أثمرت أشغال الاجتماع التاسع رفيع المستوى المغربي الإسباني التي التأمت يوم الثلاثاء الماضي بمدريد نتائج إيجابية جدا غير مسبوقة في عدة أجزاء منها. ومن المؤكد فإن هذه الحصيلة تعكس الظروف الصحية الجيدة التي تعيشها العلاقات المغربية الإسبانية التي نحت في اتجاه تكريس أجواء الثقة والتفاهم والانسجام وتفضيل القضايا التي تخدم مصالح الشعبين، ونأت عن جميع الشوائب التي كانت دوما تعكر صفو هذه العلاقات وجعلت العاصمتين باستمرار مشدودتي في الأعصاب. إن الجلسات الطويلة التي عقدها الوفدان في مدريد تطرقت إلى جميع القضايا بما فيها العالقة والتي توصف بالحماسية، بما في ذلك سبتة ومليلية والثغور التابعة لهما، وهذه الصراحة المسؤولة هي التي أضفت المصداقية والمشروعية على هذه المباحثات ، وهذه المنهجية هي التي تضع الأسس المتينة لعلاقات ثنائية مسؤولة وناضجة. إن جودة العلاقات ساهمت إلى حد كبير في إنجاح هذه الاجتماعات، فلقد حرص المسؤولون الإسبان على تخصيص الوفد المغربي بحفاوة كبيرة في الاستقبال، وحرص العاهل الإسباني على استقبال الوزير الأول السيد عباس الفاسي، وكان قد بادر قبل ذلك باستقبال وفد عن رجال الاعمال المغاربة. وكانت النتائج في مستوى التطلعات، فلقد تم التوقيع على اتفاقية مالية وصلت قيمتها إلى 520 مليون أورو، وهو مبلغ قياسي غير مسبوق، حيث ضاعف أعلى مبلغ سابق في هذا الشأن، وتباحث الوزراء المغاربة الذين رافقوا الوزير الأول مع نظرائهم الإسبان في كافة الملفات والقضايا، وأعلن الوزير الأول الإسباني عن تصريحات غير مسبوقة أيضا فيما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية حيث حيا الجهود المغربية وساند مشروع الحكم الذاتي، هذه المعطيات تحتم تهنئة الوفد المغربي برئاسة الوزير الأول عباس الفاسي على النتائج الإيجابية التي أثمرتها هذه الاجتماعات، وفد مسؤول كان معززا كالمعتاد بتوجيهات جلالة الملك محمد السادس. وهنا كما هناك من الطبيعي أن يجتهد بعض المنقبين عن بعض التفاصيل الصغيرة جدا ويعطوها موقع الحدث، ويصدرونها ضمن الأولويات، ولكن ذلك لا يمكنه أن ينقص قيد أنملة مما أثمرته هذه الاجتماعات الوازنة التي عكست روح الانسجام والالتقاء في المواقف وإرادة المضي قدما بعلاقات بلدين حكمت عليهما الجغرافيا أن يتجها باستمرار نحو البحث عما يخدم مصالح شعبيهما، وتفرض عليهما الواقعية أن يقدما النموذج الصالح فيما يتعلق بالتعاون الشمال جنوب ، والتكامل مابين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط.