بين النقابات الثلاث.