صدر عن مؤسسة فكر شعبة منشورات فكر والتي يرأسها محمد الدرويش الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط العدد الثالث لمجلة فكر. وبذلك تعود فكر العلوم الاقتصادية والقانونية والسياسية إلى قرائها الأعزاء والأساتذة الباحثين الكرام بعد توقف اضطراري عن الصدور، بهذا العدد والمنشورات الأخرى خلال هذا الموسم نكون قد أعدنا لفكر هيكلها المتكامل ملتزمين بدورية الصدور وبالقيمة العلمية والفكرية لمضامين كل منشورات فكر. يضم هذا العدد مجموعة من المقالات تمس مجالات الدبلوماسية المغربية والإصلاح القضائي والرقابة القضائية بالمغرب العربي وقضايا دستورية تهم دستور دولة الجزائر، وتاريخ السياسات الاجتماعية بالمغرب واقتصادية السوق ومواجهة البطالة والتراث الثقافي الوطني ومدونة التعمير و التنمية من خلال الثقافة، وواقعها في الوطن العربي. ففي مقال بعنوان "محددات الخطاب السياسي حول الإصلاح القضائي والرقابة بالمغرب العربي" يقوم الأستاذ الباحث عبد الله ادريسي بتشريح علمي مقارن بين طبيعة ومحددات الرقابة القضائية بالدول المغاربية ومثيلتها بدول أوربا راصدا العديد من التحويرات والتشوهات والمتناقضات نتيجة الفترة الاستعمارية بكل أنواعها. أما الأستاذ الباحث محمد بودة من جامعة وهرانالجزائرية فإنه يقدم قراءة دستورية للفقرة الرابعة من المادة 85 من الدستور الجزائري من خلال علاقات الوزير الأول بالإدارة رئيسا ومتحكما خاضعا ورجحانا، متحملا أعباء متعددة إذ هو سلطة تنفيذية وسلطة استشارية وسلطة إشهادية وتنظيمية إنه متعدد السلطات. وأما الأستاذ الباحث حسن طارق فإنه يرصد في مقاله تاريخ السياسات الاجتماعية بالمغرب في كل ما يرتبط بالتكوين والتشغيل، والحماية والصحة والإدماج، والعائلة ... مميزا بين حقبة الأعمال الاجتماعية من منطلقات دينية وعائلية ومهنية وبين حقبة السياسات الاجتماعية باعتبارها سياسات عمومية وقد ربط بين السياسات الاجتماعية والنمو الاقتصادي من جهة وبينها وبين التوازن المالي من جهة ثانية، وبين كل ذلك وانتظارية الانفتاح السياسي مركزا على أدوار المجتمع المدني وسياق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وارتباطا بالسياسات العمومية في مجال التشغيل يقدم الأستاذ الباحث المختار أعمرة تشريحا لقضية البطالة وطرق مواجهتها في ظل اقتصاديات السوق محاولا تقديم بعض الاقتراحات على : كيفية توفير فرص العمل لكل القوى العاملة العربية في ظل تزايد سنوي يناهز 2.5 مليون عاملا. كيفية التخفيف من حجم البطالة لما يقارب 17 مليون شخصا. منافع الهجرة والتنقل وواقع التشغيل في الوطن العربي. كيفية جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية لتحقيق النمو وفرص العمل. وفي علاقة بموضوع المحافظة على التراث الثقافي الوطني في ضوء مدونة التعمير يقدم الباحث عبد العزيز توري نظرة عن تاريخ المحافظة على المعالم التاريخية خلال فترة الحماية وبعد الاستقلال مؤكدا على أهمية علاقة التراث بالتنمية خصوصا التراث المادي منه وكذا أمر إدراج صيانة التراث التاريخي الوطني كعنصر عضوي في مدونة التعمير ونتائجه وأهميته. وأما الأستاذ الباحث عبد السلام عشير فقد رصد الأدوار الثقافية للتنمية البشرية التي جعلت الإنسان في قلب الاهتمامات والمخططات والبرامج مؤكدا على محورية أن تكون القيم الثقافية محركا لها، راصدا لمفاهيم الإصلاح والتنمية والحداثة، والتقدم والبحث العلمي وانعكاساته على التنمية الثقافية. وملامسة لموضوع التنمية وواقعها في الوطن العربي وآفاق تفعيلها شددت الأستاذة الباحثة نعيمة نصيب من الجزائر على أهمية الحلم العربي للوحدة العربية وانكسارات الفكر القومي خلال نهاية القرن الماضي راصدة لواقع التنمية في الوطن العربي ونتائج التقارير الأممية للتنمية البشرية للسنوات الأخيرة غير المشجعة بأسباب النزاعات العربية والأمية وواقع التعاون العربي. وفي مقاله " أكادير المشروع الحضري والحكامة المحلية : أي مناخ أمام مدونة التعمير" يقدم الأستاذ الباحث محمد بنعتو صورة واضحة عن واقع مدينة أكادير الحديثة بواقعها العشوائي ونسيجها المعماري، وإستراتيجية السوق العقارية، وكيفية تحقق المدينة ذات المقياس الإنساني على حساب المدينة ذات المقياس التقني، كما ركز الأستاذ الباحث على المرحلة الانتقالية التي مرت منها مدينة أكادير من تعمير إجرائي إلى تعمير واقعي وخصوصيات المرحلة، مؤكدا على أهمية وحدة مدينة أكادير باعتباره اختيارا إستراتيجيا تنمويا وكذا على أهمية الرهانات السياسية الكبرى لمدونة التعمير. ونختم العدد بالأحكام القضائية التي نقدمها للقارئ الكريم نماذج أحكام للاستئناس والمقارنات تطويرا لمنظومة العدالة المغربية. العدد صدر بدعم من وزارة الثقافة دورة يونيو 2014 من حجم 17/24 وعدد الصفحات 264 وزين غلافه بلوحة الفنان موريس ايتريلو. أما بعد، تظل مجلة فكر العلوم الاقتصادية والقانونية والسياسية منبرا فكريا متجددا ملكا لكل الأساتذة الباحثين وطلاب التعليم العالي والمهتمين والفاعلين راجين دعم الجميع حتى نطور هاته الأداة المعرفية خدمة للمنظومة القانونية والاقتصادية والسياسية ببلادنا.