قال عبدالإله ابن كيران رئيس الحكومة إن الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة "إيجابية ومشرفة ومطمئنة"، بالنظر لدقة وصعوبة الظرفية الدولية والإقليمية والوطنية التي تقلدت فيها الحكومة مسؤولية تدبير الشأن العام، مع ما يعني ذلك من محدودية الإمكانيات وضيق هامش التصرف.وأكد السيد ابن كيران في تقديمه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة خلال جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور أن الحصيلة الحكومية مشرفة بالنظر إلى طبيعة هذه المرحلة الانتقالية المتسمة أساسا بتنزيل الدستور الجديد، مع ما يعني ذلك من عمل جاد وعميق. وأكد أن هذه الحصيلة مطمئنة و"ترسخ صدقية التزام الحكومة بتنفيذ ما تعهدت به، وتساهم في استعادة ثقة المواطنات والمواطنين في العمل السياسي واهتمامهم بالشأن العام وفي إرساء علاقة قائمة على الوضوح والصراحة مع الفاعلين الاقتصاديين بهدف تشجيع المقاولة الوطنية وتحسين مناخ الأعمال".وأشار إلى أن هذه الحصيلة مطمئنة أيضا لكونها "رسخت ثقة شركائنا ومختلف المؤسسات الدولية في استقرار المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي صلابة مقوماته وأسسه الاقتصادية والمالية وفي مصداقية مساره الإصلاحي".ونوه السيد ابن كيران بروح "المسؤولية العالية التي أبان عنها الفريق الحكومي والأغلبية البرلمانية وكذا بالتعاون والانسجام الذين طبعا عملهما". وأكد رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران مساء الثلاثاء أن تجاوز مخططات خصوم الوحدة الترابية يتطلب مضاعفة الجهود وتكثيف المبادرات وتحمل الجميع لمسؤوليته في الدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية.وشدد السيد ابن كيران في عرض للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة قدمه خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور على ضرورة العمل على تقوية الجبهة الداخلية والتقدم في تنزيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهوية المتقدمة وتطبيق النموذج الاقتصادي التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، وتكثيف التواصل والإشعاع وتقوية الحضور المغربي سواء الحكومي أو البرلماني أو المدني في مختلف المنابر والمحافل الجهوية والقارية والدولية، واستثمار التراكمات الإيجابية التي تحققت هذه السنة.وأبرز رئيس الحكومة أن هذه المرحلة من عمل الحكومة تميزت بتعزيز موقف المغرب من خلال مصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرارات نوه فيها بالجهود المغربية المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى تسوية النزاع حول الصحراء المغربية.وأشار إلى أن العديد من القوى الفاعلة على المستوى الدولي والعديد من الدول واصلت التعبير عن دعمها للمبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي، وذلك بفضل المجهودات والمساعي التي ما فتئ يبذلها جلالة الملك محمد السادس.وأوضح رئيس الحكومة أن ذلك تمثل في النجاح الكبير للزيارة الملكية للولايات المتحدةالأمريكية والنتائج المهمة التي حققتها هذه الزيارة على مستوى تعميق العلاقات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية بين البلدين وتحقيق دعم أكبر للمقترح المغربي للحكم الذاتي والتنويه بمصداقيته وجديته. وأوضح رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، أن الحكومة كثفت جهودها لتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني والنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين.