هل يشعر سيد قطب بالسعادة الآن؟ لقد رفعت ميليشيات التوحش الإنسانى رايات قالوا إنها مماثلة لرايات غزوات نشر الإسلام.. رفعوها وهم يعدمون المئات رميًا بالرصاص.. ويضعون لوائح الموت وشروط البقاء حيًّا. هل حققت داعش حلم سيد قطب وأصبحت هناك «دولة إسلامية»؟ سيخرج مجموعات من الطيبين ويقولون: داعش التطبيق الخاطئ للحلم الصح.. يقولون ذلك وهم لا يعرفون داعش، لم يتأملوا أنها مثل «فرانكشتاين» الكائن الذى تكوّن من نفايات الأفكار والقيم والمبادئ البشرية.. يجمع القبح والإجرام مع السحنة المسكينة. داعش هى خليط النفايات، يحملون رايات يتصورون بها أنهم «الصحابة»... و«أميرهم» رسول.. «وأنه أينما وُجدت راياتهم فإن الله يسعد فى السماء».. يرتدون كما تخيل مصممو ملابس المسلسلات والأفلام التاريخية ويحملون أسلحة حديثة ويتركون لحاهم تتشكل حول رؤوسهم لتبدو وحدها راية أو علامة على مغادرة اللحظة.. هم طيبون يمكنهم إقامة مذابح فى ثانية.. من بينهم مجرمون بالفطرة وحالمون رومانتيكيون يتخيلون الحياة موديلا صنعه آخرون... إنه الهوس بحثًا عن الزمن النقى/ الذهبى وبطولات خرافية كلها تنتهى بالدم. تكتمل التركيبة بتغيير الاسم واختيار «اسم فنى» يشير إلى عنوان القصة «المهاجر» أو «البغدادى».. كان كل منهم عنوان شخص وليس الشخص نفسه. من يمولهم؟ إنهم نفس الذين يشعرون بالرعب منهم. تتكرر أسطورة أسامة بن لادن و«القاعدة» مع داعش، حيث التمويلات من دول تشعر بالتهديد منهم الآن.. وكأن تخليق الكائن المخلوق من النفايات الذى يكبر ويلتهم صنّاعه هو أنجح عروض هذه المنطقة. ليس هناك إسلامى معتدل إذن.. كلهم يشربون من نفس البحيرة المسمومة.. يتخيلون أنهم أنبياء ومرسلون وصحابة فى مهمة «هداية» هذه المجتمعات.. والهداية تتم بالإخضاع أو القتل أو تدمير الحياة. إنهم يأكلون حياتنا. يدمرونها بالخوف منها أو عليها. كل منهم فرانكشتاين يأكل روحه ثم يستدير ليلتهم كل شىء حى إلا ما يتغذى عليه من نفايات تراكمت بكل عفنها وانحطاطها ودمويتها لتصبح تلك الكائنات المخيفة المدمرة. من يمولهم؟ هل يصلون إلى القاهرة؟ عندما كان صدام حسين يقف متباهيًا على أطلال بغداد بأنه الزعيم والقائد، بينما قتل كل شىء حى فى العراق، كانت داعش مولودًا صغيرًا يرعاه الزرقاوى وأيمن الظواهرى.. كانت البذرة فى تلك التفاهات التى حكم بها صدام وتحولت إلى أسلحة تفتك بالحياة وتحيل البشر إلى وحوش بلا قلب، لكنها تحمل بنادق وصواريخ حديثة. الجيوش لا يمكنها التصدى ل«داعش» أو جيلها من ميليشيات الدمار الشامل.. «القاعدة» وصلت إلى أبراج نيويورك، رمز أمريكا، وبهاء طلعتها.. لكن أمريكا لم تتدمر، ولا تنهار. فالاختراق الأمنى يمكن مداواته، لكن تدمير المجتمع، كما فعلت كل الأنظمة الاستبدادية، هو الأرض التى تدخل عليها داعش وأخواتها. العراق مات قبل أن تصل إليه داعش. منذ أن تصور المستبد أنه إله يصنع معجزات، والبلاد وحىٌ من إلهامه.. حين تخيل الحاكم أنه هو البلد والبلد هو. هنا سقط العراق، وأصبح متاحًا لتأكله ميليشيات من جنسيات مختلفة، يبحثون عن ذواتهم الضائعة بالقتل والدمار. وكل بلد لها داعش تنتظرها فى الظل لتأكلها وتمصمص عظامها وروحها المنهكة. كل بلد ستجد سيد قطب خارجًا من قبره ليدمرها.. ويعلن قيام مملكة الله! لماذا تقوم مملكة الله على جثثنا؟ وهل لله مملكة على الأرض؟ لماذا؟ لماذ تقيمون دولا باسم الله؟ أو باسم الدين؟ ولماذا تقتلون كأنكم تقدمون حياتنا قرابين؟ ها أنا أوجِّه كلامى لمن لا يسمعون أو لكل متطرف فى داخلنا، تربى على أن سيد قطب رجل طيب أو عالم جليل أو مجرد كاتب مهتم بالفكر الإسلامى.. فهو فكرة لا يمكن دفنها فى التنظيمات المعتدلة ولا الطيبة.. كلما ظهر يخرج قتلة ودمويون وتجار اكتئاب وابتزاز الذنوب. كلما ظهر سيد قطب كان هذا موعدًا مع التعاسة والموت. هل أحكى لكم حكاية سيد قطب كما رأيتها؟ سنرى.