لمهرجانات السينما أهمية غير عادية في تطوير العملية السينمائية إنتاجا وتوزيعا، فهي تعطي فرص توزيع الأفلام السينمائية سيما بعد أحداث ما أطلق عليه الربيع العربي الذي دمر أكثر ما دمر الثقافة والثقافة السينمائية تحت شعار "الحرام" بعد أن أستحوذت قوى متخلفة فكريا وحضاريا على مقاليد الحياة السياسية هنا أو هناك حتى باتت الكثير من البلدان العربية بدون صالات سينما بدون مسارح وبدون حياة وبالمحصلة بدون هوية. عندما تسقط السياسة يسقط النظام وعندما تسقط الثقافة يسقط الوطن. تأتي المهرجانات السينمائية لتشكل البدائل عن عروض الأفلام في بلدانها وقد تفتح الباب للموهوبين من السينمائيين والجيد من المنتوج السينمائي كي يجد فرصته في صالات السينما في العالم. من بين المهرجانات السينمائية المتميزة "مهرجان سينما المؤلف" في الرباط، فإن له نكهة خاصة، حيث المخرج السينمائي عندما يكون هو المؤلف فإن عمليتين إبداعيتين تكملان بعضهما التأليف والإخراج. وأنا أحد الميالين إلى أن تكون أفلامي من تأليفي حيث أنا أيضا أكتب وأنشر الرواية والقصة وأدرس السيناريو وأنظم ورش لكتابة السيناريو الذي هو الأساس الأول للفيلم السينمائي ومن خلاله يضمن المخرج الفيلم الجيد عندما تكون مادة الفيلم مكتوبة بشكل جيد. عملية التأليف السينمائي هي عملية خلق لا يمتلكها الكثيرون. فكتابة القصة السينمائية هي عملية خلق أولى ثم تأتي عملية الخلق الثانية وهي كتابة السيناريو ويأتي المخرج كي يبعث الحياة في الكتابة ولا نستثني عملية المونتاج ودور المونتير في عملية الخلق السينمائية هذه. من هنا تأتي أهمية مهرجان سينما المؤلف في الرباط. ولعل تنظيم ورشة عمل مركزة لكتابة السيناريو هي أحدى مهام المهرجان الأساسية إذ هي من صلب فكرة سينما المؤلف. مهرجان سينما المؤلف يركز على المخرج المؤلف للقصة أو للسيناريو أو لكليهما. وطبعا ليس من السهل الحصول على كمية من الأفلام المؤلفة من قبل مخرجها تغطي مساحة المهرجان وكلها من تأليف المخرج ولكن المهم أن الأفلام المتسابقة والمتنافسة على الجوائز ينبغي أن يكون مخرجها هو مؤلفها وتبقى الأفلام المشاركة الأخرى غير المؤلفة من قبل المخرج السينمائي هي عروض خارج المسابقة. بهذه الصفة يأخذ المهرجان بعده الحقيقي وهدفه الهام. إن مهرجان الرباط لسينما المؤلف يحتاج إلى إنتقاء لجنة تحكيم تدرك معنى السينما تأليفا وليس فقط شكل الفيلم السينمائي على الشاشة. إذ أن مناقشة الفيلم المؤلف من قبل المخرج هي إحدى بنود شرط المنافسة وشرط الجائزة السينمائية. لمست في الدورة السابقة للمهرجان حضوراً متميزاً لجمهور السينما المغربي. وكان المهرجان الذي يبدو بسيطا ومتواضعا وغير مبهرج يبدو متألقا في قيمته الفنية وخلق علاقات ثقافية وندوات هامة على هامش المهرجان ومن النشاطات الثقافية التي ميزت الدورة السابقة للمهرجان هي "نجيب محفوظ والسينما" للسينمائي التسجيلي "هاشم النحاس" كانت ندوة ثقافية متميزة شاهدنا من خلالها فيلما عن نجيب محفوظ مؤلفا. التأكيد على عملية الخلق الأدبية للسينما هو شأن هام ينبغي للمهرجان التركيز عليه ولذا فإن وجود ورشة عمل لكتابة السيناريو ينبغي أن تكون ملازمة لكل دورة من دورات المهرجان. أشد على يد منظمي مهرجان سينما المؤلف بحرارة وأطلب من الجهات المعنية عن الثقافة في المغرب دعم هذا المهرجان السينمائي بغية تطويره فهو مدخل لسينما هامة في عالم الثقافة السينمائية المتمثلة بالمخرج السينمائي المؤلف وخلق كتابة الفيلم السينمائي لمخرج جديد وغير تقليدي. سينمائي وكاتب مقيم في هولندا [email protected]