كلما اقترب يوم 8مارس الذي يصادف اليوم العالمي للمرأة ، كلما طحت مسألة صورة المرأة في الإعلام السمعي البصري وتؤكد الدراسات أن هذه الصورة في الإعلام الوطني أو العربي، سواء المرئي أو المقروء والالكتروني حاليًا ليست بمعزل عن صورتها في الإعلام العالمي، فالنهج الذي سبقت وسلكته دول غربية في البحث عن صورة نمطية للمرأة تبث عبر وسائل الإعلام هو نفس الطريق الذي حداه الإعلام العربي، وإن كان بشكلٍ تحول من النمطية إلى السخرية، وقزّم المرأة ودورها في المجتمع بشكل يتنافى وتعاليم ديننا الإسلامي الذي كرم المرأة ورفع شأنها حتى وصفت بمعلمة الرجال. ولا أحد ينكر أن إحدى أهم الرسائل الإعلامية هي كيفية تسويق قضايا معينة، ومن التسويق، الإعلان والإشهار عن منتج موجه للعموم أو لفئة مستهدفة للحث على اقتنائه بشكل أكبر، أو لإيصال رسالة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية ما، فكل إعلان له هدف ربحي كيفما كان ما يقدمه، ولذلك لا تتوانى بعض الشركات في استعمال حملات إعلانية ترويجية تستغل فيها الأشخاص والأفكار للوصول للهدف المنشود،، ولعل المرأة هي أكثر من استغلت في الترويج الإعلامي وإعلانات التسويق، فمن إعلانات لمساحيق الغسيل، إلى إعلانات لمواد التجميل والشامبو وإعلانات الملابس والنسيج، وهذه الصورة تزداد وضوحًا واستغلالًا كلما أصبحت المجتمعات استهلاكية أكثر... استغلال صورة المرأة في الدعايات الإشهارية و«الفيديو كليبات» الغنائية ليس أمرًا وليد اليوم، فمنذ القرن التاسع عشر بدأت صورة المرأة تظهر بشكل أوسع في الإعلام الغربي في إعلانات مصورة لأول مرة، وكان حينها الأمر يبدو مستهجنًا، خاصة حينما قامت إحدى الشركات بإظهار إعلان لامرأة تروج للخمرحينها كان يبدو إعلاناً غريبًا على تقاليد الحضارة الأوربية التي كانت قد تقبلت ظهور المرأة في إعلانات ترويجية شريطة ارتدائها ملابس محتشمة، وأيضًا عرضها لمنتجات الكترونية منزلية، وبدأ أيضًا ظهور المرأة على أغلفة المجلات، ولكن بلباس لائق وغير مثير. بدأت المرأة تصبح أكثر ظهورًا في الإعلانات في فترة الحرب العالمية الأولى والثانية، وكانت الصورة التي اعتبرت نمطية آنذاك وإلى وقت بعيد في أوروبا هي صورة المرأة ربة البيت بامتياز، فجل الإعلانات التي تستغل صورة المرأة كانت لمساحيق الغسيل والطبخ واستعمال أولى الأجهزة الكهربائية، مثل إعلان الطحانة الكهربائية، والذي أظهر آنذاك الرجل يهدي زوجته طحانة كهربائية، هذه الإعلانات لازمت المرأة العربية إلى يومنا هذا، فمسحوق الغسيل والبحث الدائم عن «جل» أو سائل مزيل لبقع الملابس والبلاط والصحون كان ومازال دائمًا من نصيب المرأة...! تطورت بعدها صورة المرأة بين سنوات السبعينيات والتسعينيات، فأصبحت تظهر بصورة المرأة العملية التي تنزل للعمل بشخصيتها القوية وملابسها الأنيقة، فاستغلت صورتها للترويج لأكبر الماركات، سواء للملابس أو العطور، وأيضًا السيارات الفاخرة، وغيرها. فإذا كانت هذه السياسات العالمية التي بدأت ترى في استغلال صورة المرأة إعلاميًا حيفًا وجورًا وتمييزًا ضدها وتقليلًا من شأنها كإنسان يشكل نصف المجتمع، وكما يقال دائمًا هو مسؤول عن تربية نصفه الآخر فما هو الحال في مجتمعاتنا العربية؟ إن آخر إعلان ترويجي أثار بلبلة كبيرة في المغرب مثلًا كان إعلان روج تلفزيونيًا ومرئيًا على (الأفيشات) في الشارع لوكالة بنكية للقروض الصغرى، والتي أظهرت سيدة تضع قرني كبش فوق رأسها، وتحث الناس على اختيار الوكالة البنكية من أجل قرض عيد الأضحى، وقد صدر على إثره بيان مندد من مركز الإعلام والرصد للنساء المغربيات بفيدرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة، وكان ذلك في شهر أكتوبر الماضي. هذا ليس الإعلان الوحيد الذي يشتهر في بلداننا العربية ويروج لصورة نمطية سيئة للمرأة، فعكس ما ذهبت إليه بلدان غربية في منع المتاجرة بأجساد النساء إعلانيًا واستغلالهن لأغراض إعلانية، فنحن في بلداننا العربية انفتحنا أكثر نحو ظاهرة استغلال المرأة بمفهومه الترويجي، فأن تصبح المرأة مجرد جسد دون النظر لإمكانياتها الفكرية الهائلة التي قد تفوق إمكانيات الرجل في العديد من المجالات، وأن تحصر اهتماماتها في مساحيق تنظيف أو مستحضرات تجميل أو ملابس لماركات عالمية أو تروج لأغاني عبر مئات القنوات التلفزيونية العربية ك(موديل) بمعايير خاصة، أصبحت ميزة إعلامنا العربي الحالي..