فعلى المستوى الاقتصادي، أبرز السيد بن كيران في عرض للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة قدمه خلال جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور، حرص الحكومة على ضبط التوازنات الماكرو اقتصادية، والشروع في تنزيل الاصلاحات الهيكلية الكبرى ومباشرة الإصلاحات الضرورية على المستوى التشريعي والمؤسساتي والإجرائي بهدف تحسين مناخ الأعمال. وأوضح، في هذا الصدد، أن المغرب نجح في توقيف المنحدر السلبي على مستوى المالية العمومية وعلى مستوى التوازنات الخارجية، حيث استطاع في ظرف سنة واحدة أن يقلص عجز الميزانية بما يقارب نقطتين من الناتج الداخلي الخام، من 7.3 في المائة سنة 2012 إلى 5.5 في المائة سنة 2013.كما تمكن المغرب ، يضيف رئيس الحكومة، من تقليص عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات من 9.7 في المائة سنة 2012 إلى 7.6 في المائة سنة 2013.وشدد السيد ابن كيران على أن الحكومة ستواصل سعيها للتحكم أكثر في عجز الميزانية خلال السنوات المقبلة تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد، مما سيمكن من الحد من تفاقم الدين وانخراطه في خط تنازلي لينخفض مستواه نسبة إلى الناتج الداخلي الخام إلى أقل من 60 في المائة. وعلى مستوى النشاط الاقتصادي، أبرز رئيس الحكومة أن سنة 2013 تميزت بتسارع النمو الاقتصادي حيث بلغ نسبة 4,4 في المائة مقابل 2,7 في المائة خلال سنة 2012.وأشار إلى أن قطاع السياحة قد سجل مع نهاية سنة 2013 نموا بنسبة 8 في المائة في عدد السياح الوافدين مقارنة مع سنة 2010 حيث بلغت مداخيل السياحة بالعملة الصعبة ما يناهز 58 مليار درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 2 في المائة مقارنة مع سنة 2010، وذلك بالرغم من الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة والسياق الإقليمي غير المستقر.وفي إطار حرص الحكومة على تحفيز النمو ودعم الاستثمار والمقاولة، ووعيا منها بضرورة إعطاء الأولوية للصناعة، قال السيد ابن كيران إن الحكومة قامت بإطلاق المخطط الوطني لتسريع التنمية الصناعية للفترة 2014- 2020، الذي يهدف إلى إحداث نصف مليون منصب شغل في أفق سنة 2020، وزيادة حصة القطاع الصناعي في الناتج الداخلي الخام بÜ 9 نقاط، لينتقل من 14 إلى 23 في المائة في أفق 2020.ومن أجل ذلك، ستعمل الحكومة، حسب السيد ابن كيران، على تعبئة 1000 هكتار من الوعاء العقاري العمومي لإحداث مناطق صناعية مخصصة للكراء، كما ستقوم بإحداث صندوق عمومي لمواكبة التطوير الصناعي، والذي سيخصص له غلاف مالي قدره 20 مليار درهم، وسيشكل دعامة للمقاولات والقطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية أو تطور العرض التصديري أو توفر فرصا للشغل أكثر.وأضاف أن السياسة الإرادية للاستثمار العمومي تواصلت حيث المجهود الاستثماري الإجمالي في القطاع العام بمختلف مكوناته ما يناهز 186 مليار درهم سنة 2014 و 165 مليار درهم سنة 2013 و188 سنة 2012 مقابل ما يناهز 167 مليار درهم سنة 2011 و 163 مليار درهم برسم سنة 2010.كما حرصت الحكومة على تطبيق الأفضلية الوطنية من أجل تمكين المقاولات الوطنية من الصفقات العمومية وبالتالي الاستفادة من الإمكانيات المالية الكبيرة المتاحة في إطار الاستثمار العمومي.وعلى صعيد آخر، أكد السيد ابن كيران على أن الحكومة أولت عناية خاصة لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الخاص، خاصة من خلال تعزيز الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين بالتوقيع في 9 مارس 2012 على مذكرة تفاهم بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب من أجل التأسيس لحوار وتشاور دائمين مع الفاعلين الاقتصاديين، وتطوير عمل اللجنة الوطنية المكلفة بتحسين مناخ الأعمال وتسريع وتيرة اشتغالها. وأبرز رئيس الحكومة أن المقاولات وخاصة الصغيرة والمتوسطة