الافتتاح بلا مفاجآت مثيرة، ولقاءات ثنائية على هامش القمة لتنقية الأجواء تختتم اليوم الأربعاء، في العاصمة الكويتية، أشغال القمة العربية الخامسة والعشرين، التي انطلقت أمس بقصر بيان، وهي أول قمة عربية تستضيفها الكويت، وقد خلا افتتاحها، صباح أمس الثلاثاء، من أي مفاجأة كبيرة أو لافتة، عدا ما قد يلتقطه المراقبون والصحفيون في الكلمات التي ألقيت من إشارات أو رسائل. وعند زوال يوم أمس، أعلن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، رئيس القمة، رفع الجلسة العلنية، لافتا إلى أن القادة العرب سيستكملون اجتماعاتهم في وقت لاحق بعد الغذاء، كما ذكرت مصادر متطابقة، في كواليس افتتاح القمة، صباح أمس ل «بيان اليوم»، أن القادة ورؤساء الوفود سيعقدون جلسة عمل أولى مغلقة برئاسة أمير دولة الكويت لاعتماد مشروع جدول الأعمال ومتابعة إلقاء الكلمات، ثم ستتواصل الأشغال صباح اليوم الأربعاء، من خلال جلسة عمل ثانية مغلقة، وستعقبها جلسة ختامية علنية لتلاوة «إعلان الكويت». وعكس ما تم الترويج له صباح أمس، في محيط القمة وعبر بعض وسائل الإعلام، من أن القمة سيتم اختزالها في يوم واحد، وستختتم أشغالها في نفس يوم افتتاحها، فقد نفى وكيل وزارة الخارجية الكويتية «الكاتب العام» خالد الجار الله ذلك بشكل قاطع، وقال في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية «كونا»: «إن ما تداولته بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، من تصريح منسوب لي، بأن القمة العربية المنعقدة حاليا في دولة الكويت ستختتم أعمالها مساء الثلاثاء عار عن الصحة»، مضيفا أن هذا «أمر غير صحيح»، وأكد أن برنامج القمة ماض كما هو متفق عليه دون أي تغيير. وافتتحت أشغال القمة، صباح أمس الثلاثاء، برئاسة أمير دولة الكويت الذي أحال الكلمة مباشرة على أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بصفة بلاده رئيس القمة الرابعة والعشرين. وجدد أمير قطر دعوة بلاده إلى عقد قمة عربية مصغرة من أجل التوصل إلى تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، معربا عن استعداد الدوحة لاستضافتها، وقال بأن القضية الفلسطينية لا تزال تعتبر أهم التحديات التي تواجه الأمة، وبأن تنصل إسرائيل من التزاماتها يبقى عقبة أمام التوصل إلى تسوية سلمية عادلة، ثم دعا إلى تنفيذ التعهدات الخاصة بتقديم مساعدات مالية وغيرها لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى قرار قمة الدوحة بإنشاء صندوق لدعم القدس قدره مليار دولار بموجب اقتراح من قطر، وهو القرار الذي قال بأنه لم يطبق بعد، مضيفا بأن دولة قطر تجدد التزامها به، وستعمل بهذا الخصوص بالتنسيق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وبعد أن استعرض الأوضاع العربية في كل من سوريا ثم مصر وتونس والعراق واليمن والسودان والصومال، وسجل مواقف بلاده منها كلها، توقف أمير دولة قطر عند موضوع الإرهاب، مشددا على أن «للإرهاب مفهوما محددا وهو استهداف المدنيين بالقتل والترويع وضرب المنشآت المدنية لأغراض سياسية» وزاد بأنه «لا يجوز.. أن ندبغ بالإرهاب طوائف كاملة أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسيا، فمن شأن ذلك أن يعمم الإرهاب بدلا من أن يعزله كما لا يليق أن يتهم كل من لا ينجح في الحفاظ على الوحدة الوطنية دولا عربية أخرى بدعم الإرهاب في بلده». وبعد أن تسلم الرئاسة من قطر، تناول الكلمة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حيث دعا إلى وقفة صادقة لوضع حد للخلافات العربية، مشددا على ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك عبر النأي عن الخلاف والاختلاف. وطالب، في السياق نفسه، بضرورة نبذ الخلاف العربي والعمل الجاد على وحدة الصف لافتا إلى أن مساحة الاتفاق أكبر