يعيش مبارك ناتج حياة صعبة تحمل كثيراً من الفقر والمرض، حالته تستدعي الرحمة والمساعدة له وللذين يعيشون معه ، وقصة مبارك تتشابه مع عشرات قصص فقراء ضاقت بهم السبل وغلبوا على أمرهم، لكن مبارك الكفيف في امس الحاجة الى المساعدة فهو عاجز ويعيش في عالم مظلم، وكبرياؤه وأنفته منعته من مد يده للغير، يعاني مبارك وفق التقرير الطبي من اعتلال في الرئة وداء السكري، الآمر الذي منعه من العمل ومتابعة الحياة بطريقة طبيعية ولم تكتف ظروفه بذلك، بل زاده الإحساس بالظلم وعدم المقدرة على رد حق ضاع منه هما على هم وفقرا على فقر، رحلة حياة مبارك التي امتدت طوال خمسة وستين عاماً عاش اغلبها مع أسرته في بيت بال مظلم وآيل للسقوط تفوح رائحة الرطوبة والكآبة من أرجائه و تسكنه الحشرات والفئران، ومياه المجاري تفيض وتسري على ارضيته، بينما أثاث المنزل البسيط لا يتعدى بضع أواني أكل الدهر عليها وشرب ، أما المطبخ فهو عبارة عن طاولة لا يتعدى طولها مترا مليئة ببقايا أواني مستخدمة لا يمكن النظر إليها لسوء حالتها ... حياة تثير فضول أي إنسان يسمع حديث مبارك وهو يداري فقره وظلمه في قلبه أو يرى بيته العفن، ولا تقتصر مأساة مبارك عليه فقط، بل تتعداه إلى أسرته وولديه فابنته التي وصل عمرها إلى ستة عشر عاماً لا تفرق بين الألف والباء ولم تتعلم أو تدخل المدرسة لعدم تمكنه من توفير مصاريف المدرسة وأخوها كذلك لا يعرف الكتابة ولا القراءة ، يقول مبارك كلما أمسك أحدهم بكتاب لا أتمالك نفسي وادع دموعي تنهمر لأني أحس أنني السبب في عدم عيشهم حياة الأطفال العاديين أو تمكينهم من العلم الذي يعتبر سلاحا يواجهون به الفقر وظروف الحياة الصعبة ولكن ما باليد حيلة فالعجز عن توفير المال أو مصاريف المدرسة جعلني أتمنى فقط أن أطعمهم وأجد كسوتهم فقط، أما العلم في حياتنا فهو من الكماليات، وفيما تقبع البنت في البيت،و يعاني الابن من البطالة، يعتمد مبارك واسرته على ما تحصل عليه زوجته من بيع السجائر، ناهيك عن متطلبات المرض الذي ألم به، فجعلت منه حالة إنسانية يصعب وصفها .. لا يتمنى مبارك الكفيف سوى الستر الذي هو أهم مبادئه في الحياة والذي يرى أن تحقيقه يكمن في احترامه لنفسه وللناس، يقول مبارك في وصف قصته ونبرة صوته مليئة بالحزن والأسى أنه كان له شقيقة اسمها عائشة وكانت عاقرا وسيدة أعمال تمارس التجارة قبل وفاتها وكان لها حساب بنكي بمؤسسة بنكية وبه رصيد مالي، وبعد وفاتها فوجئ ورثتها أن حسابها تم استبداله في اسم شخص وهمي الشئ الذي دفعه إلى رفع شكاية يطالب من خلالها بإحالة ملفه على المركز القضائي للدرك أو الفرقة الوطنية للشرطة للوصول إلى الحقيقة لان الأمر هنا حسب شكايته يتعلق بنصب وخيانة الأمانة والتزوير ويختم مبارك أن ثقته في نزاهة القضاء كبيرة وانه حالما يسترد حقه ستتبدل حياته وستتحسن..