المتفائلون من العرب يعتقدون أن الفرصة قد حانت لإعاد ة قراءة المشهد العالمى بعيون مغايرة والنظر للعلاقات مع أمريكا على أنها تسير نحو التبدل والتحول إلى مستويات أخرى تمس طبيعة الدور الذى يمكن أن تلعبه أمريكا فى الدفاع عن القضايا العربية والمصير العربى والمصالح العربية والأمن القومى العربي. وهذا التفاؤل يحمل فى طياته الكثير من الدلالات أهمها أنه ما زال بيننا من يرجو الكثير من واشنطن ويصر على أن الخروج من الأزمة العربية لن يكون إلا بمفاتيح أمريكية... لا يمكن أن نصدم هؤلاء بمرارة الواقع وبالعديد من الحقائق، فدعهم يتفاءلوا ودعهم يبنوا الأحلام عسى الوقائع تكذب كل التكهنات أو القراءات التى اتخذت منحى خاطئا وكانت مغرقة فى التشاؤم واستباق الأمور والافعال الخيرة التى قد تصدر من الحكومة الأمريكيةالجديدة. إلا أن هناك حقيقة أكيدة لا يمكن التغاضى عنها وهي أن الأمريكيين الذين انتخبوا ذاك الرجل الأسود يؤكدون جيدا أن نجاحه أو فشله مرهون بمدى قدرته على إخراجهم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التى عصفت بالاقتصاد الأمريكى وحولت نعيمهم المادى ورفاهم الى جحيم، الازمة التى أقلقت المجتمع الأمريكى وجعلتهم يفكرون فى حلول عاجلة. وآخر الأخبار تشير أن الخطة التى وضعها بوش والتى سميت بخطة الانقاذ مازالت لم تصل بعد الى المرجو منها لأن السيولة المطلوبة لم تف بالغرض ولم تنعش البنوك الامريكية من جديد، فقد طالبت عشرات الشركات الكبرى بخطة تحفيز مالية بقيمة لا تقل عن 300 مليون دولار وحثوا الرئيس اوباما على الإسراع فى اختيار الاعضاء الذين سيتولون الشؤون الاقتصادية تحت إمرته. الموقف خطير إذن وأهم الشركات الأمريكية مهددة بالافلاس، والافلاس يعنى الانهيار الكلى للاقتصاد والمجتمع بما سيخلقه من ظروف صعبة للحياة، ذلك أن الأزمة المالية قد دفعت الاقتصاد العالمى للركود وضيقت الخناق على أسواق الائتمان ورفعت مستوى البطالة وتسببت فى اضطراب إنفاق المستهلكين والنتيجة هى التملل الذى يعرفه قطاع واسع من المجتمع الأمريكى والمشاكل الاجتماعية التى سيحدثها. الموقف خطير وفى غاية الصعوبة ولايمكن لأحد أن يتصور النتائج التى قد يصل إليها الوضع إن تواصلت الازمة وعجز أوباما عن إزالتها أو التخفيف من وطأتها. لكل ما تقدم فإن باراك أوباما سيعمل جاهدا من أجل إرضاء قطاع واسع من الشعب الامريكى الذى راهن عليه وصوت لفائدته وسيسعى إلى العمل للتأسيس للمصلحة الاقتصادية الامريكية وسيبذل كل الجهود من أجل تحقيق ذاك الهدف. وتبعا لما تقدم وتبعا للازمة الخانقة التى تمر بها أمريكا وشركاتها العملاقة التى تشغل الالاف، هل سيترك أوباما بلده يغرق فى أتون الفوضى والمشاكل التى خلقتها وستخلقها الازمة المالية ويتجه لحل الازمات العربية المتعددة والشائكة والتى عجز رؤساء أمريكا السابقون عن حلها ودفعها نحو الانفراج... أزمة الداخل الامريكى هي الاولوية لدى أوباما، فأين أولويات العرب وأين مصالحهم وأين استراتيجياتهم المستقبلية وأين قراءاتهم للمشهد السياسى العالمى وأين وأين..؟