ليس المقصود هوالشيخ أبوالحسن عليّ الحسني الندوي، فهذا عالم الهند الكبير، والمفكرالمجدد الذي أغنى المكتبة الإسلامية بمؤلفاته القيمة الرائدة، وهولم يتقلد الوزارة في الحكومة الهندية. ولا المقصود هو أحد أعضاء ندوة العلماء في مدينة لكناؤ في الهند الذين يحملون لقب (الندوي)، ومن أبرزهم اليوم الأستاذ محمد الرابع الحسني الندوي، الرئيس العام لندوة العلماء، الذي خلف خاله الشيخ أبا الحسن علي الحسني الندوي. لا، ليس المقصود هو أحد من هذه الزمرة الطيبة التي خدمت الثقافة العربية الإسلامية، وخدمت اللغة العربية، وخدمت الأدب العربي في شبه القارة الهندية، وبرزمنهم علماء أفذاذ، وأدباء مبدعون، وشعراء يرفعون لغة الضاد إلى الذروة من الإبداع والإشراق. فهؤلاء كلهم رهط كريم، أما من هو المقصود هنا، فهومن رهط آخر. وكلمة (الرهط) لاتعني المعنى الدارج الشائع غيرالمحمود عندنا، ولكنها تعني (الجماعة)، و(الفئة)، و(الطبقة)، إلى آخرهذه المفردات. المقصود هنا بالوزيرالندوي هوسيادة وزيرالتربية الوطنية الأستاذ البروفيسوررشيد بلمختار، فهوالمعني بالأمر، لأنه أصبح يحمل لقب (الندوي)، وإن كان لم يدرس في ندوة العلماء بلكناؤ في الهند، وبالتالي لم يتخرج فيها (وليس منها كما لا أحتاج أن أقول). هذا اللقب الذي اكتسبه واستحقه وهوجدير به، جاءه من السقطة المهولة التي وقع فيها (وكدت أقول الخطأ، ولكني وجدت أن الأمرأفحش من الخطأ، إنه سقطة مدوية)، حين اهتدى بفطنته المبهرة وذكائه اللامع، إلى جمع مفردة (ندوة) على (النوادي)، وليس على (الندوات)، لأنه أراد أن يثبت للسامعين أن العرب يخطئون حين يجمعون ندوة على ندوات، ويجهلون أن الصحيح هو (النوادي). وتلك هي السقطة التي وقع فيها سيادة الوزيرالمحترم. لنفترض أن وزيرًا في الحكومة الفرنسية (ونضرب المثل من فرنسا، لأن حليبها يسري في دماء بعض القوم منا) نطق خطأ لغويًا من هذا القبيل. فماذا سيكون مصيره؟ سيكون مصيره إما الاستقالة فورًا، وإما الإقالة بدون إبطاء. لماذا؟ لأن الوزيرفي هذه الحالة أساء، بل أهان اللغة الوطنية، ولطخها بوحل من الجهل الذي لايليق إطلاقًا بعضوفي الحكومة. في فرنسا يحترمون لغتهم.وهذا حقهم، بل هذا شرف لكل مواطن فرنسي. ولكن عندنا يخطئ الوزيرفي اللغة الوطنية على رؤوس الأشهاد، أويتجاهلها ويتحدث في اجتماع رسمي بلغة أجنبية، فلايمسه شيء. فيا أيها الوزيرالندوي، قرعينًا واطمئن نفسًا، فأنت فوق المحاسبة، لأنك باختصارشديد، تجهل لغة الدولة التي تمثلها ولاينالك سوء. أليست هذه نعمة من الله!!؟