حظيت برعاية خاصة من طرف الحكومة، حيث تمت معالجة إشكاليات مزمنة ومطالب قديمة، وذلك من خلال عدة إجراءات تجلت أساسا في تقليص نسبة الضريبة على الشركات ذات الأرباح أقل من 300 ألف درهم إلى 10 في المائة وتسريع وتيرة استرجاع الضريبة على القيمة المضافة. تطرق ابن كيران إلى الإصلاح الفعلي لنظام المقاصة الذي قامت به الحكومة بهدف ترشيد الدعم في أفق توجيهه إلى الفئة المحتاجة والمستهدفة حيث تم في مرحلة أولية اعتماد نظام المقايسة الجزئية بالنسبة لأسعار البنزين والغازوال والفيول الصناعي قبل أن يتقرر، في مرحلة ثانية، رفع الدعم الموجه للبنزين والفيول الصناعي ومراجعة الدعم الموجه للغازول.وبالنظر للوضعية المالية المتدهورة منذ سنوات للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، فقد أعدت الحكومة، يقول السيد ابن كيران، خطة إنقاذ ضمن عقد برنامج بغلاف مالي يبلغ 45 مليار درهم في إطار تدخل والتزام قوي للدولة والمكتب بالإضافة إلى المشتركين ضمن مجهود جماعي متوازن يؤدي في نفس الوقت إلى استعادة العافية المالية للمكتب دون المساس بتسعيرة الشطر الاجتماعي.وأضاف أن الحكومة قامت بإصلاح شمولي للمالية العمومية، حيث شرعت في إطار مقاربة تشاركية وتدريجية، في تنزيل توصيات المناظرة الوطنية حول الجبايات المنظمة في 2013، والتي سطرت معالم إصلاح شامل وتدريجي للمنظومة الضريبية بهدف توسيع الوعاء الضريبي وعقلنة الإعفاءات الجبائية وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة وتوطيد آليات الشراكة والصلح ما بين المواطن والإدارة الجبائية.وعلى المستوى الاجتماعي، أكد رئيس الحكومة أن مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين وضمان استفادتهم من الخدمات والتغطية الاجتماعية والنهوض بالتشغيل شكل إحدى أولويات البرنامج الحكومي.وأوضح في هذا الصدد أن الحكومة عملت على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين من خلال مجموعة من الإجراءات همت بالأساس مواصلة دعم بعض المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة وذلك بالتكفل بغلاف مالي يناهز 130 مليار درهم برسم الفترة 2012-2014، والرفع بنسبة 10 بالمائة من الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات وفي الفلاحة على مرحلتين (5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2014 و5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2015)، وتخفيض أسعار 320 دواء سنة 2012 بمعدل تخفيض قدره 50 في المائة، وأزيد من 1.250 دواء إضافيا سنة 2014، تراوحت نسبة تخفيض عدد منها ما بين 20 و 80 في المائة.وسعيا إلى ضمان استفادة المواطنين من الخدمات والتغطية الاجتماعية، أبرز السيد ابن كيران إحداث الحكومة في سنة 2012 صندوق دعم التماسك الاجتماعي بغلاف مالي يناهز 2,5 مليار درهم، و 3,5 مليار درهم في سنة 2013. ويهدف هذا الصندوق إلى تمويل العمليات الاجتماعية المتعلقة بنظام المساعدة الطبية وبرنامج تيسير واستهداف الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتقديم الدعم المباشر للأرامل في وضعية هشاشة في غضون السنة الحالية.كما شرعت الحكومة، حسب السيد ابن كيران، في تعميم نظام المساعدة الطبية "راميد"، إذ بلغ عدد المؤهلين للاستفادة من نظام المساعدة الطبية حوالي7 ملايين مستفيد، أي ما يفوق 82 في المائة من الفئة المستهدفة والتي تقدر ب8,5 مليون نسمة.وأشار إلى أن الحكومة عملت على مضاعفة ميزانية اقتناء الأدوية الموجهة للمستشفيات والتي انتقلت من 675 مليون درهم سنة 2011 إلى 1,6 مليار درهم سنة 2012، ثم إلى 2,4 مليار درهم سنة 2013، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان الشغل، وذلك بمضاعفة المساهمة المالية المحددة لانطلاق هذا المشروع والتي التزمت بها في إطار الحوار الاجتماعي، من 250 مليون درهم إلى 500 مليون درهم.