من مساحة الاختلاف، مشددا على ضرورة استثمار مساحة الاتفاق لرسم فضاء عربي حافل بالأمل والإنجاز لتحقيق الانطلاقة المنشودة. وتطرق أمير دولة الكويت إلى انتشار ظاهرة الإرهاب قائلا بأنها تتطلب مضاعفة جهود الدول العربية بالتعاون مع المجتمع الدولي بهدف وأد هذه الظاهرة الخطيرة. وحول الوضع في سوريا، دعا أمير الكويت مجلس الأمن إلى أن يعيد للعالم مصداقيته لحفظ الأمن والسلم الدوليين وأن يسعى إلى وضع حد للكارثة الإنسانية في سوريا، كما أكد، بشأن القضية الفلسطينية، بأن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا من خلال إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، مشيرا إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية تقف عائقا أمام تحقيق السلام. أما بالنسبة للملف النووي الإيراني، فقد دعا طهران إلى مواصلة تنفيذ التعهدات التي التزمت بها سابقا خلال اجتماعات مجموعة «5+1» تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهدف تبديد قلق دول المنطقة إزاء برنامجها النووي. ومن جهته، دعا ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى تعزيز الجهود العربية من أجل التصدي لكل المحاولات الهادفة إلى زعزعة الأمن والاستقرار في الدول العربية، مشددا على ضرورة توفر الإرادة القوية والعزيمة الصلبة والصادقة والتنسيق الجماعي العربي المتواصل بما يكفل تعزيز وحدة الصف في مواجهة التحديات الراهنة. أما الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، فقد دعا إلى الوقوف على الأسباب الحقيقية للخلافات العربية - العربية والتعامل معها بشفافية ووضع حلول ناجعة لها من أجل تحقيق التضامن العربي. وقال بأن «انعقاد القمة العربية في الكويت يعطي بارقة أمل» في تجاوز هذه الخلافات مؤكدا أهمية ترجمة شعار القمة «قمة للتضامن من أجل مستقبل أفضل» إلى خطوات ملموسة لتعزيز العمل العربي المشترك. وأعرب نبيل العربي عن تطلعه لاتخاذ خطوات ملموسة لتجاوز المرحلة الحرجة التي تمر بها العلاقات العربية - العربية ومواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، كما دعا إلى تنقية الأجواء العربية محذرا من أن التوترات في العلاقات البينية تهدد مستقبل المنطقة ووحدة شعوبها وتنعكس على دور جامعة الدول العربية وقدرتها على التعامل مع الأحداث الكبرى بالمنطقة ما يتطلب من الجميع مواجهة هذه الأوضاع ووضع حلول لها تكفل تعزيز التضامن العربي. وأكد الأمين العام للجامعة العربية ضرورة إعداد استراتيجية شاملة لمواجهة تحديات الأمن القومي العربي من أجل الانطلاق نحو مستقبل افضل. في السياق ذاته، ألقيت أثناء الجلسة العلنية الأولى للقمة العربية كلمات لكل من الأمين العام للأمم المتحدة، ألقاها نيابة عنه المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، وللبرلمان العربي ألقاها رئيسه أحمد محمد الجروان، ثم كلمة منظمة التعاون الإسلامي التي ألقاها أمينها العام، وكلمة الاتحاد الإفريقي، وألقاها نائب رئيس مفوضية الاتحاد اراستوس موينشا، فكلمة رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة ورئيس الوفد المفاوض في محادثات جنيف للسلام أحمد الجربا. وعند كتابة هذه السطور، كانت الجلسة المغلقة الأولى لم تنطلق بعد، ومن المقرر أن تشهد استكمال إلقاء الكلمات، حيث سيقدم رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بنكيران خلالها كلمة موجهة باسم جلالة الملك إلى القمة العربية. وبحسب نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، فإن الكويت ستشهد، على هامش جلسات القمة، عددا من اللقاءات الثنائية بهدف تنقية الأجواء وحل الخلافات العربية، لافتا إلى أن «الخلافات لا تدرج على جدول الأعمال، وإنما تعالجها اللقاءات بين رؤساء الوفود العربية».