أعلم أن السلطات المغربية المكلفة بتدبير ملف وحدتنا الترابية في مثل هذه الظروف الدقيقة ليست في حاجة إلى دروس في كيفية التعاطي مع حيثيات الملف، وأقدر عاليا الجهود التي يبذلونها بهدف نصرة الحق المغربي المشروع، ومع ذلك أعتبر أنه من المفيد أن تنصت هذه السلطات للإقتراحات والأفكار. وواضح أن هذه السلطات لا تعطي أهمية تذكر لقضية تمثل مفتاحا حقيقيا لهذا النزاع المفتعل ومن شأنها أن تزيح القناع على وجهي البوليساريو والجزائر، ويتعلق الأمر بضرورة إنجاز إحصاء دقيق للاجئين المقيمين في مخيمات الرابوني ، في تندوف و فيما تسميه البوليساريو " أراضي محررة "، حيث أن السلطات الجزائرية ترفض رفضا قاطعا إنجاز هذا الإحصاء، وهذا الرفض يعني أن الجزائر والبوليساريو خائفتان ومتوجستان من الكشف عن الأعداد الحقيقية للاجئين، فالجزائر والبوليساريو تدعيان أن أعدادهم تصل إلى مائة ألف نسمة بيد أن عائدين من هذه المخيمات وأوساط أخرى تؤكد أن هذه الأعداد لا تتجاوز الخمسين ألف في أبعد تقدير. الكشف عن هذه الأعداد سيكون له إنعكاس على حجم المساعدات الموجهة إلى اللاجئين هناك، كما سيكون له تأثير سياسي على القضية برمتها، لأنه سينقص من الحجم الديموغرافي للقضية وسيعري افتراءات الجزائر والبوليساريو. مجلس الأمن سيتدارس آخر التطورات في اجتماعات يبدأها يوم الخميس المقبل وهو توقيت مناسب لطرح قضية الإحصاء بالقوة اللازمة ويجب أن تكرس الجهود في إتجاه تضمين القرار المزمع صدوره عن مجلس الأمن قبل نهاية السهر الجاري قرارا ملزما في هذا الشأن.