وسعيا إلى النهوض بالتشغيل وتعزيز برامج محاربة البطالة، أكد السيد ابن كيران أن الحكومة قامت بمجهود استثنائي في التشغيل العمومي من خلال إحداث ما يزيد على 68.000 منصب شغل برسم السنوات المالية 2012 و2013 و2014.كما واصلت الحكومة، يضيف رئيس الحكومة، دعم برامج التشغيل القائمة حيث من المتوقع سنة 2014 في إطار برامج إنعاش التشغيل الثلاث، إدماج 55.000 مستفيد من برنامج "إدماج" و18.000 مستفيد من برنامج "تأهيل" ومواكبة 1.500 حامل لمشروع في إطار التشغيل الذاتي. وأشار إلى إحداث نظام ضريبي تحفيزي لدعم التشغيل الذاتي، كما تم إطلاق برنامج "تأطير" لفائدة 10.000 مجاز، بغلاف مالي ناهز 160 مليون درهم، قصد الحصول على إجازة مهنية جديدة في مهن التدريس الذي سيتيح للمستفيدين منه الفرصة للعمل في القطاع الخاص أو اجتياز مباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.وفي موضوع آخر، أكد السيد ابن كيران حرص الحكومة على تعزيز حضور اللغة الأمازيغية بقنوات الإعلام السمعي البصري العمومي من خلال دفاتر التحملات الجديدة، وتشجيع الإنتاج والإبداع الأمازيغيين والمبدعين الأمازيغيين، وذلك في إطار تعزيز الهوية الوطنية وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها.ويندرج عرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة في إطار مقتضيات الفصل 101 من الدستور والذي ينص على أن رئيس الحكومة يعرض أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين. كما تخصص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها حسب الفصل ذاته. قال عبد الإله ابن كيران إن المغرب دخل مرحلة تتسم بصيانة قدرة المملكة كنموذج حضاري متميز بمقدوره أن يؤثر ايجابيا في محيطه. وأبرز السيد ابن كيران في عرضه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة خلال جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين طبقا للفصل 101 من الدستور، أن أهم إنجازات التجربة الحكومية يتمثل في المساهمة في إخراج المغرب من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة إلى مرحلة جديدة جرى فيها تدعيم الثقة واستعادتها في المؤسسات وزيادة اهتمام المواطن بتدبير الشأن العام.وأشار السيد ابن كيران إلى أن هذا النموذج الذي يقدمه المغرب كان على محك الاختبار، بالنظر للعديد من الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مبرزا أن المحصلة اليوم هي بروز "هذا النموذج الأكثر تميزا وإشعاعا بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله الذي اضطلع بدور مفصلي في صيانة هذا النموذج وقيادة مسلسل الإصلاحات وحماية الوحدة والاستقرار".وشدد على أن هذا النموذج يتميز بالثقة المتجددة في المؤسسات المنتخبة وفي التجربة الحكومية المستندة على شرعية ديمقراطية وتعددية سياسية، وعلى رصيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية والثقافية والاجتماعية التي عرفتها المملكة على مدار العقود الأخيرة، مما انعكس إيجابا على جاذبية المملكة وفتح آفاق الارتقاء الاجتماعي، وفق معادلة تجعل الإدارة في خدمة الوطن والمواطن. وأكد أن عناصر النجاح والقوة "التي مكنت المغرب من تجاوز تحديات الربيع الديموقراطي، وازدادت قوة برصيد التجربة الحكومية، ساهمت كذلك في تجاوز ما سمي بالخريف العربي، والهزات التي عرفتها بعض البلدان، مما كان له بالغ الأثر الإيجابي على مصداقية مسلسل الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى الرفع من جاذبية وإشعاع النموذج المغربي".