تجري مياه كثيرة في ملف تطورات قضية وحدتنا الترابية في شقها المتعلق بأقاليمنا الجنوبية المسترجعة، وتحرص أطراف النزاع في هذه القضية خصوصا الرباطوالجزائر وتندوف على التكتم الشديد، ويكفي أن يقع تجميع أجزاء الصورة التي تبدو مشتتة لتكوين قناعة بأن شيئا ما كبيرا قد يكون يطبخ على نار هادئة في هذه القضية البالغة التعقيد.. آخر حجرة كبيرة ألقى بها شخص قيادي من جبهة البوليساريو الانفصالية حينما قال عقب زيارة المبعوث الشخصي للأمم المتحدة السيد كريستوفر روس لتندوف أسر لهم بأن قيام دولة في الصحراء الغربية أضحى أمرا مستحيلا، وهو التصريح الذي قد يكون استنفر جميع أعضاء قيادة الجبهة الانفصالية الذين طاروا على وجه السرعة إلى الجزائر لبحث هذا التطور مع أصحاب القرار في قضية النزاع المفتعل في الصحراء من المسؤولين الجزائريين ، ولم تتسرب أية معلومات عما حدث عقب ذلك كله، ولكن يمكن أن نستشف مادار من حديث في هذا الاجتماع السري من خلال تنامي حدة الخطابات المتضمنة في الوثائق الصادرة عن أجهزة الجبهة الانفصالية، وبدأت حدة ردود الفعل واضحة أولا من خلال انتقادات المسؤول في الجبهة بالتنسيق مع المينورسو لأداء البعثة الأممية في الصحراء وصولا إلى البيان المفاجىء لما يسمى بمجلس الوزراء في الجبهة والذي يعتبره المراقبون الجواب الواضح لما صرح به كريستوفر،حيث أعاد البيان التأكيد على الأسطوانة المحفورة ونبش في المواقف التقليدية القديمة خصوصا ما يتعلق بالقول بأنه «لاحل لنزاع الصحراء الغربية إلا عبر تنظيم استفتاء حر، عادل ونزيه حدده مخطط السلام الأممي الإفريقي لسنة 1991 بموافقة طرفي النزاع» وسط هذا التجاذب أكدت مصادر وثيقة الإطلاع أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد كريستوفر روس سيعود في جولة جديدة للمنطقة خلال الأسابيع القليلة القادمة. قبل إجتماع مجلس الأمن للتداول في تطورات هذا النزاع في الأسبوع الأخير من الشهر المقبل، وهي الجولة الجديدة التي تؤكد فعلا أن مياهاً كثيرة تجري تحت رمال الصحراء.