قال احمد البوز أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط إن تمثيلية المرأة في المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة يرتبط بتفاعل ثلاثة عناصر أساسية هي العنصر القانوني الذي يتجلى في إرادة المشرع والعنصر القضائي والذي يتعلق باجتهادات القضاء وكذا الواقع الاجتماعي والسياسي، معتبرا أن تطور الواقع سيجعل الواقع القانوني والقضائي مجرد تحصيل حاصل، مشيرا إلى تجارب الدول الايطالية والبلجيكية في الرفع من تمثيلية النساء الشيء الذي لم يتأت حسب البوز نتيجة إرادة المشرع فقط وإنما نتيجة واقع سياسي ومجتمعي متقدم افرز ضرورة تمثيل المرأة بنسبة مهمة في المؤسسات. وأدلى البوز بهذه التصريحات في ندوة وطنية حول موضوع "أيّ تصوّر للمناصفة في البناء الديمقراطي بالمغرب؟"، نظمتها فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بشراكة مع منظمة "هانس سيدل" السويدية يوم الثلاثاء 23/9/2014 بالرباط. وأضاف ان الفصل 30 من الدستور ينص على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج الوظائف الانتخابية، واعتبر هذا الفصل غير واضح نظرا لكونه ركز على الوظائف الانتخابية فقط مشيرا الى قرار المجلس الدستوري القاضي برفض معيار المناصفة في تعيين أعضاء الغرفة الدستورية. من جهتها أكدت فوزية العسولي رئيسة فدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، انه من غير الممكن الحديث عن تنزيل ديموقراطي حقيقي بدون ضمان تمثيلية للنساء في المؤسسات ،مشيرة ان الديمقراطية لم تعد يتعلق اليوم فقط بانتخابات حرة ونزيهة بقدر ما صبح تتعلق بمجموعة من العوامل التي من شأنها تمكين النساء والرجال من الحضور والمشاركة بشكل متساو في اتخاذ القرار. وأضافت العسولي ان قرار المجلس الدستوري الصادر بتاريخ 25 يوليوز 2014 قضى برفض معيار المناصفة في تعيين أعضاء الغرفة الدستورية باعتباره شكلا من أشكال التمييز السلبي، معتبرة أن هذا القرار لم ينصف المرأة ولم يكن متماشيا مع المقتضيات الدستورية الجوهرية والتزامات المغرب. وأشار ممثل مؤسسة هانس سايدل يوخن لباح في الندوة ذاتها ان المغرب خلال سنة 2011 كان في المرتبة 104 من حيث مؤشر المساوات بين الجنسين، حسب تقرير برنامج الأممالمتحدة للإنماء، الذي يصنف الدول حسب مؤشر التنمية البشرية وحسب المساواة بين الجنسين. وأضاف لباح أن المغرب انتقل سنة 2013 إلى الرتبة 84 ، ما مكنه من ربح 20 نقطة بفضل مقتضى دستوري وحيد هو مبدأ المناصفة الذي تجلى في الرفع من تمثيلية المرأة في البرلمان المغربي، بيد أن المغرب حسب تقرير 2014 خسر 6 نقط محتلا بذلك الرتبة 92. وتأتي هذه الندوة في سياق الأخذ بمبدأ المناصفة في الانتخابات الجماعية المقبلة، والذي من المفترض أن تشكل ظرفية ملائمة لدفعة جديدة في مسلسل انتشار البنيات الديمقراطية ضمن التصور الذي يحمله دستور 2011، والوضع الحالي للمغرب في مجالات المناصفة والديمقراطية التشاركية والتي لازال المغرب يحتل فيها المرتبة 129 طبقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لسنة 2013. وتجدر الإشارة ان فيديرالية الرابطة الديموقراطية لحقوق المرأة سبق ان اتهمت في بلاغ لها المجلس الدستوري "بأنه خرق مبدأ المناصفة، بعدما قرر سحب كل إشارة لمعيار المناصفة في تعيين أعضاء المحكمة، واصفة القرار بالتمييزي السلبي، مؤكدة أن هذا القرار مؤشر على أن المغرب يتراجع عن الإنجازات الديمقراطية في مجال الحقوق الإنسانية للنساء". وأكدت الفيدرالية أن المغرب صادق على اتفاقية "سيداو" لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1993 مع بعض التحفظات، وقد تخلى نهائيا عن هذه التحفظات في عام 2008 و2011 تم الإعلان مجددا عن هذا التخلي، والتوقيع على البروتوكول الاختياري المرتبط بهذه الاتفاقية.