وقد تأتى ذلك - يضيف السيد ابن كيران - بفعل أمرين، الأول تمثل في سلسلة من القرارات والتدابير والإجراءات الصعبة والمسؤولة، سواء تعلق الأمر باستعادة مصداقية الحياة السياسية أو بتقوية تنافسية وفعالية النشاط الاقتصادي أو بتصحيح الاختلالات الاجتماعية.وأضاف أن الأمر الثاني و"الذي لا يقل أهمية عن الأول إن لم يكن يفوقه يتمثل في النجاح التدريجي في إرساء ثقافة سياسية جديدة رافضة التحكم والإقصاء وتقوم على التعاون بين المؤسسات عوض التنازع بينها، والعمل على تحمل المسؤولية في اتخاذ القرارات اللازمة عوض الارتهان أو الاستكانة إلى الانتظارية وللحسابات الضيقة والانتخابية، وكذا الوفاء بالالتزامات والعقود بديلا عن التسويف والإرجاء، واعتماد الحوار والمقاربات التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات".وقال إن هذا الأمر يعتبر بمثابة سمات جديدة في منهجية تدبير الشأن العام وفي العلاقة مع مختلف الفاعلين في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومع الشركاء الوطنيين والدوليين.وذكر بأن أي تقييم موضوعي للحصيلة المرحلية للعمل الحكومي يقتضي استحضار السياق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي جاءت في إطاره هذه الحكومة سواء على المستوى الدولي والإقليمي والوطني، و"ما رافقها خلال هذه المرحلة من عملها، وما بذلته من جهود ومكابدة استثنائية من أجل الحد من الآثار السلبية لهذا السياق المتقلب والصعب وإرساء دينامية جديدة من التعاون والتضامن بين مكونات الأغلبية الحكومية للتقدم في تطبيق مقتضيات الدستور ولتنزيل استحقاقات البرنامج الحكومي واسترجاع الطمأنينة وتعزيز الآمال في تسريع مسار الإصلاح وترسيخ الاستقرار السياسي و توطيد السلم الاجتماعي". وأكد رئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، حرص الحكومة "على ترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي".وقال السيد ابن كيران، خلال تقديمه أمام مجلسي البرلمان للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إن الحكومة حريصة "على ترسيخ المقاربة التشاركية في إعداد القانون التنظيمي للجهة والقوانين المتعلقة باللوائح الانتخابية والتقطيع الترابي وترسيخ خيار الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة التي هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي".واعتبر أن من شأن هذا التوجه أن "يضمن انبثاق مجالس ديمقراطية وفعالة وذات مصداقية ويقطع نهائيا مع كل ما من شأنه التشكيك في شفافية ونزاهة الانتخابات".وذكر، في هذا الإطار، بعمل الحكومة على بلورة تصور متكامل لتنزيل مشروع الجهوية وتدعيم مسلسل اللامركزية "انطلق من الإعلان المبكر عن البرنامج الزمني للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بما يمكن الفاعلين السياسيين من الاستعداد اللازم لهذا الاستحقاق الهام".من ناحية أخرى، قال رئيس الحكومة إن الحكومة عملت على تسريع وتيرة الإنتاج التشريعي، مشيرا إلى أنه من أصل 16 قانونا تنظيميا مقررة في إطار المخطط التشريعي، تمت المصادقة على ستة مشاريع قوانين تنظيمية و إعداد أربعة مشاريع أخرى في طور المصادقة .كما قامت الحكومة، حسب المتحدث نفسه، باعتماد قانونين إطار و204 مشاريع قوانين عادية منها ثمانية قوانين تقضي بتنفيذ أحكام الدستور و99 مشروع قانون تهم مختلف السياسات القطاعية، إضافة إلى 97 تقضي بالموافقة على اتفاقيات دولية وثنائية.وفي ما يتعلق بإصلاح منظومة العدالة، ذكر بعمل الحكومة على إنجاز ميثاق لإصلاح منظومة العدالة يروم توطيد استقلال السلطة القضائية، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات.