صرح وزير التشغيل في خروج إعلامي جديد أن الحكومة ستعمل على تخفيض معدل البطالة إلى 8 بالمائة، وكان الرجل يتحدث بكل ثقة في النفس، وبكل مسؤولية، وهو تصريح يفرض أن يطرح للنقاش الهادئ. يعلم السيد وزير التشغيل أن تخفيض معدل البطالة يتوقف أساسا على ارتفاع معدل النمو، وتخفيضه إلى 8 بالمائة يعني وجوبا مضاعفة معدل النمو الحالي إن لم يكن أكثر، لذلك قبل أن يتحدث المسؤول الحكومي عن تخفيض نسبة البطالة إلى هذا المعدل كان عليه وجوبا أن يشرح للمغاربة كيف ستتمكن هذه الحكومة من مضاعفة معدل النمو، بل كيف لهذه الحكومة أن تكون مخلصة لمعدل النمو الذي وعد به الحزب الأغلبي في حملته الانتخابية والذي رفعه إلى 7 بالمائة، وحينما ووجه رئيس الحكومة بهذه الأكذوبة، قال إن 7 بالمائة ستتحقق في نهاية الولاية الحالية، وهاهي الولاية الحالية أشرفت على النهاية، وأن جميع المعطيات تؤكد استحالة تحقيق معدل نمو بنسبة 7 بالمائة ليس في سنة 2016 فحسب ولكن خلال السنوات التي تليها. السيد الوزير الذي قدم للرأي العام هذا المهدئ يعلم علم اليقين أن تخفيض معدل البطالة مرتبط أساسا بالزيادة في حجم الاستثمار العمومي بنسبة عالية جدا، والسيد الوزير أكثر المغاربة اطلاعا على مشروع القانون المالي لسنة 2015 الذي أبقى على الاستثمار العمومي على ما كان عليه، إن الاستثمار العمومي يعني فتح أوراش كبرى في البنية التحتية من قناطر وموانئ ومطارات وسدود وطرق سيارة، والسيد الوزير الملتحق بركب الحكومة أخيرا أعلم الناس بأن كل هذه الأوراش توقفت تقريبا في عهد الحكومة التي ينتمي إليها، وأن تخفيض معدل البطالة مرتبط أيضا بالاستثمار في القطاع الخاص، الوطني والأجنبي، والمؤكد أن جحم هذا الاستثمار لا يسمح إطلاقا بالحديث عن تخفيض نسبة البطالة إلى أقل من 8 بالمائة. ماذا بقي بعد كل هذا؟ بقي القول بأن السيد الوزير ظل مخلصا لمنهجية الحكومة في التسويق الإعلامي لأحلام وتكهنات، والمصيبة أن الحكومة وهي تعلم أنها تتحدث فيما لا يمكن أن يتحقق علميا فإنها تبدو مصدقة لأكاذيبها. الحقيقة أن معدل البطالة الذي عرف ارتفاعا مهولا في عهد هذه الحكومة سيظل على حاله في أحسن الحالات إذا لم يتجه نحو الارتفاع لأن الأسس التي ينبني عليها أي احتمال لتخفيضه هي هشة بصفة مذهلة. بقي أن ننصح السيد وزير التشغيل باستشارة زميله في الحكومة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور لحسن الداودي في شأن مصداقية نسب وأرقام البطالة المعلنة، ونتمنى ألا يكون غير رأيه حينما كان نشيطا في المعارضة، وكان يطعن فيها ويعتبرها تضليلا للرأي العام.