أحمد أبوطيب * : قال رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران إن الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة "إيجابية ومشرفة ومطمئنة"، بالنظر لدقة وصعوبة الظرفية الدولية والإقليمية والوطنية التي تقلدت فيها مسؤولية تدبير الشأن العام ، مع ما يعني ذلك من محدودية الإمكانيات وضيق هامش التصرف. وأكد ابن كيران في تقديمه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة خلال جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور أن الحصيلة الحكومية مشرفة بالنظر إلى طبيعة هذه المرحلة الانتقالية المتسمة أساسا بتنزيل الدستور الجديد، مع ما يعني ذلك من عمل جاد وعميق. وأكد أن هذه الحصيلة مطمئنة و"ترسخ صدقية التزام الحكومة بتنفيذ ما تعهدت به، وتساهم في استعادة ثقة المواطنات والمواطنين في العمل السياسي واهتمامهم بالشأن العام وفي إرساء علاقة قائمة على الوضوح والصراحة مع الفاعلين الاقتصاديين بهدف تشجيع المقاولة الوطنية وتحسين مناخ الأعمال". وأشار إلى أن هذه الحصيلة مطمئنة أيضا لكونها "رسخت ثقة شركائنا ومختلف المؤسسات الدولية في استقرار المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي صلابة مقوماته وأسسه الاقتصادية والمالية وفي مصداقية مساره الإصلاحي". ونوه السيد ابن كيران بروح "المسؤولية العالية التي أبان عنها الفريق الحكومي والأغلبية البرلمانية وكذا بالتعاون والانسجام الذين طبعا عملهما". الحكومة كثفت جهودها من أجل تعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني والنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين من جهة أخرى أكد عبد الإله بن كيران، أن الحكومة كثفت جهودها لتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني والنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين. فعلى المستوى الاقتصادي، أبرز السيد بن كيران في عرض للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة قدمه خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور، حرص الحكومة على ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في تنزيل الاصلاحات الهيكلية الكبرى ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي والإجرائي بهدف تحسين مناخ الأعمال. وأوضح، في هذا الصدد، أن المغرب نجح في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازنات الخارجية، حيث استطاع في ظرف سنة واحدة أن يقلص عجز الميزانية بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.5 في المائة سنة 2013. كما تمكن المغرب ، يضيف رئيس الحكومة، من تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.6 في المائة سنة 2013. وشدد السيد ابن كيران على أن الحكومة ستواصل سعيها للتحكم أكثر في عجز الميزانية خلال السنوات المقبلة تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد، مما سيمكن من الحد من تفاقم الدين وانخراطه في خط تنازلي لينخفض مستواه نسبة إلى الناتج الداخلي الخام إلى أقل من 60 في المائة تسارع النمو الاقتصادي وعلى مستوى النشاط الاقتصادي، أبرز رئيس الحكومة أن سنة 2013 تميزت بتسارع النمو الاقتصادي حيث بلغ نسبة 4,4 في المائة مقابل 2,7 في المائة خلال سنة 2012. وأشار إلى أن قطاع السياحة قد سجل مع نهاية سنة 2013 نمواً بنسبة 8 في المائة في عدد السياح الوافدين مقارنة مع سنة 2010 حيث بلغت مداخيل السياحة بالعملة الصعبة ما يناهز 58 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 2 في المائة مقارنة مع سنة 2010، وذلك بالرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة والسياق الإقليمي غير المستقر. وفي إطار حرص الحكومة على تحفيز النمو ودعم الاستثمار والمقاولة، ووعيا منها بضرورة إعطاء الأولوية