وذكر بأن هذا الميثاق أنجز بعد استكمال مسلسل تشاوري واسع أشرفت عليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة وتوج بإعلان الموافقة الملكية السامية على مضامينه في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك يوم 30 يوليوز 2013 بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لعيد العرش المجيد.وبخصوص تعزيز منظومة حقوق الإنسان، أبرز أن الحكومة عملت على استكمال إجراءات المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وعرض مشاريع القوانين الخاصة بالموافقة على البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والخاصة بتقديم الشكايات، والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والخاص بزيارة أماكن الاعتقال. كما أبرز تفاعل المغرب مع مختلف الآليات الدولية المعنية باحترام حقوق الإنسان ومحاربة كل أشكال التمييز، مشيرا إلى زيارة هذه الآليات لمناطق عدة في المغرب، ووقوفها على الإنجازات التي تحققت في المجالات المندرجة في نطاق عملها خصوصا وفي مجال حقوق الإنسان عموما.وفيما يتصل بالمجهودات المبذولة للنهوض بحرية الصحافة، توقف رئيس الحكومة عند إعداد مشروع مدونة حديثة للصحافة والنشر، خالية من العقوبات السالبة للحرية، ومشروع إحداث مجلس وطني مستقل للصحافة، وتحقيق الاعتراف القانوني لقطاع الصحافة الإلكترونية.من جانب آخر، أبرز السيد ابن كيران الخطوات التي اتخذتها الحكومة بغرض إعادة الاعتبار للمرفق العمومي وضمان استمرار الخدمة العمومية وإرساء تكافؤ الفرص والشفافية في التعيينات في المناصب العليا.وذكر، في هذا الإطار، بإصدار القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الدستور، مشيرا إلى أن عدد التعيينات في المناصب السامية بلغ إلى غاية شهر يونيو الماضي، 404 مناصب سامية، بعد التداول بشأنها في المجلس الحكومي، حوالي 13 في المائة خصصت للنساء.كما ذكر بإرساء مبدإ التوظيف عبر المباراة وإنهاء التوظيف المباشر في الولوج للوظيفة العمومية "حيث تم إلى متم شهر يونيو الماضي، تنظيم 1.925 مباراة بالإدارات العمومية والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، همت أزيد من 54 ألف منصب".وأشار، ارتباطا بنفس الموضوع، إلى ضمان استمرارية الخدمات العمومية مع احترام الحق الدستوري في ممارسة الإضراب من خلال تكريس مبدأ الأجر مقابل العمل، والحد من الجمع بين العمل في المدرسة العمومية والقطاع الخاص وبين العمل في القطاع العام والقطاع الخاص في قطاع الصحة، مع إخضاع الاستثناءات في هذا الإطار إلى شروط صارمة.وتوقف، من ناحية أخرى، عند السياسة العمومية المندمجة للاهتمام بقضايا المرأة، موضحا أنه تم اعتماد خطة لتنسيق جهود القطاعات الحكومية للنهوض بحقوق المرأة في عدة مجالات.وأوضح أن هذه المجالات تهم أساسا تعميم ولوج الفتيات إلى جميع مستويات النظام التربوي ومحاربة الأمية لدى النساء، و تحسين الولوج المنصف والمتساوي للخدمات الصحية، والتمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء، والولوج المتساوي لمناصب اتخاذ القرار الإداري والسياسي والاقتصادي. وفيما يتصل بالنهوض بأدوار المجتمع المدني، قال إن الحكومة سهرت على تنظيم الحوار الوطني الأول حول "المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة"، الذي تمخض عن مخرجات وتوصيات نوعية، تفاعل معها جلالة الملك محمد السادس الذي تفضل بإقرار 13 مارس من كل سنة يوما وطنيا للمجتمع المدني.وذكر بما أسفر عنه هذا الحوار من مقترحات تهم مشروع قانون تنظيمي حول الملتمسات التشريعية، ومشروع قانون تنظيمي حول العرائض، ومشروع قانون حول التشاور، ومشروع مدونة شاملة حول الحياة الجمعوية وميثاقا وطنيا للديمقراطية التشاركية.