سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الهيئة الوطنية للأطباء تنبه إلى خطورة احتكار الخدمات الصحية من طرف الشركات التجارية إذا ماتمت المصادقة على مشروع القانون الجديد.. ونقابتي أطباء القطاع الحر والمصحات الخاصة يصفونه بالقانون المناقض لروح الدستور..
في خطوة مفاجئة، ليس لها مثيل في السابق، قامت الهيئة الوطنية للأطباء، وهي هيئة تمثيلية رسمية للأطباء حسب القانون 12-08، والتي تضم في هياكلها الوطنية والجهوية، القطاعات الجامعية والعمومية والخاصة والعسكرية، بتوجيه انتقاد حاد إلى مشروع القانون 13-131 المعروض أمام البرلمان ، والمتعلق بممارسة مهنة الطب ، مبرزة أن من شأن فتح رأسمال المصحات الخاصة أمام الشركات ، أن يشكل خطورة أكيدة ، وسيساهم في الإرتفاع المحتمل لنفقات الصحة على الأسر والدولة ، وتهديد التوازنات المالية لصناديق التأمين الصحي ، وسيؤثر سلبا على القطاع الصحي العمومي وسيساهم في تدني جودة الخدمات لصالح المواطنين بالمستشفيات العمومية ، واعتبر بلاغ الهيئة ، الدي توصلت به " العلم " ، أن مشروع القانون السالف الذكر ، لم يبوء للهيئة الوطنية للأطباء ، المكانة المرموقة ، حتى تقوم بواجبها الأساسي في حماية مهنة الطب وصحة المواطنين .. وفي سياق متصل ، ذكر بلاغ مشترك لكل من النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر ، والنقابة الوطنية للمصحات الخاصة ، توصلت به هو الآخر " العلم " ، أن إصرار الحكومة على تمرير مشروع قانون الممارسة الطبية الجديد ، سيهدف إلى فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة و إخضاع المريض للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري ، و أوضح البلاغ ، أن تمرير مشروع القانون المذكور ، هو أمر مخالف لدستور سنة 2011 ، ، هذا الأخير ، الذي أكد في ديباجته ، على التزام الدولة بجعل الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب، في نطاق أحكام الدستور، و قوانين المملكة، و هويتها الوطنية الراسخة، وأن المطلوب هو احترام الالتزامات وادماجها في التشريعات. و أضاف البلاغ ، أن المواثيق الدولية و في مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية تؤكد كلها على حق كل فرد في الحياة و العناية الطبية، وأن الاتفاقيات الدولية جعلت من الحق في الرعاية الصحية مرتبطا بمفهوم العدالة الاجتماعية التي يجب على الدولة و المؤسسات العمومية العمل على ضمانها للمواطنين بدون تمييز. و حيث أن الفصل 31 من الدستور – يضيف البلاغ - ينص صراحة على أن تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية (و ليس الشركات التجارية)، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات و المواطنين، على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية، و الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية، و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة . و أضاف نفس البلاغ ، أن المادة 2 من مشروع القانون المتعلق بمزاولة الطب، تؤكد أن الطب مهنة لا يجوز بأي حال من الأحوال و بأي صفة من الصفات أن تمارس باعتبارها نشاطا تجاريا، و هذا ما يتعارض مع ما جاء في المادة 60 من نفس المشروع، بإعطاء حق حيازة المصحات الخاصة للشركات التجارية و السماح للأطباء بتأسيس شركات وفق مقتضيات القانون التجاري المغربي و استطرد البلاغ ، أنه في الوقت الذي تؤكد كل الدراسات الدولية، أن حصيلة من سبق المغرب في فتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة، تنافي هذا الإجراء مع جميع القيم الأساسية للممارسة الطبية الشيء الذي دفع بالعديد من الدول حتى الغنية منها إلى التفكير في التراجع عن التعامل مع القطاعات الاجتماعية، و من ضمنها الصحة، بالمنطق التجاري. وأضاف بلاغ النقابتين ، أن ما جاء في المادة 60 و غيرها من مواد مشروع القانون رقم 13-131 المتعلق بمزاولة مهنة الطب بإعطاء حق امتلاك مصحات طبية للشركات التجارية و السماح بتنظيم المصحات الخاصة على شكل شركات وفق مقتضيات القانون التجاري المغربي سيفتح الباب أمام الاستثمار التجاري في الصحة و إخضاع صحة المواطنين للمنطق الذي سيفرضه نظام السوق التجاري و هذا يتعارض مع كل الضوابط و الأخلاقيات المؤسسة للممارسة الطبية و حق المواطنين في الولوج للعلاج بشكل متكافئ و عادل اجتماعيا و مجاليا و بدون تمييز.. وخلص البلاغ ، إلى أن الإصرار على تمرير مشروع القانون الذي يعتبر مُتخلفا - حسب وصف البلاغ - يهدف في عمقه إلى تملص الدولة من مسؤولياتها الدستورية والفعلية في توفير الخدمات الصحية للمواطنين و تقديم قطاع الصحة هدية للمستثمرين التجاريين و التخلي عن ضمان الحق في الولوج للعلاج و الخدمات الصحية المتكافئة للمواطنين. وناشد البلاغ كل الفرق البرلمانية في مجلس النواب و مجلس المستشارين للعمل على حماية صحة المواطنين من خلال تحصين مهنة الطب و الوقوف ضد كل المحاولات الهادفة إلى إخضاع صحة المواطنين للمنطق التجاري.