أعلنت الحكومة وبصفة نهائية عن انتهاء مسلسل الرفع التدريجي للدعم المخصص لمادة الغازوال، وأكدت أن هذه المادة الحيوية المؤثرة في العديد من القطاعات لن تستفيد من الدعم بصفة نهائية بداية من نهاية الشهر الجاري. وطبعا تدفع الحكومة بالقول بأن الأمر يتعلق بإصلاح منظومة الدعم المعتمدة في صندوق المقاصة، حيث تعمدت الحكومة تجفيف هذا الصندوق من الدعم المخصص للمحروقات بالخصوص بما يمكن من تخفيف الضغط على الميزانية العامة. والحقيقة أن وتيرة الرفع التدريجي للدعم المخصص للمحروقات كانت أكثر سرعة وفعالية من رزمة الإجراءات والتدابير التي وعدت الحكومة باتخاذها موازاة مع إلغاء الدعم، حيث لا تزال كثير من هذه الإجراءات حبرا على ورق، وتأكد الآن أنها كانت مجرد مسكنات مخدرة تفقد جزء من توازن العقول، إلى أن تتمكن الحكومة من فرض سياسة الأمر الواقع. دعنا من كل هذا الذي تحول إلى ضجيج يتسبب في صداع الرأس مع حكومة لا تقبل المجادلة والنقاش في قضايا عامة، وسخرت لسانا سليطا لا يتوانى حتى عن ممارسة السب والقذف في حق من يتجرأ على المناقشة، ولننتقل بالموضوع إلى المستوى الثاني الذي سيهم مرحلة ما بعد رفع الدعم عن أسعار المحروقات. ذلك أنه حينما تعلن الحكومة بصفة رسمية عن نهاية مسلسل رفع الدعم عن هذه المادة الحيوية فإنها بذلك تكون قد وفرت مبالغ مالية مهمة جدا تفيد مصادر عليمة أنها تجاوزت خلال الستة أشهر الماضية ستة ملايير درهم، ناهيك أن أسعار النفط عرفت تراجعا مهولا خلال الستة أشهر الماضية أيضا، حيث نزل سعر البرميل الواحد من النفط من 113 دولار إلى 77 دولارا ، وهذا يعني أن الحكومة استفادت ماليا من هذا الانخفاض المهول، بيد أنها تعمدت الزيادة في أسعار البنزين والغازوال موازاة مع تراجع الأسعار في الأسواق العالمية. إذن، بكسب الحكومة لرهان هذه الجولة تكون حسب مفهومها قد حققت إصلاحا جذريا لصندوق المقاصة، وبقي أن ينعكس هذا الإصلاح على حياة المواطن الذي يجب أن يرى ويعاين ويعيش أثر هذا الإصلاح، سواء ماديا أو من خلال تحسين الخدمات، أما أن ينتهي الإصلاح وتحقق الحكومة ما أرادت وحينما يسأل المواطن عن الانعكاسات الإيجابية لهذا الإصلاح على حياته ويقال له إن الإصلاح سيمكن من تخفيض نسبة التضخم وسيحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية، فإن المواطن سيرد بكل تأكيد.. ما هذا إلا وجه من وجوه النفاق الحكومي.