المصادقة على الجزء الأول من "مالية 2025"    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر يناهز 101 عام    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا    الحكومة المغربية تعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة    غسل الأموال وتمويل الإرهاب… وزارة الداخلية تضع الكازينوهات تحت المجهر    "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    الركراكي: المباراة أمام الغابون ستكون "مفتوحة وهجومية"        مصرع 10 أشخاص بحريق في دار مسنين بإسبانيا    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    اشتباكات بين الجمهور الفرنسي والاسرائيلي في مدرجات ملعب فرنسا الدولي أثناء مباراة المنتخبين    السفيرة بنيعيش: المغرب عبأ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني على خلفية الفيضانات    الحسيمة : ملتقي المقاولة يناقش الانتقال الرقمي والسياحة المستدامة (الفيديو)    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    مقاييس التساقطات المطرية خلال 24 ساعة.. وتوقع هبات رياح قوية مع تطاير للغبار    بحضور التازي وشلبي ومورو.. إطلاق مشاريع تنموية واعدة بإقليم وزان    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    لمدة 10 سنوات... المغرب يسعى لتوريد 7.5 ملايين طن من الكبريت من قطر    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    الدرك الملكي بتارجيست يضبط سيارة محملة ب130 كيلوغرامًا من مخدر الشيرا    المنتخب المغربي الأولمبي يواجه كوت ديفوار وديا في أبيدجان استعدادا للاستحقاقات المقبلة    أزمة انقطاع الأدوية تثير تساؤلات حول السياسات الصحية بالمغرب    هل يستغني "الفيفا" عن تقنية "الفار" قريباً؟    بتهمة اختلاس أموال البرلمان الأوروبي.. مارين لوبان تواجه عقوبة السجن في فرنسا    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    صيدليات المغرب تكشف عن السكري    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    خلال 24 ساعة .. هذه كمية التساقطات المسجلة بجهة طنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    نشرة إنذارية.. هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة اليوم الخميس وغدا الجمعة بعدد من أقاليم المملكة    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    مركز إفريقي يوصي باعتماد "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    الاحتيال وسوء استخدام السلطة يقودان رئيس اتحاد الكرة في جنوب إفريقا للاعتقال    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    هذه أسعار أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2014 سنة كارثية على الإسلام ورموزه بفرنسا.. بقلم // أحمد الميداوي
نشر في العلم يوم 23 - 01 - 2015

يمكن اعتبار سنة 2014 سنة العنف بامتياز ضد المسلمين ورموز الديانة الإسلامية بدءا من إحراق المساجد والمكتبات الإسلامية إلى تدنيس المقابر ثم التطاول على الرسول الكريم بمقالات ورسومات مهينة، فالاعتداءات الكلامية التي تكرس مظاهر التحقير للمسلمين وتنكر حقهم في إثبات ذواتهم ضمن جغرافيا مسلمة تبني وجودهم على أساس التميز الإسلامي والحق في الاختلاف.
واستنادا إلى أرقام المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهو أعلى هيئة لتدبير الشأن الإسلامي بفرنسا، فإن الاعتداءات العنصرية على المساجد والرموز الإسلامية المختلفة بفرنسا من مكتبات ومراكز ثقافية ومدارس بلغت في السنة الماضية 74 اعتداء متفاوت الحجم ما بين التدنيس وإضرام النيران وإتلاف الممتلكات الداخلية.
وإذا كان الخوف من مساجد فرنسا قد تجاوز اليوم مرحلة عرقلة مشاريع بنائها إلى الهجوم عليها حتى وإن كانت معروفة باعتدال أصحابها، فإن هذا الخوف قد امتد إلى الموتى من المسلمين القابعين في القبور حيث الاعتداءات العنصرية على المقابر الإسلامية وتدنيسها برسومات معادية للمسلمين تجاوزت العشرين معظمها استهدف الجنود المغاربيين الذين ماتوا في الحربين العالميتين من أجل أن تحيا فرنسا.
تلك هي الحصيلة المادية لبعض مظاهر العنصرية المتفشية في فرنسا. أما الحصيلة المعنوية فهي أثقل بكثير كونها تنطق بعنصرية فكرية مفضوحة تتعارض مع ثقافة التنوع التي يجب أن تسود المجتمعات البشرية، وتتماهى في العمق مع التيارات المتطرفة التي تنكر على الآخرين حق التميز والاختلاف.
وكمثال فاضح لتأصل الفكر العنصري بفرنسا، عدد الرسائل الاحتجاجية التي توصلت بها سنة 2014 السلطة العليا لمكافحة التمييز ومن أجل المساواة، والبالغة 2430 رسالة معظمها تصب في خانة الحيف الذي يطال المغاربيين والأفارقة الراغبين في ولوج وظائف عمومية خاصة بأسلاك الشرطة والجيش والجمارك وغيرها من الوظائف التي تمكّن أصحابها من تزيين أكتافهم بشارات متفاوتة الدرجة والأهلية..ويشكو هؤلاء من الأسئلة العنصرية التي تطرح عليهم في الامتحانات الشفوية من قبيل هل تصوم رمضان؟ هل تحمل زوجتك الحجاب؟ وما موقفك من تعدد الزوجات ومن ذبائح العيد في الرشاشات المنزلية؟ وغيرها من الأسئلة الحاقدة التي تنتهي الإجابة عنها بإقصاء المعنيين حتى وإن حصلوا على نقط متفوقة في الامتحانات الكتابية.
