وقد ارتبط مدح النبي صلى الله عليه وسلم بمدح أهل البيت وتعداد مناقب بني هاشم وأبناء فاطمة كما وجدنا ذلك عند الفرزدق والشاعر الشيعي الكميت الذي قال في بائيته: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب ولا لعبا مني وذو الشوق يلعب ويندرج ضمن هذا النوع من المدح تائية الشاعرالشيعي دعبل التي مدح فيها أهل البيت قائلا في مطلعها: مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل حي مقفر العرصات ويذهب الشريف الرضي مذهب التصوف في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وذكر مناقب أهل البيت وخاصة أبناء فاطمة الذين رفعهم الشاعر إلى مرتبة كبيرة من التقوى والمجد والسؤدد كما في داليته: شغل الدموع عن الديار بكاؤنا لبكاء فاطمة على أولادها ويقول أيضا في لاميته الزهد ية المشهورة التي مطلعها: راجل أنت والليالي نزول ومضر بك البقاء الطويل وللشاعر العباسي مهيار الديلمي عشرات من القصائد الشعرية في مدح أهل البيت والإشادة بخلال الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته الحميدة التي لاتضاهى ولاتحاكى. ولكن يبقى البوصيري الذي عاش في القرن السابع الهجري من أهم شعراء المديح النبوي ومن المؤسسين الفعليين للقصيدة المدحية النبوية والقصيدة المولدية كما في قصيدته الميمية الرائعة التي مطلعها: أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعا جرى من مقلة بدم أم هبت الريح من تلقاء كاظمة وأومض البرق في الظلماء من إضم وقد عورضت هذه القصيدة من قبل الكثير من الشعراء القدامى والمحدثين والمعاصرين، ومن أهم هؤلاء الشعراء ابن جابر الأندلسي في ميميته البديعية التي استعمل فيها المحسنات البديعية بكثرة في معارضته الشعرية التي مطلعها: بطيبة انزل ويمم سيد الأمم وانشر له المدح وانثر أطيب الكلم ومن شعراء المديح النبوي المتأخرين الذين عارضوا ميمية البوصيري عبد الله الحموي الذي عاش في القرن التاسع وكان مشهورا بميميته: شدت بكم العشاق لما ترنموا فغنوا وقد طاب المقام وزمزم ومن الشعراء الذين طرقوا غرض المديح النبوي الشاعر ابن نباتة المصري، فقد ترك لنا خمس قصائد في المديح النبوي كهمزيته التي مطلعها: شجون نحوها العشاق فاءوا وصب ماله في الصبر راء ورائيته التي مطلعها: صحا القلب لولا نسمة تتخطر ولمعة برق بالغضا تتسعر وعينيته التي مطلعها: يادار جيرتنا بسفح الأجرع ذكرتك أفواه الغيوث الهمع ولاميته التي مطلعها: ما الطرف بعدكم بالنوم مكحول هذا وكم بيننا من ربعكم ميل والميمية التي مطلعها: أوجز مديحك فالمقام عظيم من دونه المنثور والمنظوم 5- شعر المديح النبوي في الأدب المغربي والأندلسي: إذا انتقلنا إلى الأدب المغربي لرصد ظاهرة المديح النبوي، فقد كان الشعراء المغاربة سباقين إلى الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ونظم الكثير من القصائد في مدحه صلى الله عليه وسلم وتعداد مناقبه الفاضلة وذكر صفاته الحميدة وذكر سيرته النبوية الشريفة وذكر الأمكنة المقدسة التي وطئها نبينا المحبوب. و كان الشعراء يستفتحون القصيدة النبوية بمقدمة غزلية صوفية يتشوقون فيها إلى رؤية الشفيع وزيارة الأمكنة المقدسة ومزارات الحرم النبوي الشريف، وبعد ذلك يصف الشعراء المطية ورحال المواكب الذاهبة لزيارة مقام النبي الزكي، وينتقل الشعراء بعد ذلك إلى وصف الأماكن المقدسة ومدح النبي صلى الله عليه وسلم مع عرضهم لذنوبهم الكثيرة وسيئاتهم العديدة طالبين من الحبيب الكريم الشفاعة يوم القيامة لتنتهي القصيدة النبوية بالدعاء والتصلية. ومن أهم الشعراء المغاربة الذين اشتهروا بالمديح النبوي نستحضر مالك بن المرحل كما في ميميته المشهورة التي يعارض فيها قصيدة البوصيري الميمية شوق كما رفعت نار على علم تشب بين فروع الضال والسلم ويقول في قصيدته الهمزية مادحا النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصطفى أهديت غر ثنائي فيا طيب إهدائي وحسن هدائي أزاهير روض تجتنى لعطارة وأسلاك در تصطفى لصفاء ونذكر إلى جانب عبد المالك بن المرحل الشاعرالسعدي عبد العزيز الفشتالي الذي يقول في إحدى قصائده الشعرية محمد خير العالمين بأسرها وسيد أهل الأرض من الإنس والجان أما القاضي عياض فقد خلف مؤلفات عديدة وقصائد أغلبها في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والتشوق إلى الديار المقدسة كما في قصيدته الرائية : قف بالركاب فهذا الربع والدار لاحت علينا من الأحباب أنوار ومن شعراء الأندلس الذين اهتموا بالمديح النبوي وذكر الأماكن المقدسة لسان الدين بن الخطيب الذي يقول في قصيدته الدالية : تألق " نجديا" فاذكرني " نجدا" وهاج لي الشوق المبرح والوجدا وميض رأى برد الغمامة مغفلا فمد يدا بالتبر أعلمت البردا