59 سنة) بلغ في المتوسط 4ر2 بالمائة. وأوضح السيد لحليمي، خلال لقاء مع الصحافة، أنه بالنظر إلى الضغط على سوق العمل، فتتميز الساكنة في سن النشاط (15-59 سنة) بمعدل نمو سنوي بلغ في المتوسط 4ر2 بالمائة (مقابل 6ر1 بالمائة بالنسبة لمجموع السكان)، حيث تضاعف عددها من 5ر10 مليون في 1982 إلى 4ر20 مليون في 2010، نتيجة الوصول الكثيف للأجيال المنحدرة من الفترات السابقة المتميزة بخصوبة مرتفعة. كما تتميز هذه الفئة، حسب المندوب السامي، بزيادة سنوية بلغت في المتوسط 354 ألف شخص، دون احتساب المهاجرين الذين وصل عددهم في 2010 إلى 88 ألف شخص بالنسبة لهذه الفئة العمرية. وعلى العموم، يؤكد السيد لحليمي فإن الأمر يتعلق بساكنة ذات أغلبية حضرية (60 بالمائة)، وشابة (2ر45 بالمائة بالفئة العمرية 15-29 سنة) مع أغلبية طفيفة للنساء (51 بالمائة). وأضاف أن الدراسات المستقبلية التي قامت بها المندوبية أظهرت أن الساكنة في سن النشاط تشكل مكونا قارا لإشكالية التشغيل بالمغرب، حيث يتضح أنه وإلى غاية 2030، ستعرف الساكنة دون 15 سنة انخفاضا متواصلا (من 5ر27 بالمائة في 2010 إلى 9ر20 بالمائة في 2030)، مع حفاظ هذه الساكنة على حجم يناهز 8 مليون شخص (8ر8 مليون في 2010 و9ر7 في 2030). وبخصوص الساكنة التي ستبلغ أعمارها 60 سنة فما فوق، فسترتفع نسبتها من 3ر8 بالمائة إلى 4ر15 بالمائة خلال هذه الفترة، حيث ستنتقل من 6ر2 إلى 8ر5 مليون شخص. كما سترتفع الساكنة في سن النشاط (15-59 سنة) ب`190 ألف شخص سنويا إلى غاية 2030، منتقلة من 4ر20 مليون في 2010 إلى 7ر21 مليون في 2015 ثم إلى 7ر22 مليون في 2020 لتصل إلى 2ر24 مليون في أفق 2030. وهكذا، يبرز السيد الحليمي أن وزنها سيبلغ أقصاه بما قدره 65 بالمائة في سنة 2018، ليعرف بعد ذلك تراجعا طفيفا إلى 64 بالمائة سنة 2030. وفي هذا السياق، واعتمادا على فرضية استقرار معدل النشاط في مستواه لسنة 2010، فسيصل عدد الساكنة النشيطة (15 سنة فما فوق) إلى 9ر14 مليون في 2030، مسجلا بذلك زيادة سنوية قدرها 173 ألف شخص في المتوسط بين 2010 و2030. أما في حالة اعتماد فرضية عودة معدل النشاط إلى مستواه لسنة 1999 (ليصل إلى 5ر54 بالمائة في 2020)، فستصل هذه الزيادة إلى 248 ألف نشيط سنويا. لذلك، يشدد المندوب السامي للتخطيط على ضرورة قياس أثر هذه التطورات على مستوى النمو الاقتصادي من أجل مواجهته. فبالمقارنة مع متوسط 156 منصب شغل سنويا التي وفرها الاقتصاد المغربي على مدى العقد الماضي، ومن أجل الحفاظ على حجم البطالة في مستواها الحالي، يجب على المغرب الرفع من فرص العمل ب`17 ألف منصب شغل سنويا في حالة الفرضية الأولى، و92 ألف في حالة الفرضية الثانية. ففي الحالة الأولى، واعتبارا لكون معدل النشاط يظل ثابتا، فإن الحفاظ على معدل النمو الاقتصادي الحالي (8ر4 بالمائة في السنة) يمكن أن يلبي طلب الشغل الإضافي إلى غاية 2030، حيث سيبلغ معدل البطالة 1ر7 بالمائة. أما في الحالة الثانية، فمن أجل تلبية طلب الشغل الإضافي، يجب بلوغ معدل نمو اقتصادي يناهز 5ر6 بالمائة حيث سيصل معدل البطالة إلى 7ر6 بالمائة. وفي سياق متصل أبرز السيد لحليمي أن الانتقال الديموغرافي في المغرب يتميز بانخفاض الوفيات، حيث ارتفع أمل الحياة عند الولادة من 47 سنة في 1962 إلى 8ر74 سنة في 2010، وكذا بانخفاض متواصل للخصوبة التي انتقل معدلها خلال نفس الفترة، من 2ر7 إلى 19ر2 طفل لكل إمرأة. وأوضح أن بنية الأعمار شهدت في هذا السياق تحولا عميقا، حيث انتقلت نسبة السكان دون سن 15 سنة من 2ر42 بالمائة في 1982 إلى 5ر27 بالمائة في 2010، مع استقرار حجم هاته الفئة من السكان في حوالي 8 ملايين (6ر8 مليون في 1982 و8ر8 في 2010). ومن جهة أخرى، ذكر السيد لحليمي أنه خلال العقد الحالي، تضاعف الاستثمار أكثر من مرتين، حيث ارتفعت نسبة معدله من الناتج المحلي الإجمالي من 8ر24 بالمائة سنة 1999 إلى 1ر34 بالمائة سنة 2010. وأضاف أن معدل النمو الاقتصادي ارتفع إلى 8ر4 بالمائة عوض 2ر2 بالمائة خلال عقد التسعينات، وتراجع معدل البطالة الوطني، الذي اعتبر منذ أمد بعيد عسير الانخفاض، بما يقارب 5 نقط مائوية. ولفت إلى أن التشغيل الذي يتكون في مجمله من العمالة الغير المؤهلة يبقى حكرا على فئة غير حاملي الشهادات التي تشغل منصبين من ثلات (6ر66 بالمائة مقابل 3ر73 بالمائة خلال الفترة 1999-2009)، حيث تعكس هيمنة العمالة الضعيفة التأهيل بنية الاقتصاد الوطني ومستوى إنتاجية قطاعاته. وتابع أن التحسن في النمو لم يصاحبه تغييرا ملموسا للبنيات الاقتصادية لصالح الأنشطة ذات التكنولوجيا العالية، وتبقى قطاعات الفلاحة والبناء والأشغال العمومية وقطاع الخدمات المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي، إذ تساهم بنسبة 80 بالمائة من القيمة المضافة الإجمالية. وقد بلغ نموها خلال العقد 2000، يشير المندوب السامي، 8ر5 بالمائة و7ر2 بالمائة و5 بالمائة على التوالي، في حين لم يتعد نمو قطاع الصناعة 3 بالمائة. على صعيد آخر، أشار السيد الحليمي إلى أن النموذج المغربي للنمو برز خلال العقد الأخير، الذي تميز بالانتقال الديموغرافي والاقتصادي المزدوج، حيث تعززت دينامية الطلب الداخلي للنمو الاقتصادي عبر الاستثمار والاستهلاك النهائي خاصة، والذي ساهم ب`67 بالمائة من نمو الناتج الداخلي الإجمالي. غير أن الاستهلاك النهائي، يضيف السيد الحليمي، يمثل نسبة ضعيفة، على مستوى مضاعف التشغيل الذي لا يتجاوز 1ر1، حيث أنه لا يوفر سوى فرصة شغل واحدة غير مباشرة مقابل خلق عشرة فرص عمل مباشرة. وأشار إلى أن الاستثمار بدوره يساهم ب` 46 بالمائة من نمو الناتج الداخلي الإجمالي، بينما يتوفر على إمكانيات مهمة لخلق فرص شغل غير مباشرة مقارنة مع الاستهلاك النهائي (5 فرص شغل غير مباشرة مقابل 10 مباشرة). وسجل أن هذه الإمكانيات تبقى دون مستوى البلدان الأخرى، ويعزى ذلك إلى التوجهات القطاعية التي ميزت اختيارات الاستثمارات، حيث أفادت هذه الأخيرة خصوصا البنيات التحتية الاقتصادية (الطرق والموانئ والسدود والمطارات والمناطق الصناعية وتهيئة المواقع...) والاجتماعية (السكن والماء والكهرباء التطهير والبنية التحتية المدرسية والصحية...). ولفت في هذا الصدد إلى أن تأثيرات الاستثمارات المخصصة للبنيات التحتية ليس لها عموما مردود فوري وأنها تستمد قيمتها من الحوافز التي تمنحها للاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، إذ يستقر مؤشر "إيكور" الذي يقيس حجم الاستثمارات الضرورية لتحقيق وحدة إضافية من الناتج الداخلي الإجمالي في المغرب، بين 5 و6 نقط. وأشار إلى أن هذا النموذج المعتمد على الطلب الداخلي النهائي، بالإضافة إلى ضعف مضاعفه للتشغيل، فإن له تأثيرات سلبية أخرى، عبر ارتباطه بالميزان التجاري. وسجل أنه من واقع أن جزءا كبيرا من هذا الطلب يؤمن عبر الإستيراد، فإن الاقتصاد المغربي يفقد عدة فرص شغل غير مباشرة لصالح دول أخرى. وأوضح المندوب السامي أن ضعف النسيج الإنتاجي الوطني لم يمكن من تشجيع الصادارات كفاية لمواجهة زيادة الواردات من ناحية ومن الاستفادة من مضاعف تشغيلها المرتفع من ناحية أخرى (3 فرص شغل غير مباشرة مقابل 10 فرص مباشرة)، وبالتالي سجل صافي الصادرات مساهمة سالبة في النمو وصلت إلى 13 بالمائة خلال العقد الماضي (2000). وتساءل في هذا الصدد حول درجة استدامة نموذج النمو هذا سواء من حيث التمويل المحلي والخارجي أو من حيث التماسك الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذه المسألة لها ما يبررها خصوصا وأن الفجوة بين المدخرات والاستثمارات المحلية تتسع باستمرار، وقد تصبح أكثر عمقا في حال مواصلة سلوك الاستهلاك والادخار اتجاهه المسجل في السنوات الأخيرة، وذلك في إطار تغلب عليه ظاهرتي الأزمة المالية الدولية وعدم الوفاء الفعلي أو المحتمل للكثير من البلدان المتقدمة لإلتزاماتها المالية. وعلاوة على ذلك، يشير السيد لحليمي يمكن أن تتفاقم هشاشة الاستدامة الاجتماعية للنموذج تحت الضغط المتزايد على سوق العمل لفئة من السكان في سن العمل ومتعلمة وتطالب بشكل متزايد لنمط استهلاك ولقيم مجتمعية حيث يحتل العمل اللائق الصدارة في تطلعاتهم. وأضاف أن هذا النمط من النمو لعشرية 2000 يبدو قد تمت برمجته بطريقة منظمة لينفتح في العقد الثاني على نموذج جديد يتسم بقدرة نادرة على المضي قدما من خلال الخطابات والتوجيهات والمبادرات التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال العامين الماضيين. واعتبر السيد لحليمي، في هذا الصدد، أن المؤشرات تبرز أن المغرب ينخرط في دينامكية جديدة لتعزيز القدرة التنافسية العامة لاقتصاده ولنوعية أكثر تقدما لاندماجه في سلاسل القيم الدولية وفي سياق مرحلة جديدة من العولمة. وأضاف أن المشاريع المنفذة في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعات التي يتمتع فيها المغرب بمزايا نسبية مثل صناعة السيارات وصناعة الطائرات والصناعات المعدنية والصناعات الكيميائية والصناعات الزراعية، تعلن عن تغير جديد في نموذج النمو. وأشار إلى أنه ومن خلال نظرة استباقية، فإن الإصلاحات ذات الطابع المؤسساتي والتي تعزز المشاركة في الديمقراطية على المستوى المحلي والجهوي، قد بدأ العمل بها باتساق تام من أجل إعطاء بعد اجتماعي في القدرة التنافسية الشاملة للاقتصاد. وتابع أن المكاسب من حيث البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية من شأنها أن تشجع أصحاب الادخار الدخول في الاستثمار الإنتاجي بدلا من تراكم الثروات مما سيؤدي إلى تطوير أفضل لإمكانات النمو في المغرب ولخلق وظائف لائقة ولتوزيع أفضل للدخل لصالح المواطنين. وينبغي أيضا لهذا الفصل الجديد من التاريخ الوطني، حسب المندوب السامي، أن ينفتح على التثمين المناسب للموارد البشرية من أجل استيعاب العجز المسجل لاسيما في نظام التعليم والتكوين للتخفيض من التفاوتات المتعلقة للوصول إلى المعرفة منذ المستويات الأولى للتعلم. وأضاف أن على هذا الفصل الجديد أن يقرأ من زاوية تخطي المنهجيات القطاعية البحتة لإدماجها في مقاربة التخطيط الاستراتيجي تمكن من تحديد الأولويات وصياغة الأهداف، وسلك الاختيارات الأنسب بين الاستهلاك والاستثمار، وبين ضرورة المساواة في المراتب والمساواة في الفرص من أجل تنمية مستدامة للتماسك الاجتماعي والترابي.