انتهت الحرب البشعة الضروس التى شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي استمرت على مدار 51 يوم وتم الإعلان عن وقف إطلاق النار بتاريخ 26-8-2014 بعد مفاوضات متعثرة غير مباشرة مع إسرائيل وبرعاية كريمة من جمهورية مصر العربية استمرت لأكثر من ثلاث أسابيع , وتمركزت وتمحورت تلك المفاوضات على العديد من المحاور و من أهمها إنهاء حصار قطاع غزة الظالم المستمر منذ ثمان سنوات وفتح كافة المعابر التجارية و البدء بعملية إعادة إعمار قطاع غزة , وخلال فترة المفاوضات صدرت العديد من التصريحات و التنويهات الخاصة بالمعابر . وفي بداية الحرب وبتاريخ 11/7/2014 كتبت بأن أي تهدئة قادمة مع الاحتلال الإسرائيلي يجب أن تشرط على إنهاء حصار قطاع غزة الفورى وفتح كافة المعابر التجارية لكافة الواردات و الصادرات دون قيود أو شروط من الاحتلال الإسرائيلي , وأن تكفل لمواطني قطاع غزة حرية الحركة والسفر للخروج من السجن المغلق على مدار ثمان سنوات من الحصار و الدمار, وتضمن التواصل الجغرافي بين قطاع غزة و الضفة الغربية , و يجب أن يكفل ويضمن و يتعهد المجتمع الدولي بالتطبيق الفورى لذلك من قبل إسرائيل , وبتاريخ 15/8/2014 صدر خبر من الكابينيت الإسرائيلي و تم نشرة في العديد من وسائل الإعلام و نص على " بعد 6 ساعات من اجتماع الكابينيت قررنا فتح المعابر لإعادة إعمار غزة " و دفعني هذا الخبر في حينه إلى كتابة مقالة تم نشرها بتاريخ 18/8/2014 بعنوان " حذاري من الكلام العائم و المنمق الصادر من إسرائيل بخصوص المعابر" . واستمرارا لحملات التضليل الإعلامي الإسرائيلي حول المعابر صرح وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون بتاريخ 17/9/2014 وقال إن إسرائيل تعمل على تثبيت استقرار الأوضاع وتوسيع منطقة الصيد حتى ستة أميال بحرية وزيادة عدد الشاحنات التي تدخل القطاع يوما عبر كرم أبو سالم من 250 شاحنة إلى 380 شاحنة. لكن للأسف الشديد وبعد مرور أكثر من شهر على إعلان وقف إطلاق النار لم يتغير أي شيء على أرض الواقع , فكافة معابر قطاع غزة التجارية مغلقة باستثناء معبر كرم أبو سالم وهو الوحيد الذي يعمل حتى اللحظة وفق الآلية السابقة لما قبل الحرب على قطاع غزة , فلم يتغير أي شيء على آلية عمل المعبر من حيث ساعات العمل , عدد الشاحنات الواردة , نوع وكمية البضائع الواردة , ومازالت إسرائيل تمنع دخول العديد من السلع و البضائع و المواد الخام و المعدات و الآليات و الماكينات و على رأسها مواد البناء ( الاسمنت – الحصمة – الحديد – البوسكورس). ومن خلال رصد حركة الشاحنات الواردة عبر معبر كرم أبو سالم خلال الفترة من 27/8/2014 حتى 26/9/2014 , بلغ عدد الشحنات الواردة خلال الشهر الأول لوقف إطلاق النار 5031 شاحنة منها 3764 شاحنة للقطاع الخاص , 1267 شاحنة مساعدات إغاثية للمؤسسات الدولية العاملة بقطاع غزة وهي تشكل 25% من إجمالى الواردات , و بلغ متوسط عدد الشاحنات اليومية الواردة إلى قطاع غزة ( 163 ) شاحنة خلال تلك الفترة , كما تم توريد كميات قليلة من الاسمنت لم تتجاوز 2196 طن للمؤسسات الدولية خلال فترة شهر من وقف إطلاق النار وهي ما تمثل 25% من احتياجات قطاع غزة اليومية لمادة الاسمنت. وبمقارنة عدد الشاحنات الواردة خلال الشهر الأول من وقف إطلاق النار مع الفترة المناظرة من العام الماضي 2013 نجد انخفاض إجمالى الواردات بنسبة 3% حيث بلغ عدد الشاحنات الواردة في تلك الفترة 5169 شاحنة. وهنا يجب التنويه بأن الادعاءات و التصريحات الإعلامية الإسرائيلية المستمرة بوجود تسهيلات على المعابر لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع فالمعبر الوحيد الذي يعمل هو معبر كرم أبوسالم و كل ما يدخل إلى قطاع غزة هو عبارة عن سلع تموينية و استهلاكية و إغاثية. حتى على صعيد المساحة الصيد المسموح بها للصيادين لم تلتزم إسرائيل ببنود إتفاق وقف إطلاق النار و الذي يقضي بالسماح لصيادي غزة بالإبحار لمسافة 12 ميلاً تبدأ تدريجياً من 6 أميال حيث وافقت على إسرائيل على السماح للصيادين بالصيد حتى مسافة 6 ميل بحري على أن تزيد المسافة تدريجيا , إلا أنها وبعد أيام قليلة من وقف إطلاق النار وبتاريخ 8/9/2014 تم تقليص المسافة إلى خمسة أميال بحرية , هذا بالإضافة إلى اعتداءاتها المتكررة على الصيادين و اعتقال عدد منهم وحجز عدد من قواربهم.