وتروي الرسائل الاحتجاجية التي نشرت جريدة "لوباريزيان" قي عددها الأخير مقتطفات من بعضها، معاناة المغاربيين على الخصوص الراغبين في ولوج سلك الشرطة أو الجمارك، مع لجن الامتحانات التي تمطرهم بوابل من الأسئلة التحقيرية حول أصولهم وعقيدتهم ورأيهم في الهجرة الانتقائية ومدى قدرتهم على الانصهار في النسيج الفرنسي بمكوناته المختلفة..
وتنفرد فرنسا بالسبق أوربيا في تكريس مظاهر التمييز بين مواطنيها حيث المناصب لا تقاس بالكفاءة، وحيث الإحساس بالتفوق والتمايز والاستعلاء بناء على الجنس واللون، هو من الممارسات السائدة وإن كانت تخرج عن نسق القيم التي ينشدها البلد..فالمفروض في المغاربيين الراغبين في ولوج أسلاك الشرطة والجيش والجمارك والبريد وغيرها، أن ينصهروا إلى حد الذوبان في النسيج الفرنسي الذي لم يتطهر بعد وبشكل صحي من رجس العنصرية التي تنكر وحدة التجانس البشري وتقر بوجود اختلاف جوهري بين الآدميين.
ومن منطلق اهتمامها بحالات العزل والتمييز في ولوج الوظائف العمومية، أعدت منظمات حقوقية وجمعوية بفرنسا وفي مقدمتها "حركة مناهضة العنصرية والصداقة بين الشعوب"، عدة تقارير في الموضوع كان آخرها تقرير عالم الاجتماع عزوز بكاك، الوزير السابق لتكافؤ الفرص، الذي أدان الأسئلة "المفخخة" المرتبطة بالانتماء العرقي والثقافي التي تطرح على أبناء الهجرة. واعتمد في تقريره على دراسة اجتماعية معمقة قام بها المعهد الفرنسي للدراسات العليا للأمن، وأثبتت بجلاء وجود ممارسات تمييزية صارخة في إجراءات التوظيف بمصالح الجيش والشرطة وحتى الجمارك.
أول ما يصدمنا تحت ثقل هذا التهميش والإقصاء الضارخين، هو أن جزءا كبيرا من الإعلام الفرنسي لا يفعل سوى أن يجعل من الإسلام والمسلمين مادة خصبة ورصيدا يتغذى منه ليكرس هذا الواقع تحت نفوذ اللوبي المتطرف الذي يعمل على نشر مقالات وتحقيقات ناقمة على الإسلام والمسلمين، في غياب شبه تام لإعلام إسلامي في فرنسا يدافع عن المسلمين. وقد أصبح التطرف والأصولية والإسلاموفوبيا.. من المفردات المتداولة أكثر في الإعلام الفرنسي، وأصبح معها التهجم على الإسلام سلوكا يجنب صاحبه أي عقاب ما دام يدخل في إطار حرية التعبير وحرية الإعلام، بينما مجرد الإشارة إلى اليهود، تصنّف صاحبها في خانة العنصرية والمناهضة للسامية وتُغرقه في متابعات قضائية وفي حملات إعلامية واسعة.
ثم إن مسئولية الدولة والأحزاب والمنظمات المناهضة للعنصرية بفرنسا في التصدي لظاهرة معاداة الإسلام التي بدأت تأخذ أبعادا قد يصعب احتواؤها فيما بعد، لا يجب أن تتوقف على مجرد إصدار بيانات الإدانة العفوية والتلقائية، بقدر ما تقتضي صياغة رؤية شمولية لما يجب اتخاذه من إجراءات ملموسة مثل سن قوانين ضد معاداة الإسلام كما هو الشأن بالنسبة لقانون معاداة السامية المعمول به في فرنسا، وتفكيك شبكة المتطرفين مرتكبي مثل هذه الأعمال الشنيعة ضد المسلمين، وتطبيق عقوبة رادعة في حقهم بعيدة عما صدر من أحكام بسنة سجنا تحولت إلى ثلاثة أشهر في حق مرتكبي أعمال التدنيس في مقبرة لاشابيل وسط فرنسا سنة 2010.
فاقتلاع مظاهر العنصرية وكراهية الإسلام، لن يتم أبدا من خلال انتقاد النخب السياسية وفي مقدمتها رئيس الدولة، لذبائح عيد الأضحى وتعدد الزوجات وارتداء الحجاب وغير ذلك من العادات والتقاليد الإسلامية، بل من خلال تفهم هذه التقاليد واستيعاب دلالاتها الروحية لدى المسلمين دون تخوف من أي مد إسلامي أو أي ضرر قد يلحق بالعلمانية التي لا يعتبرها المسلمون شكلا من أشكال محاربة الأديان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.