كما هو معلوم أن تصحيح الأخطاء اللغوية التي شاعت في كتابتنا ليست وليدة اللحظة، بل خصصت لها دراسات عند القدماء كالكسائي في كتابه ب»ما تلحن فيه العامة» وقد كان الكسائي وغيره من أئمة اللغة يقفون في ذلك الوقت سدا أمام اللحن الذي شاع في عصر دخلت فيه طوائف غير عربية إلى حواضرهم،حتى وصل الأمر بهذه الطوائف إلى اللحن في القرآن الكريم، كما ابتعد الناس عن صفاء اللسان العربي الأول، الذي طغت اللهجات الجديدة عليه، وصارت خليطا من العربية البعيدة عن القواعد. من هذا المنطلق ظهر علماء يدافعون عن اللغة العربية وينفون عنها التحريف والتصحيف فخرج للأمة «إصلاح المنطق» لإبن السكيت و»غلط المحدثين» للخطابي البستي، و»ذرة الغواص في أوهام الخواص» للحريري البصري. وفي العصر الحديث نجد «لغة الجرائد» لإبراهيم اليازجي، و»أخطاء اللغة العربية عند الكتاب والإذاعيين» لأحمد مختار عمر و»تحريفات العامية للفصحى في القواعد والبُنيات والحروف والحركات» لشوقي ضيف، و»تقويم اللسانين» لمحمد تقي الدين الهلالي. لكن حال اللغة العربية اليوم في الصحف والمجلات، يكتشف وجود أخطأ كثيرة، ومثل هذه الأخطاء يجب أن تكافح، لأن انتشارها يؤدي إلى فساد اللغة. ونحن أبناء وحراس اللغة العربية من صحفيين وكتاب ومدرسين ومذيعين واجب علينا تنبيه الناس إليها، كي يتجنبوا الوقوع فيها، وبذلك نكون قد خدمنا لغتنا التي هي لغة القرآن، وحميناها من الضعف، ومما لاشك فيه أن جميع الأمم تعتني بلغاتها، وتسعى إلى حمايتها والدفاع عنها. والأخطاء التي ترتكب في حق لغتنا من طرف أبنائها كثيرة ومتنوعة، بعضها أخطاء صرفية، تركيبية، معجمية. وسنبدأ مع الأخطاء التركيبية: من الأخطاء التي شاعت في لغة الجرائد اليومية حتى ظنها بعضهم صوابا، تقديم المُؤَكد على المؤكد، إذا كان التأكيد بلفظي : «النفس والعين»، فنشاهد بعض الكتاب والصحفيين يكتبون مثلا «وفي نفس الوقت تراه مينا دانيال فنانا شهيدا «، ومثال آخر» وأنا أحب نفس الفكر الذي تحبه أنت «ومثال آخر» وهو نفس ما عبرت عنه الرويسي» والأصل أن لا يتقدم المؤكد على المؤكد فالنفس من ألفاظ التوكيد فكيف تقدم على الذي جيء به لتؤكده؟ فالصواب في هذه العبارات أن يقال: «أنا أحب الفكر نفسه الذي تحبه أنت» وأيضا في المثال الآخر نقول وهو ما عبرت عنه الرويسي نفسها « وفي المثال الآخر نقول: « وفي الوقت نفسه تراه مينا دنيال فنانا شهيدا «. كما سنمر إلى كشف الغطاء عن الأخطاء الصرفية، نجد بعض الكتاب والصحفيين يرتكبون بعض الأخطاء في الجمع فنجدهم يجمعون جموع لاتصح والمثال التالي يوضح ذلك: بائس وبؤساء نقول في الدلالة على الرجل الذي افتقر واشتدت حاجته وصار مسكينا: بائس، يقول تعالى: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) الحج:28. لكن عندما نريد الجمع نقول بؤساء قياسا على : عاقل وعقلاء ، وفاضل وفضلاء وهذا خطأ من جهات : أولا : إن بؤساء جمع « بئيس « وهو الشجاع وليست جمع « بائس «. ثانيا : لايقاس جمع بائس عل «عاقل وفاضل» فهذا الجمع سماعي . وهذا الخطاء وقفنا عليه في بعض الجرائد المغربية لكن الجمع الصحيح الذي ورد عند العرب واستعملته « لبائس» هو «بائسون»