مما يلاحظ في الشارع، وفي بعض الأوراق الصادرة عن دوائررسمية، كتابة اللغة العربية واللغة الأمازيغية واللغة الفرنسية مترابطة متداخلة متلازمة متقاربة في القيمة متساوية في الاعتبار، وكأن هذه اللغات الثلاث متلازمة ومترابطة بحكم القانون. والحالة أن اللغة الفرنسية هنا دخيلة، ومقحمة، ومفروضة ضدًا على إرادة الشعب المغربي، وفي انتهاك صريح للدستورأبي القوانين. إن هذا الربط المشبوه بين اللغتين الوطنيتين الرسميتين، وبين هذه اللغة الأجنبية في بعض الإعلانات التي تعلق في الشوارع والميادين، وفي بعض الأوراق التي تصدرعن الإدارات الحكومية، هوتحدٍّ للشعب المغربي، وللدستورالمغربي، يستفزويثير الغضب والخنق، والسخط، ويبعث على الاشمئزاز، ويخلق حالة من البلبلة في نفوس المغاربة أجمعين. لايوجد في فرنسا، على سبيل المثال، إعلان في الشارع، أوفي جريدة، أوورقة رسمية أوغيررسمية، مكتوبة بالفرنسية مع لغة أوربية أخرى. هذا غيرممكن تمامًا، وإذا حصل مثل ذلك لسبب من الأسباب وفي حالة من الحالات، تقوم الدنيا ولاتقعد، وتحتج الأكاديمية الفرنسية حامية اللغة الرسمية للدولة الفرنسية، وتضج الصحافة مستنكرة، ويرفع الأمرإلى الجمعية الوطنية (البرلمان) للمناقشة ولاتخاذ القرارالوطني المناسب، باعتبارأن المسألة عدوانٌ على الكرامة الفرنسية، وانتهاك للسيادة الفرنسية. يقع هذا عندهم هناك، ولايقع عندنا هنا، لأنهم في فرنسا، كما في أي دولة أخرى من دول العالم، يغارون على لغتهم، ولايقبلون أن تكون لها ضرة تشاركها في السيادة. وهذه حالة طبيعية، أما الحالة الشاذة غيرالطبيعية، فهي أن يترك الحبل على الغارب، وأن تمكّن لغة أجنبية من أن تزاحم اللغتين الوطنيتين. القانون يمنع استعمال لغة أجنبية في الإدارة الحكومية، استنادًا إلى دستورالبلاد. ولكن القانون لايطبق عندنا في هذه الحالة، والدستور لايحترم، فتقع ما نسميه (الفوضى اللغوية)، وهي مقدمة للفوضى الهدامة التي تريد أطراف دولية نافذة أن تشعلها في بلادنا، لتضعف الدولة المغربية، ولتمزق النسيج الوطني، ولتجعل الفتنة السوداء ضاربة أطنابها. لا يمكن أن يقبل المغاربة أن تزاحم لغتيهم الوطنيتين الرسميتين لغة أجنبية مهما تكن. فهذه إهانة مرفوضة، ورجعية ممقوتة، وعودة بالبلاد إلى عهد الاستعمارعلى نحوصريح. وهوما يرفضه شعبنا رفضًا مطلقًا، وسيناضل ضده بالقانون واستنادًا إلى الدستور. أيها السادة، تفهموا أن للمملكة المغربية لغتين رسميتين وليس ثلاث لغات. خلصونا من هذه العبودية، وحررونا من هذه الهيمنة الفرنسية المفروضة علينا.