انطلقت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أعمال ندوة الأمن القومي العربي التي ينظمها البرلمان العربي على مدى ثلاثة أيام بهدف إعداد استراتيجية عربية للحفاظ على الأمن القومي العربي ، ومواجهة التحديات الطارئة على المنطقة العربية خلال السنوات الماضية والنيل من وحدة واستقرار الدول العربية وتقسيمها لدويلات صغيرة تقوم على أسس دينية ومذهبية تمهيدا لرفعها للقمة العربية لإقرارها. وأكد رئيس الوزراء إبراهيم محلب – في كلمة له أمام الندوة ألقاها نيابة عنه وزير العدالة الانتقالية ومجلس النواب المستشار إبراهيم الهنيدي – أهمية هذه الندوة لتبادل الخبرات في مجال حماية الأمن القومي وتعميق المفاهيم الديمقراطية، موضحا أنها تنعقد في ظل ظروف إقليمية أصبح الإرهاب فيها مخلبا ينهش في جسد الأمة . ودعا محلب إلى إصدار توصيات للتصدي للمخاطر التي تواجه الأمن القومي وترقى لتطلعات وأمال الشعوب التي تنشد الأمن والاستقرار . وحذر من تنامي ظاهرة الإرهاب عربيا ودوليا بهدف التأثير على سياسات الدول من خلال محاولات التخويف والترويع ، موضحا أن ثورات الربيع العربي التي شكلت نقطة فارقة في دول المنطقة انتهز خلالها الإرهابيون الفوضى التي نتجت خلال هذه الثورات لبث الخوف والترويع من أجل تحقيق أهداف سياسية . وشدد محلب، في كلمته، على أنه من حق الدول مواجهة الإرهاب دفعا عن سيادتها وأرواح الموطنين وإرساء حقوق الإنسان ،موضحا أن مواجهة الإرهاب داخليا وخارجيا ضرورة لتوفير مناخ ملائم للتنمية والاستثمار. وطالب الدول العربية بتضافر الجهود لمكافحة الإرهاب سياسيا وقانونيا ، منوها بأهمية تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي وقعت عام 1998 . ونبه إلى أن مصر ليست بمنأى عما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا من أحداث إرهابية حيث نالها قسط وافر منها وآخرها حادث مقتل الجنود في الشيخ زويد بشمال سيناء،مشددا على أن جيش مصر العظيم سيظل الدرع الحامية لمصر والمنطقة العربية...معربا عن أمله في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة وصولا لعالم عربي خال من الإرهاب والعنف. وبدوره، أكد أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي أن المنطقة العربية تعيش حاليا مرحلة صعبة ، محذرا من خطورة ما تواجهه من تحديات خطيرة سواء من أطماع خارجية تريد الانقضاض على ثرواتها ومقدراتها أومن خلال صراعات وفتن داخلية مافتئت تنخر في جسم الأمة العربية قد ينتج عنها من نتائج يصعب السيطرة عليها. وقال الجروان – في كلمته أمام أعمال الندوة – إن التحديات الخارجية المستمرة على الشعب الفلسطيني والمستمرة على مدى عقود طويلة ، فضلا عن الأطماع الاستعمارية لتفتيت البلدان العربية والتي امتدت لتشمل تفاعلات داخلية في العالم العربي هي في غالبيتها مدعومة من الخارج وموظفة للفكر الديني المتطرف الرامي إلى استهداف أمن واستقرار المجتمعات العربية والنيل من المباديء السمحة للأديان السماوية. وشدد الجروان على أن ندوة اليوم التي ينظمها البرلمان العربي تأتي تكليلا للجهود التي بذلتها الجامعة العربية والبرلمان العربي سلفا لتطوير منظومة العمل العربي المشترك بما فيها تفعيل دور مجلس السلم والأمن العربي وذلك من أجل الخروج بمفهوم محدث للأمن القومي العربي وتوصيات تتواءم مع تلك المتغيرات والتحديات الخطيرة . وحذر من مخاطر محاولات التقسيم والتفتيت من المشرق إلى المغرب العربي والتي يجب مواجهتها من خلال تعزيز القدرات الدفاعية والاقتصادية ومواكبة المفاهيم الفكرية والثقافية والمجتمعية المعتدلة التي تناسب مع المجتمعات العربية والتي تعزز من وضع