في خطوة تروم امتصاص الغضب الشعبي المتزايد، رضخت الحكومة الجزائرية للاحتجاجات المناهضة لمشروع استغلال الغاز الصخري. وأعلن الرئيس الجزائري أن الحكومة لا تنوي استغلال الغاز الصخري في الوقت الحالي، في تحول كبير في الموقف الرسمي، بعد مراوغات ومماطلات كثيرة. كما أعلن عن حزمة إجراءات لامتصاص غضب المحتجين، لكن المراقبين اعتبروها قرارات ترقيعية مؤقتة لا تعالج الاهمال الذي يعاني منه سكان الجنوب. وأوضح بوتفليقة، خلال ترؤسه مجلسا وزاريا حول التنمية في الجنوب، أن استغلال الغاز الصخرى ليس واردا في الوقت الراهن، واصفا ما حصل من احتجاجات واضطرابات في مناطق الجنوب بأنه مجرّد "سوء فهم" باعتبار أن عمليات الحفر الحالية تصنّف ضمن التجارب الأولية ولم يتمّ تفعيلها بشكل رسمي. مؤكدا أنه "في حال تبين أن استغلال هذه الموارد الوطنية من المحروقات يعدّ ضرورة ملحة لتحقيق الأمن الطاقوي للبلد، فإنه يتعين على الحكومة السهر على حماية صحة المواطنين والحفاظ على البيئة". وتعيش ولايات عديدة بالجنوب الجزائري على وقع احتجاجات واسعة لوقف استغلال الغاز الصخري وللتنديد بالتهميش الحكومي الذي وُصف ب"الممنهج" لسكان الجنوب. ويتخوف المحتجون من تأثير استغلال الغاز الصخري في المنطقة على البيئة والزراعة وعلى المياه الجوفية، ومن انتشار مرض السرطان، بفعل المواد الكيميائية التي تستعمل عادة في استخراج هذه الطاقة. في هذا السياق، يرى مراقبون أن انتقادات سعداني لحكومة سلال في هذا الموضوع، زيادة على خلافاتهما المتصاعدة، لا يمكن قراءتها بمعزل، عن ضغطه المستمر من أجل دفع بوتفليقة، إلى اختيار رئيس الوزراء، من حزب جبهة التحرير الوطني، باعتباره صاحب الأغلبية في البرلمان. ويعدّ الخلاف المستمر بين الرجلين أحد أوجه الارتباك الذي تعيشه الحكومة الجزائرية، ممّا ساهم في توتير الأجواء وتصعيد الأزمة السياسية. انتقادات سعداني لحكومة سلال لا يمكن قراءتها بمعزل، عن ضغطه من أجل دفع بوتفليقة، إلى اختيار رئيس الوزراء، من جبهة التحرير الوطني، وتأتي هذه المباحثات الحكومية في الجزائر بعد سنوات طوال من التهميش عانته محافظات الجنوب بسبب المركزية الإدارية واستفراد مؤسسات السلطة بالقرار، ممّا أدّى إلى تحجيم مشاغل المحافظات الفقيرة المغيبة عن الاهتمامات المباشرة والملحة في السياسات العمومية للدولة. ورجّح مراقبون أن يثير هذا القرار غير المؤكد الحساسيات بين مختلف مكونات المجتمع الجزائري، وقد يشكل شرارة للمطالبة باستحداث وزارات خاصة بكل منطقة من المناطق التي يعتقد سكانها أنهم لم ينالوا نصيبهم من المشاريع التنموية. في المقابل، شدّد محلّلون على ضرورة تفعيل مثل هذه القرارات لتجنيب سكان الجنوب، الذين يعانون الفقر والبطالة، الوقوع في فخّ الإرهاب والتطرف.