فاضت علينا سجية عبد الحكيم الهلالي، الكاتب والقاص والشاعر، بديوان شعر تنوع بين قصائد الشعر العمودي وقصائد الزجل والملحون وقصائد الشعر الحر، في عمل انتقى له من أطيب العناوين عنوان " فيض السجية". يضم الديوان المذكور 101 قصيدة شعرية، تتوزع بين 27 قصيدة من كلاسيكيات الشعر العمودي، و42 قصيدة تتوزع بين الزجل والملحون، و32 قصيدة من الشعر الحر، موثقة بالتواريخ والأمكنة، ولم يتم درج القصائد في الديوان تبعا للتسلسل الكرونولوجي أوالجغرافي أو التيمي، فنجد شعرا كتب في السبعينيات، يليه آخر من الألفية الثانية ثم عودة للثمانينيات فانتقال بين مدن المغرب، كذلك الشأن بالنسبة للمواضيع التي نهلت من كل فنون الشعر غزلا ومدحا وهجاء ورثاء وقصائد قومية وطنية. خط عنوان الديوان الذي جاء في حجم متوسط من 169 صفحة، بريشة الفنان المغربي محمد قرماد، ورسمت الفنانة التشكيلية والمهندسة المعمارية ثورية هيلالي لوحة الغلاف التي تضم رسومات لنساء بألبسة عصرية ذات ألوان بارزة يطغى عليها اللون الأخضر. تضمنت مجموعة عبد الحكيم الهلالي القصائدية، مواضيع شعرية مختلفة فارتشف من الغزل عسلا وبقرب الحبيبة قام كالثمل، وعندما سقطت البسمة من شفاه حبيبته صارت كلمات شعره جوفاء، ومن الرثاء أصدقاء طاب معهم المقام، ومن مناجاة لله ومدح للرسول عليه السلام ناد وهو مكظوم رباه، وأقر بأن عند ربه خير منقلب، ومن الهجاء في ناس حسبهم أناسا فهيهات فالناس في وطر بعدما جار الزمان، ومن صداقة ذاق مرا حتى ناد بأن الغدر من شيم اللئام، فما عاد عبد الحكيم الهلالي يدري لما دار الزمان دورته؛ هي قصائد وأخرى أبدع فيها الشاعر وارتقى، حاكيا تجاربه في الحياة اليومية مدونا أحداثا عاشها وتعايش معها خلال سفره العمري، بين حياة المراهق العاشق والطالب الجامعي وبين رجل شاخ فوق قافية الكلمات وسبح في عروض بحور الشعر فأجاد سباحة الفراشة والسباحة على الظهر، ولم يترك فنا شعريا إلا وسبح فيه. وثق عبد الحكيم لقصائده، استرق من زخم الحياة وقتا، اقتطع به لنفسه وقفات، وخرج بديوان شعر نثر فيه ما جادت به قريحته، ونحى بمساره من الزجل فالشعرالعمودي والشعر الحر، من واد زم شد الرحال في سفر الإلهام، فانعرج على فاس ومكناس وبني ملال، وحط بالرباط فالبيضاء وفي مدينة العيون كان له في الشعر شجون، وفي تونس كان لابنته أنس.