المتتبع للحلقة الأخيرة من البرنامج الحواري 90 دقيقة للاقناع الذي تبثه قناة ميدي أن تي في والذي إستضاف السيد وزير العدل و الحريات سيخرج حتما بانطباع غامر يعكس حجم الحرج والورطة الذي أضحى وزراء الحزب الحاكم في حكومة الرئيس بن كيران يتحملونه في الدفاع عن حصيلة حكومة يقودها أمينهم العام . السيد مصطفى الرميد وإسوة بزملائه و رفاقه في الحزب وجد صعوبة كبيرة في تسويق حد أدنى إيجابي للقطاع الحساس الذي يشرف عليه و عجز عن إقناع حتى محاوريه داخل الاستديو فبالأحرى ملايين المغاربة الذين تابعوا نسقا غير متماسك من الأماني و الوعود و المنجزات التي لم تتضح بعد مجسدة على أرض الواقع . وزير العدل و الحريات الفاعل الحقوقي السابق الذي نزلت على كتفه ذات يوما هراوة الأمن تحول في لحظة من البرنامج الى مدافع عن التدخل الأمني العنيف حين يكون مبررا و متناسبا في نظره دون أن يفصل للحقوقيين المغاربة مفهوم هذا التبرير و التناسبية و حدودهما . نفس الوزير أقر بوجود التعذيب في المغرب لكنه إستدرك بأنه ليس منهجيا . السيد الرميد وإسوة برئيسه في الحزب والحكومة ردد شعار عفا الله عما سلف وبرر إحجام الحكومة عن الوفاء بالشعار المركزي للحملة الانتخابية لحزبه الحاكم في شأن محاربة الفساد بكون خيار ما وصفه بمطاردة الساحرات قد تكون له أثار سيئة على إقتصاد البلاد و أقر في لحظة معينة بأن الفساد أكبر من أن نقضي عليه و إنه إذا تسرعنا في القرارات الكبرى فسترجعنا للوراء حسب تعبيره . الواضح جدا أن السيد وزير العدل و بقية وزراء الحزب الحاكم يتماهون الى أبعد الحدود مع وضع المسؤولية الوزارية والحكومية التي تفترض أحيانا بعض التحفظ ووضع الانفعالات و الشعارات و المواقف الكبيرة ومعها الأعصاب في ثلاجة مثلما هو الأمر حين يفشل في تبرير إنقلابه على المعطلين ويعترف أنه كان يساند حقهم في التوظيف المباشر في أواخر التسعينات لكنه غير موقفه منذ منتصف العقد الجاري . مشكل الحزب الحاكم و ووزراءه و مناضليه الذين تحملوا مسؤولية تدبير الشأن العام أنهم يدركون بأنهم وصلوا الى موقع الحكم انطلاقا من الشعارات الثورية التي ظلوا لسنوات يدغدغون بها عواطف المغاربة و أنه اليوم ليس في إستطاعتهم ترديد نفس الشعارات أو تبرير عدم الالتزام بتحقيق المطالب و المنجزات المترتبة عنها . باختصار شديد لقد استقالت حكومة بن كيران ووزراء الحزب الحاكم من مسؤولية مطاردة الفساد و محاصرته و زجر الفاعلين له واستقالت أيضا من مسؤولية الحفاظ و الدفاع عن حقوق الأفراد و الجماعات مثلما استقالت قبل ذلك عن الوفاء لأدنى ألتزاماتها تجاه عشرات آلاف المغاربة الذين منحوها صوتهم .