المواطن العربي وقدرته على مواجهة تلك المتغيرات. وأكد الجروان على ضرورة الاهتمام ببناء مجتمعات متعلمة وذات وعي وثقافة حقيقية باعتبارها الحصن الحصين للأمن القومي العربي حيث أن المجتمعات القائمة على أساس تربوي متقدم وتعليم يرفع من الوعي المجتمعي هى مجتمعات حصينة ضد كل ما يعكر صفوها من أفكار سلبية وهدامة. وأشار إلى أن مكافحة ظاهرة الإرهاب والقتل التي بدأت تدخل في كثير من المجتمعات لابد من معالجتها عن طريق التربية والتعليم السويين ونشر الفكر الثقافي الساعي إلى التنمية والإعمار وليس التخريب والهدم، وأكد أن مسؤولية التربية والثقافة المجتمعية تقع على عاتق كل فرد كما أن الجزء الأكبر من المسؤولية عن كل من قطاعي التعليم والإعلام. ومن جهته ،حذر عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية من مخطط لسايكس بيكو جديدة تستهدف تقسيم المنطقة إلى دويلات ونظام إقليمي جديد يخدم مصالح خارجية ، مؤكدا في الوقت ذاته أن ما شهدته الدول العربية يكشف رفض الشعوب العربية للعيش في العصور الظلامية وأنها عازمة على العيش في الدولة المدنية الديمقراطية ، منوها بأن ما حدث في تونس هو نتيجة للتطورات التي شهدتها مصر وتأكيدا للرأي العام برفض خلط الدين بالسياسة ، وأن ما يشهده العالم العربي سيكون له نتائجه على المسار الديمقراطي . وأكد موسى أن الأمن القومي العربي يحتاج إلى بحث تفصيلي ووقفة مع الذات لدراسة أبعاده ومسبباته، محذرا من استمرار أمد الصراع العربي – الإسرائيلي ، وإشعال الفتنة بين السنة والشيعة ومخاطر النظم الديكتاتورية ، داعيا إلى الاعتراف بالأخطاء الكبرى التي أدت إلى الوضع الراهن في العالم العربي. وقال موسى إننا على أمل كبير أن تكون مصر قد دخلت عصرا جديدا عنوانه حسن إدارة الحكم . وفي كلمة له وجهها للندوة ، أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الأمن القومي العربي كان منذ تأسيس جامعة الدول العربية موضع اهتمام خاص للدول الأعضاء وذلك بفضل إحساسها بحجم التحديات والأزمات في ذلك الوقت وعلى رأسها فلسطين قضية العرب الأولى. وقال العربى – في كلمته التي ألقاها نيابة عنه السفير سمير القصير مساعد الأمين العام لشؤون الأمن القومي – إن مايحدث من تطورات في المنطقة العربية يشير بوضوح إلى مخاطر جسيمة تهدف إلى ضرب الدولة الوطنية من الداخل لتقسيمها على أسس مجتمعية وعرقية ودينية ومذهبية. وأضاف أن هذه التطورات تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار ووأد التعايش في الدول الوطنية وتفجير حروب أهلية وانتشار المليشيات الإرهابية المسلحة والإساءة لصورة العرب والمسلمين والإسلام كدين وتعزيز صورة نمطية سلبية عنهم في العالم لمنع أى تعاطف مع قضاياهم. وطالب العربي في كلمته بإيجاد نظام أمن عربي جماعي أو تعاون فعال يتيح لدول المنطقة التحكم في مصيرها وتسوية أى نزاعات في إطار جامعة الدول العربية. وتناقش ندوة الأمن القومي العربي على مدى ثلاثة أيام عددا من المحاور منها المحور السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري والإعلامي والثقافي والمحور التربوي والاجتماعي. يشارك في الندوة نخبة من الخبراء والمتخصصين من بينهم الدكتور مصطفي الفقي الكاتب والمفكر السياسي المصري،والدكتور محمد حسين ابوصالح الاستاذ بالأكاديمية العسكرية العليا بالسودان،والدكتور أحمد يوسف استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة،والسفير جمال بيومي الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب،واللواء خالد البوعينين المزروعي رئيس معهد الشرق الأدني والخليج للتحليل العسكري بدولة الإمارات العربية المتحدة.