للصناعة، قال السيد ابن كيران إن الحكومة قامت بإطلاق المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014- 2020، الذي يهدف إلى إحداث نصف مليون منصب شغل في أفق سنة 2020، وزيادة حصة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام ب 9 نقاط، لينتقل من 14 إلى 23 في المائة في أفق 2020. ومن أجل ذلك، ستعمل الحكومة، حسب السيد ابن كيران، على تعبئة 1000 هكتار من الوعاء العقاري العمومي لإحداث مناطق صناعية مخصصة للكراء، كما ستقوم بإحداث صندوق عمومي لمواكبة التطوير الصناعي، والذي سيخصص له غلاف مالي قدره 20 مليار درهم، وسيشكل دعامة للمقاولات والقطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية أو تطور العرض التصديري أو توفر فرصا للشغل أكثر. وأضاف أن السياسة الإرادية للاستثمار العمومي تواصلت حيث المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام بمختلف مكوناته ما يناهز 186 مليار درهم سنة 2014 و 165 مليار درهم سنة 2013 و188 سنة 2012 مقابل ما يناهز 167 مليار درهم سنة 2011 و 163 مليار درهم برسم سنة 2010. حرص الحكومة على تطبيق الأفضلية الوطنية للمقاولات كما حرصت الحكومة على تطبيق الأفضلية الوطنية من أجل تمكين المقاولات الوطنية من الصفقات العمومية وبالتالي الاستفادة من الإمكانيات المالية الكبيرة المتاحة في إطار الاستثمار العمومي. وعلى صعيد آخر، أكد السيد ابن كيران على أن الحكومة أولت عناية خاصة لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الخاص، خاصة من خلال تعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالتوقيع في 9 مارس 2012 على مذكرة تفاهم بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل التأسيس لحوار وتشاور دائمين مع الفاعلين الاقتصاديين، وتطوير عمل اللجنة الوطنية المكلفة بتحسين مناخ الأعمال وتسريع وتيرة اشتغالها. وأبرز رئيس الحكومة أن المقاولات وخاصة الصغيرة والمتوسطة حظيت برعاية خاصة من طرف الحكومة، حيث تمت معالجة إشكاليات مزمنة ومطالب قديمة، وذلك من خلال عدة إجراءات تجلت أساسا في تقليص نسبة الضريبة على الشركات ذات الأرباح أقل من 300 ألف درهم إلى 10 في المائة وتسريع وتيرة استرجاع الضريبة على القيمة المضافة ومن جهة أخرى، تطرق السيد ابن كيران إلى الإصلاح الفعلي لنظام المقاصة الذي قامت به الحكومة بهدف ترشيد الدعم في أفق توجيهه إلى الفئة المحتاجة والمستهدفة حيث تم في مرحلة أولية اعتماد نظام المقايسة الجزئية بالنسبة لأسعار البنزين والغازوال والفيول الصناعي قبل أن يتقرر، في مرحلة ثانية، رفع الدعم الموجه للبنزين والفيول الصناعي ومراجعة الدعم الموجه للغازول. وبالنظر للوضعية المالية المتدهورة منذ سنوات للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فقد أعدت الحكومة، يقول السيد ابن كيران، خطة إنقاذ ضمن عقد برنامج بغلاف مالي يبلغ 45 مليار درهم في إطار تدخل والتزام قوي للدولة والمكتب بالإضافة إلى المشتركين ضمن مجهود جماعي متوازن يؤدي في نفس الوقت إلى استعادة العافية المالية للمكتب دون المساس بتسعيرة الشطر الاجتماعي. إصلاح المالية العمومية وأضاف أن الحكومة قامت بإصلاح شمولي للمالية العمومية، حيث شرعت في إطار مقاربة تشاركية وتدريجية، في تنزيل توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات المنظمة في 2013، والتي سطرت معالم إصلاح شامل وتدريجي للمنظومة الضريبية بهدف توسيع الوعاء الضريبي وعقلنة الإعفاءات الجبائية وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة وتوطيد آليات الشراكة والصلح ما بين المواطن والإدارة الجبائية. وعلى المستوى الاجتماعي، أكد رئيس الحكومة أن مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين وضمان استفادتهم من الخدمات والتغطية الاجتماعية