وتشتمل الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة التي استعرضها السيد ابن كيران على ما تحقق من منجزات في ما يتصل بأوراش مختلفة منها منظومة العدالة والمالية العمومية والنظام المالي والمقاصة والتقاعد والجهوية والخدمات الصحية والتعليمية والسكن، والإصلاحات المتعلقة بالعدالة والإعلام والمجتمع المدني والمرأة وحقوق الإنسان. وأكد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران أن سنة 2014 تمثل محطة مفصلية في عمل الحكومة على مختلف المستويات مما توجب معه ضبط أولويات العمل الحكومي للمرحلة القادمة، وتعبئة الإمكانات المتاحة لضمان حسن تنفيذها. وشدد السيد ابن كيران خلال تقديمه أمام مجلسي البرلمان للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة أن الحكومة تعتزم التركيز على أوراش وإصلاحات ذات أولوية من خلال أربعة محاور أساسية.ويتمثل المحور الأول في الأوراش السياسية الهادفة إلى صيانة السيادة والوحدة الوطنية والترابية وإلى تعزيز البناء الديمقراطي ومواصلة تنزيل مقتضيات الدستور وترسيخ القانون والحريات والحكامة الجيدة.وفي هذا الإطار، أكد السيد ابن كيران أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والترابية سيظل من أهم أولويات عمل الحكومة، بالإضافة إلى الرفع من وتيرة تنزيل مقتضيات الدستور. كما ستواصل الحكومة، يضيف السيد ابن كيران، تنزيل ميثاق إصلاح منظومة العدالة ودعم وترسيخ الحقوق والحريات وتوفير آليات السعي نحو تحقيق المناصفة ومشاركة المجتمع المدني في الشأن العام، والسعي لترسيخ الحكامة الجيدة من خلال إرساء قواعد الشفافية وسيادة القانون والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإرساء الجهوية المتقدمة وتعزيز اللامركزية واللاتمركز، والعناية بالمغاربة المقيمين بالخارج، وتفعيل التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بسياسة الهجرة.ويتعلق المحور الثاني بالأوراش الاقتصادية الرامية إلى النهوض بالاقتصاد الوطني وتعزيز الثقة وخلق ظروف الإقلاع الاقتصادي، حيث شدد السيد ابن كيران على أن الحكومة ستواصل جهودها في تقوية الاقتصاد الوطني لتعزيز دور المغرب كقطب جهوي للاستثمار والإنتاج والمبادلات، باستثمار شبكة اتفاقيات التبادل الحر التي يتوفر عليها والعلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والمالية التي تربط المملكة بمحيطها العربي وبالدول الإفريقية وخاصة إبراز البعد الإفريقي للمغرب واستثمار العلاقات التاريخية المتجذرة والمتجددة مع إفريقيا جنوب الصحراء ودول غرب إفريقيا لتطوير شراكات تنموية فاعلة.أما بخصوص المحور الثالث والمتعلق بالأوراش الاجتماعية والثقافية الهادفة إلى دعم التماسك الاجتماعي وتحقيق تنمية اجتماعية متوازنة وتدعيم التنوع الثقافي، فقد أكد السيد ابن كيران عزم الحكومة بلورة سياسة اجتماعية متكاملة ومندمجة ومتناسقة وفاعلة، وفق مقاربة تشاورية واسعة، من خلال حوار وطني حول واقع وآفاق السياسات الاجتماعية بما يمكن من استفادة أوسع للفئات الاجتماعية من ثمار التنمية ويساهم في القضاء على الفقر والهشاشة والتهميش. وبالإضافة إلى الأوراش الكبرى الواردة في المحاور السابقة، شدد السيد ابن كيران على التزام الحكومة بمواصلة تنزيل الأوراش الإصلاحية المتعلقة برفع الوتيرة في تنزيل مقتضيات الدستور، وإصلاح النظام الجبائي، وتنزيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة إصلاح نظام المقاصة في إطار مقاربة تدريجية توازي بين تحقيق التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية والحفاظ على التوازنات الاجتماعية واستهداف الفئات الهشة، وإصلاح منظومة التقاعد بما يحفظ توازنها المالي واستدامتها وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة التقاعد وتحسين حكامة تدبيرها.