والنهوض بالتشغيل شكل إحدى أولويات البرنامج الحكومي. وأوضح في هذا الصدد أن الحكومة عملت على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال مجموعة من الإجراءات همت بالأساس مواصلة دعم بعض المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة وذلك بالتكفل بغلاف مالي يناهز 130 مليار درهم برسم الفترة 2012-2014، والرفع بنسبة 10 بالمائة من الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات وفي الفلاحة على مرحلتين (5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2014 و5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2015)، وتخفيض أسعار 320 دواء سنة 2012 بمعدل تخفيض قدره 50 في المائة، وأزيد من 1.250 دواء إضافيا سنة 2014، تراوحت نسبة تخفيض عدد منها ما بين 20 و 80 في المائة. استفادة المواطنين من الخدمات والتغطية الاجتماعية وسعيا إلى ضمان استفادة المواطنين من الخدمات والتغطية الاجتماعية، أبرز السيد ابن كيران إحداث الحكومة في سنة 2012 صندوق دعم التماسك الاجتماعي بغلاف مالي يناهز 2,5 مليار درهم، و 3,5 مليار درهم في سنة 2013. ويهدف هذا الصندوق إلى تمويل العمليات الاجتماعية المتعلقة بنظام المساعدة الطبية وبرنامج تيسير واستهداف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الدعم المباشر للأرامل في وضعية هشاشة في غضون السنة الحالية. كما شرعت الحكومة، حسب السيد ابن كيران، في تعميم نظام المساعدة الطبية "راميد"، إذ بلغ عدد المؤهلين للاستفادة من نظام المساعدة الطبية حوالي7 ملايين مستفيد، أي ما يفوق 82 في المائة من الفئة المستهدفة والتي تقدر ب8,5 مليون نسمة. وأشار إلى أن الحكومة عملت على مضاعفة ميزانية اقتناء الأدوية الموجهة للمستشفيات والتي انتقلت من 675 مليون درهم سنة 2011 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2012، ثم إلى 2,4 مليار درهم سنة 2013، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل، وذلك بمضاعفة المساهمة المالية المحددة لانطلاق هذا المشروع والتي التزمت بها في إطار الحوار الاجتماعي، من 250 مليون درهم إلى 500 مليون درهم. النهوض بالتشغيل وتعزيز برامج محاربة البطالة وسعيا إلى النهوض بالتشغيل وتعزيز برامج محاربة البطالة، أكد السيد ابن كيران أن الحكومة قامت بمجهود استثنائي في التشغيل العمومي من خلال إحداث ما يزيد على 68.000 منصب شغل برسم السنوات المالية 2012 و2013 و2014. كما واصلت الحكومة، يضيف رئيس الحكومة، دعم برامج التشغيل القائمة حيث من المتوقع سنة 2014 في إطار برامج إنعاش التشغيل الثلاث، إدماج 55.000 مستفيد من برنامج "إدماج" و18.000 مستفيد من برنامج "تأهيل" ومواكبة 1.500 حامل لمشروع في إطار التشغيل الذاتي. وأشار إلى إحداث نظام ضريبي تحفيزي لدعم التشغيل الذاتي، كما تم إطلاق برنامج "تأطير" لفائدة 10.000 مجاز، بغلاف مالي ناهز 160 مليون درهم، قصد الحصول على إجازة مهنية جديدة في مهن التدريس الذي سيتيح للمستفيدين منه الفرصة للعمل في القطاع الخاص أو اجتياز مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وفي موضوع آخر، أكد السيد ابن كيران حرص الحكومة على تعزيز حضور اللغة الأمازيغية بقنوات الإعلام السمعي البصري العمومي من خلال دفاتر التحملات الجديدة، وتشجيع الإنتاج والإبداع الأمازيغيين والمبدعين الأمازيغيين، وذلك في إطار تعزيز الهوية الوطنية وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها ويندرج عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة في إطار مقتضيات الفصل 101 من الدستور والذي ينص على أن رئيس الحكومة يعرض أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين. كما تُخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حسب الفصل ذاته.